حب التميز والرغبة بأن تحمل مشاريع التخرج أفكاراً لها تطبيقات على أرض الواقع، دفعت "إلياس عربش" ليتبنى مشروع تصميم وتنفيذ طائرة من دون طيار، ليحصل بذلك على العلامة التامة وتقدير لجنة التحكيم، وذهبية بمعرض "الباسل" الأخير للإبداع والاختراع لتميز مشروعه.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 10 أيلول 2017، مع المهندس "إلياس عربش" خريج كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية جامعة "البعث"، وعن مشروع تخرجه الذي حمل عنوان: "تصميم نظام تتبع للطائرات متعددة المراوح بالاعتماد على تقنيات معالجة الصورة والذكاء الصنعي"، قال: «قد تتشابه الأهداف، لكن الطريق يختلف، وإيماني بنفسي والحرص على التميز دفعني إلى تقديم ما هو غير تقليدي، ومنذ بداية دراستي الجامعية ركزت على العملي أكثر من النظري، فأنا دخلت هذا الفرع عن رغبة؛ وذلك لقناعتي بأهمية تطبيق المشاريع على أرض الواقع. وعندما تم طرح الفكرة من قبل المشرفين على المشروع أعجبتني وأضفت إليها معالجة صورة والذكاء الصنعي لحبي لهذين الاختصاصين. بدأت مرحلة البحث والاطلاع وذلك لتفادي الأخطاء والعقبات التي رافقت عدداً من المشاريع السابقة، وبعد الانتهاء من تجميع الأفكار قمنا بشراء القطع، ثم تم تصميم وبناء الهيكل المعدني للطائرة وإضافة محركات، وتمت معايرته بأداة اختبار من صنعنا لتحديد توزع الكتلة والعطالة، وقمنا بتحديد نقاط الضعف، ثم قمنا على أساسها باستحضار هيكل مصنوع من مادة خفيفة من البلاستيك من "روسيا" مع محركات أصغر، إضافة إلى أنظمة اتصال لا سلكية. تمت معايرة الهيكل الجديد بأداة اختبار، ثم برمجة متحكم صغري متصل بالحساسات بجسم الطائرة لكي يؤمن استقرار الطائرة في الجو، وبعدها تمت برمجة معالج صغري مع معالج إشارة رقمي موجودين على الأرض باعتبارهما محطة أرضية، وذلك لتلقي إشارة الطائرة والتحكم بها، إضافة إلى ربطها بالحاسوب، وتكمن مهمة الحاسوب في معالجة صور فيديو كاميرا الطائرة وتحديد خوارزمية العمل، وبناء عليها إرسال أوامر تحكم لتنفيذ مناورة بالطائرة للمساهمة في تتبع الهدف وملاحقته، إضافة إلى عرض صورة كاميرا الطائرة. وخلال هذه المرحلة واجهتنا الكثير من العقبات، لكن تمكنا من حلها إلى أن وصلنا إلى مرحلة تحكم بالطائرة بطريقة مستقلة».

الهدف من المشروع استخدامه في عمليات المراقبة والاستطلاع واستكشاف الأهداف المجهولة. تم استخدام التطوير الذي أحدثناه في تحديد ومتابعة هدف من خلال واجهة الحاسوب لكي تقوم الطائرة بتتبع الهدف (والذي هو ذو موقع مجهول)، ويتحرك باستمرار والطيران فوقه بمسافة محددة، وبما أننا نعرف موقع الطائرة سيتم تحديد موقع الهدف. ما يميز المشروع هو استخدام تقنيات الهندسة العكسية في مجال قيادة وتحليق الطائرات بتكاليف منخفضة، إضافة إلى تصميم نظام تحديد وتتبع الأهداف حتى ارتفاعات متوسطة باعتماد خوارزميات دقيقة بنسخته الأولى والمسمى إيما-1. مشكلات المشروع يمكن وصفها بسهولة الآن، وهي زمن المعالجة الكبير الذي يستغرقه الحاسوب في تنفيذ تحكم بالطائرة، ونحن بصدد تخفيضه من خلال اعتماد برمجيات أحدث مع تطوير في هيكل الطائرة لكي يسمح لها بالتغلب على اضطرابات الجو وزيادة زمن التحليق

أما المهندس "إبراهيم نزار إبراهيم" خريج هندسة وماجستير في جامعة "دمشق"، وهو حالياً بإجازة دراسية لمتابعة دراسة الدكتوراه في "روسيا" باختصاص الروبوت والأنظمة الروبوتية، قال: «فكرة تصميم طائرة من هذا النوع ليست جديدة، لكن تم تطويرها واستخدامها في بلدنا بكفاءة وطنية؛ وهذا بحد ذاته إنجاز كبير. الوقت كان قصيراً، ولكنا لم نستسلم لضيق الوقت؛ لأن هدفنا الاستفادة من الخبرات والقدرات الوطنية لتحقيق هدف مهم؛ وهو حماية أرواح أبناء بلدنا.

الطائرة

الدور الذي قدمته هو التحكم وبرمجة دارات القيادة، لكن دور الطالب "عربش" أكبر في معالجة الصورة مع استخدام تقنيات برمجية حديثة في الحاسوب. إن فكرة المشروع بإيجاز هي إضافة إلى طائرات الدرون ميزة تتبع الأهداف والملاحقة اعتماداً على معالجة الصورة مع تنفيذ مناورات، وبسعر منخفض، حيث يصل سعر هذه الطائرات في الخارج مع هذه الميزة إلى أكثر من 5000 دولار، ونحن تكلفتنا بحدود 200 دولار بسبب العمل بكفاءات وطنية، وهي إصدار مبدئي، ونحن بصدد تجاوز المشكلات بالاستفادة من خبرات باحثين في هذا المجال لإصدار النسخة المطورة لاحقاً».

وتابع: «الهدف من المشروع استخدامه في عمليات المراقبة والاستطلاع واستكشاف الأهداف المجهولة. تم استخدام التطوير الذي أحدثناه في تحديد ومتابعة هدف من خلال واجهة الحاسوب لكي تقوم الطائرة بتتبع الهدف (والذي هو ذو موقع مجهول)، ويتحرك باستمرار والطيران فوقه بمسافة محددة، وبما أننا نعرف موقع الطائرة سيتم تحديد موقع الهدف.

مع لجنة التحكيم والمشرفين

ما يميز المشروع هو استخدام تقنيات الهندسة العكسية في مجال قيادة وتحليق الطائرات بتكاليف منخفضة، إضافة إلى تصميم نظام تحديد وتتبع الأهداف حتى ارتفاعات متوسطة باعتماد خوارزميات دقيقة بنسخته الأولى والمسمى إيما-1. مشكلات المشروع يمكن وصفها بسهولة الآن، وهي زمن المعالجة الكبير الذي يستغرقه الحاسوب في تنفيذ تحكم بالطائرة، ونحن بصدد تخفيضه من خلال اعتماد برمجيات أحدث مع تطوير في هيكل الطائرة لكي يسمح لها بالتغلب على اضطرابات الجو وزيادة زمن التحليق».

الدكتور المهندس "مجد الدين العلي" أستاذ مساعد في قسم الهندسة الإلكترونية والاتصالات بجامعة "البعث"، والمشرف على المشروع، قال: «المشروع بداية ناجحة لمشاريع عديدة، ويعدّ من المشاريع الهادفة، مع وجود ثغرات لم نستطع التغلب عليها في وقتها، ونعمل حالياً عليها، فنحن نعمل منذ ثلاث سنوات على مشاريع كهذه ولم تنجح الطائرة بالإقلاع، لكن أخيراً نجحنا وطارت الطائرة وقامت بمناورات عديدة، وسيتم تطويرها. عادة يشارك أكثر من طالب بمشروع كهذا، لكن "عربش" قام به بمفرده؛ وهذه نقطة إيجابية بحقه؛ فهو طالب متميز بحبه للبحث عن المعلومة ومجتهد ومثابر، ومن الطلاب الأوائل في قسم الميكاترونيك. مرّ المشروع بمراحل مختلفة، حيث تم نمذجة طائرة رباعية المراوح وتطبيق خوارزمية معالجة الصورة على برنامج "الماتلاب" في سبيل التحقق من آلية الحركة والتحكم، ثم تم تصميم هيكل الطائرة بالاعتماد على برنامج التصميم الميكانيكي وتطبيق خوارزمية برنامج الطيران المنفذ في المشروع، الذي يعدّ الجزء الأصعب، إضافة إلى تركيب كاميرا على هيكل الطائرة مع معالجة الصور رقمياً بالحاسوب وإرسال الأوامر إلى الطائرة عن طريق جهاز الاتصال، وتم تصميم دارات مواجهة مع الحاسوب من أجل نقل نتائج المعالجة من الحاسوب إلى برنامج القيادة ضمن الطائرة».

ذهبية الباسل بمعرض االإبداع والاختراع الأخير عن تميز المشروع

وتابع: «مستقبلاً سنعمل على استخدام تقنية النانو؛ وهي بالمعنى الدقيق استخدام خواص فريدة للمادة نحصل عليها عندما تقترب أبعاد البنية من حجم الجزيء أو الذرة. وتهدف إلى تحقيق واستخدام بنى وأجهزة وأنظمة تملك خواصاً ووظائف جديدة فريدة نتيجة أبعادها الصغيرة جداً، حيث تتغير الخواص الضوئية والكهربائية والكيميائية للمواد بالكامل من خلال تعديل البنية الدقيقة لها. سنعمل على زيادة حجم الطائرة مع المحافظة على وزنها المنخفض، وذلك باستخدام هيكل للطائرة مصنع من مواد نانوية تمتاز بأنها متينة جداً، لكنها في الوقت نفسه خفيفة الوزن. المواد النانوية التي يمكن استخدامها في هذا المجال ألياف الكربون النانوية والغرافين؛ فباستخدام هذه المواد سنكون قادرين على تصنيع هيكل للطائرة يمتاز بمتانته ومقاومته للعوامل الجوية، وخفة وزنه، وستكون الطائرة بهيكلها الكبير قادرة على حمل عدد أكبر من كاميرات مراقبة نانوية خفيفة الوزن ومتينة، كما يمكن حل مشكلة البطارية باستخدام ألواح شمسية مصنعة أيضاً بتقنية النانو ستكون متينة وخفيفة الوزن وذات كفاءة عالية؛ وسيكون بمقدور الطائرة الطيران لمسافات بعيدة، ولمدة زمنية طويلة».

يذكر أن "إلياس عربش" من مواليد "القصير"، عام 1995.