"العهدة النبوية" مخطوطة أثرية موجهة من النبي "محمد" إلى النصارى في دير القديس "جاورجيوس" والمنطقة المحيطة به، تتكلم عن تعهد سلام وأمن بين المسلمين والمسيحيين كضمان من الرسول "محمد" وكل الصحابة الذين ختموها.

زارت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 أيار 2017، دير القديس "مارجرجس الحميراء البطريركي" في قرية "المشتاية" بريف "حمص" الغربي، والتقت الأب "أنطونيوس طوبا" من كهنة الدير، فقال: «العهدة النبوية كتبها "معاوية بن أبي سفيان" بإملاء من "محمد" رسول الله يوم الإثنين بعد أربعة أشهر من الهجرة إلى "المدينة"، وقد ختمها كل الصحابة ومضوا عليها. وهي تعدّ نوعاً من ميثاق وعهد أعطاه الرسول آنذاك للمسيحيين لتضمن حياة آمنة وسالمة بين الجميع وعلى مرّ العصور، فيذكر في متن العهدة على سبيل المثال: "ولا ينفى أسقف من أسقفيته، ولا نصراني عن نصرانيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا سائح عن سياحته، ولا راهب عن صومعته". كما يذكر أيضاً: "لا يهدم بيت من بيوت كنائسهم، ولا يدخل شيء في بناء المساجد ولا في منازل المسلمين، فمن فعل ذلك نكث عهد الله وخالف رسول الله، وخان ذمة الله". وتضيف العهدة: "ولا تطلب جزية منهم إلا ما أمرت به أنفسهم". وهي عهدة تعطي أماناً وضماناً حقيقياً للمسيحيين الذين كانوا موجودين في ذلك الوقت، وهي عهد اتخذه الرسول "محمد" على نفسه وعلى كل المسلمين المؤمنين من ملّته بأن يجعلوا حياة المسيحيين آمنة يعمّها السلام».

هي ميثاق وضمان للسلام بين المسلمين والمسيحيين، وهي عهد من رسول الله "محمد" والصحابة والمسلمين المؤمنين، التاريخ يوثق السلام والمحبة وكل أساليب الاحترام لجميع أفراد المجتمع، وهي وثيقة تاريخية وأثرية تعبر عن العمق الإنساني بكلماتها وأختامها، حيث نرى فيها أختاماً دائرية دوّنت داخلها الجمل والمفردات التي تضع للسلوك قواعد مبنية على أسس أخلاقية، وهي تملك بعدين مهمين: الأول هو العهد بحدّ ذاته، والثاني هو القيمة التاريخية لها؛ لأنها تحولت إلى مخطوطة أثرية

يضيف الأب "طوبا": «الرسول "محمد" أعطى ثلاث عهد للمسيحين؛ واحدة موجودة في "القدس"، وواحدة في "سيناء" داخل دير القديسة "كاترينا"، والأخيرة أعطاها إلى مسيحيي دير "القديس جاورجيوس" الحميراء هنا، وجميعها تتكلم عن ضمان التعهد بالسلام والأمان لمسيحيي تلك المناطق؛ لذلك كان دير "القديس جاورجيوس" الحميراء يعامل معاملة خاصة في مختلف الأزمنة وحتى في زمن الاحتلال العثماني، فكان معفى من الجزية، وكانت أراضيه واسعة جداً وكبيرة، وأيضاً كل من كان تحت عهدة ورعاية الدير كان له احترام ومعاملة خاصة، ففي قديم الزمان مثلاً كان دير "مار جرجس" تابعاً إلى وادي "عكا"، الذي أعطى هذا الدير ثلاث رخص للبناء بسبب معاملته الخاصة وحمايته من كل أذى؛ وهذا كان أمراً مهماً».

ترجمة العهدة العمرية الموجودة في دير الحميراء

وعن المخطوطة الأصلية يضيف الأب "طوبا": «العهدة الموجودة في دير "مارجرجس" الآن، وهي عبارة عن صورة عن المخطوطة الأصلية، إضافة إلى ترجمتها؛ لأنها مكتوبة بالخط العربي القديم، والأصلية موجودة الآن في مركز "دراسة المخطوطات والتوثيق"، ومحفوظة ضمن مخطوطات الدير في دير "البلمند" البطريركي في "لبنان"، والهدف من ذلك هو إعادة ترميمها؛ فالورق الذي كتبت عليه العهدة من جلد الغزال، وكل الكلمات المكتوبة بداخلها كتبت داخل أختام، أي داخل دوائر؛ لعدم إضافة أي مفردة إليها أو محو أي كلمة دونت بها. يوجد في الترجمة الموجودة بالدير الآن بعض الأقواس في داخلها فراغات؛ وهي المفردات التي لم تعرف ترجمتها حتى الآن».

وعن أسماء الصحابة الموجودة في العهدة، الذين ختموها يضيف "طوبا": «بالنسبة إلى أسماء الصحابة الذين وقّعوا عليها هم: "أبو بكر الصديق"، و"عمر بن الخطاب"، و"عثمان بن عفان"، و"علي بن أبي طالب"، و"أبو درداء"، و"أبو ذرة"، و"أبو هريرة"، و"عبدالله بن مسعود"، و"عبدالله بن العباس"، و"حمزة بن عبد المطلب"، وأيضاً "فضيل بن العباس"، و"الزير بن العوام"، و"طلحة بن عبد الله"، و"سعد بن معاذ"، و"سعد بن عبادة"، و"ثابت بن القيس"، و"زيد بن ثابت"، و"عبدالله بن زيد"، و"حرقوش"، و"زيد بن ارقم"، و"أسامة بن زيد"، و"عثمان بن مطعوم"، و"دوا بن جبير"، و"أبو العالية"، و"عبدالله بن عمر القاضي"، و"أبو حذيفة"، و"ابن عسير"، و"ابن ربيعة"، و"عمار بن يامر"، وأخيراً جاء "هاشم بن عصبة"، و"حسان بن ثابت"، و"كعب بن مالك"، و"كعب بن كعب"، و"جعفر بن أبي طالب"؛ جميعهم ختموها يوم الإثنين تمام أربعة أشهر من السنة الرابعة من الهجرة بالمدينة».

دير مارجرجس الحميراء

الأب "يوسف رزق" كاهن رعية قرية "المشتاية" حيث مكان دير "مارجرجس"، قال عن "العهدة النبوية": «هي ميثاق وضمان للسلام بين المسلمين والمسيحيين، وهي عهد من رسول الله "محمد" والصحابة والمسلمين المؤمنين، التاريخ يوثق السلام والمحبة وكل أساليب الاحترام لجميع أفراد المجتمع، وهي وثيقة تاريخية وأثرية تعبر عن العمق الإنساني بكلماتها وأختامها، حيث نرى فيها أختاماً دائرية دوّنت داخلها الجمل والمفردات التي تضع للسلوك قواعد مبنية على أسس أخلاقية، وهي تملك بعدين مهمين: الأول هو العهد بحدّ ذاته، والثاني هو القيمة التاريخية لها؛ لأنها تحولت إلى مخطوطة أثرية».

دير البلمند في لبنان