لطالما كانت القصيدة بالنسبة إليه كلوحة بين يدي فنان، ما إن يأتي الوحي حتى تشكل نفسها بنفسها، فرسم لنا عالمه الخاص على هيئة حرف.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 20 أيلول 2017، الشاعر "علي أسعد" ليحدثنا عن تجربته الشعرية منذ بدايتها، حيث قال: «البداية كانت في سن العشرين، وقبلها كنت مغرماً بـ"العتابا" السورية، وأتقن تأليفها، كما كنت أكتب الأغنية العامية باللهجة المحكية، إلى أن شاء القدر ودخلت جنة الشعر تلك التي لا يدخلها إلا أصحاب الحظ الوافر من الإحساس والنقاء الداخلي، وقد قرأت لشعراء كثر، منهم: "المتنبي"، و"امرؤ القيس"، و"نزار قباني"، وغيرهم، لكن لم يكن لدي يوماً شاعر مفضل، بل لدي قصيدة مفضلة، كما أنه ليس عندي مطرب مفضل، بل عندي أغنية مفضلة».

لدي الكثير من المشاركات في الأمسيات ومختلف المناسبات في عدة محافظات، وقد صدر لي ديوان شعري بعنوان: "عزف على أصابع امرأة"، والآن أحضّر لديوان جديد يحمل اسم: "حديثنا يأخذ شكل قبلة"

يتابع: «ولدت في مدينة "حمص"، ونشأت في حضن والدي ذلك الرجل الذي يملك من الثقافة الكثير؛ فكان المؤثر الأول في شخصيتي وموهبتي، ولقريتي التابعة إلى مدينة "صافيتا" أيضاً سحرها وتأثيرها الخاص؛ فكلما زرتها مبتعداً عن ازدحام المدينة شعرت بأنني أدخل عالماً آخر خيالياً بالنسبة لي، فأجد نفسي بين مفردات الطبيعة وفي أحضان النهر والشجر، فكانت ولاتزال جنتي الصغيرة التي أهوى.

من إحدى المشاركات

كتبت كل أنواع الشعر العمودي والكلاسيكي والتفعيلة والمحكي، فالقصيدة -برأيي- هي التي تفرض ذاتها، كأي رسام يمسك الريشة بيده، وحين يأتي الوحي تتشكل اللوحة تلقائياً، وكل قصيدة يكتبها الشاعر هي صورة عن ذاته تشبهه من الداخل، هذا إن لم تكن مطابقة له تماماً، والقصيدة عالم مفتوح، وكل يوم هي في تطور تماماً كما يتطور هذا العالم تكنولوجياً واجتماعياً، فهي ابنة الواقع، لكننا نرى القصيدة الآن في مخاض بين صدّ وردّ، وقد حاول بعضهم إدخال أشكال جديدة إلى الشعر، لكنني شخصياً لا أرى في القصيدة إلا الوزن والإيقاع، وكل عمل أدبي يريد أن يسمي نفسه قصيدة عليه أن يحاكي أرواحنا وعقولنا، وإلا فاليطلقوا عليه اسماً آخر، ونحن سنصفق لهم».

وعن مشاركاته وأعماله، يقول: «لدي الكثير من المشاركات في الأمسيات ومختلف المناسبات في عدة محافظات، وقد صدر لي ديوان شعري بعنوان: "عزف على أصابع امرأة"، والآن أحضّر لديوان جديد يحمل اسم: "حديثنا يأخذ شكل قبلة"».

الشاعرة ريما محمود

ويكمل: «قديماً، كنا نقول: في العالم العربي لا يكرم الأديب إلا بعد موته، أما الآن، فقد أصبح التكريم موضة، ونرى أناساً يكرمون حتى ولو أنهم لا يعرفون الإملاء وقواعد النحو، ويا للأسف جاءت مواقع التواصل الاجتماعي لتخرب الأدب، وهنا لا بد من الدعوة إلى محاسبة من يمنحون التكريم والشهادات عبر صفحاتهم على مواقع التواصل وهم لا يملكون أي صفة رسمية، وربما كانوا بحاجة إلى تأهيل أدبي وخلقي ووطني. لكن في بعض الحالات أوصلت مواقع التواصل إلى الجمهور أدباء يستحقون فعلاً هذا الاسم. إذاً، التكريم مهمّ ومشجع للأديب والكاتب الحقيقي، لكن أيضاً يمكن أن يكون مشجعاً لمدعي الأدب على تخريب ما تبقى من تراثنا الذي نعتزّ به».

ويضيف: «ونحن جيل مازلنا نحيا على رائحة ورق الكتب وصفحاتها، التي لاتزال معششة في الذاكرة. أما معظم هذا الجيل، فقد أصبح افتراضياً بكل معنى الكلمة، فيحتفل بأغلى مناسباته افتراضياً، ويتراسل مع أصدقائه وأهله افتراضياً، حتى كاد ينسى أنه يعيش في الواقع؛ فقد خلقت وسائل التواصل شرخاً كبيراً بيننا وبين أبنائنا، وبين القراء والكتاب، وهنا واجبنا تحفيز الجيل على القراءة والبحث، وإن كان هناك طريقة، فهي تحتاج إلى مؤسسات وليس إلى عمل فردي».

الشاعرة "ريما محمود" ابنة مدينة "الدريكيش"، تقول: «لشاعرنا "علي" تجربته الفريدة والمتميزة مع القصيدة الحديثة، وأكثر ما يلفتني في قصائده التكثيف والرمز، لكن مع الحفاظ على المبنى والشكل الصحيح والصورة الشاملة والموسيقا، وهذه صفات القصيدة الحديثة التي نظمها بإتقان».

يذكر أن الشاعر "علي أسعد" من مواليد مدينة "حمص" عام 1972، درس في كلية الشريعة، ويعمل في مصفاة "حمص".