تحلّى بموهبة جبلتها الفطرة، وحبكتها خيوط الرغبة بالتميز، فالإبداع وليد الاهتمام لا الظروف الشخصية، والثقة بامتلاك تعويذة الحروف تجعل من الزجل شهيقاً وزفيراً ينبض مع ارتجاجات الصوت.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 23 نيسان 2017، الشاعر "سمير سارة"، الذي حدثنا عن بداياته بالقول: «كانت سنوات المراهقة مفتاح بداياتي الشعرية، فقد أحببت نظم الزجل وأحسست به يجري في دمي؛ لذا شاركت في العديد من حفلات الأعراس، وتعلمت العزف على آلتي العود والبزق، وكان لحفلات الزجل مع الأصدقاء بالغ الأثر في تقوية مفرداتي وتحسين صوري الشعرية، فالزجل كالألماس يحتاج إلى الصقل والتلميع، وكل قصيدة هي عبارة عن لوحة تحتاج إلى لمسة فنية ونظرة احترافية وتدقيق بالتفاصيل؛ لتصويرها بأبهى حلة وأجمل هيئة».

كانت سنوات المراهقة مفتاح بداياتي الشعرية، فقد أحببت نظم الزجل وأحسست به يجري في دمي؛ لذا شاركت في العديد من حفلات الأعراس، وتعلمت العزف على آلتي العود والبزق، وكان لحفلات الزجل مع الأصدقاء بالغ الأثر في تقوية مفرداتي وتحسين صوري الشعرية، فالزجل كالألماس يحتاج إلى الصقل والتلميع، وكل قصيدة هي عبارة عن لوحة تحتاج إلى لمسة فنية ونظرة احترافية وتدقيق بالتفاصيل؛ لتصويرها بأبهى حلة وأجمل هيئة

وعن تأثير المكان في وهبته، قال: «لولادتي في قرية "مشتى عازار" عام 1948 بصماتٌ واضحة على صوري الشعرية ومفرداتي، حيث إن الشاعر في النهاية هو ابن منطقته، فما من شجرة إلا تسلّقتُها وجلست تحت ظلها، وكل ينبوع اتحد بصوتي واتخذ مجراه في دمي سحراً، وعبق الأزهار مازال يُعرش على أطراف أناملي، ولم تسمح الظروف المالية لأهلي بمتابعة دراستي بعد الصف الثامن، حيث كان لا بد من استئجار غرفة في منطقة "مرمريتا" والإقامة بمفردي؛ لذا تركت المدرسة مبكراً، لكنني لم أترك الكتاب».

ديوانه الثاني

وتابع بالقول: «عشقت الزجل منذ البداية، وفضلته على باقي الأنواع الشعرية؛ لأنه يُحاكي الناس على مختلف مستوياتهم الفكرية، بلغة سهلة بسيطة، ويلامس هموم المجتمع، ويجب أن تمتاز كل قصيدة بلغة واضحة ومفردات مميزة وصور تشبيهية قوية ومتنوعة، وكل ذلك يوضع في إطار متماسك ونغم إبداعي يصاحب صوتاً رخيماً يتلاعب على وتر الحروف، ومعظم قصائدي للوطن والشهادة والتمسك بالأرض، كما كتبت أنواعاً مختلفة من الزجل، كـ"العتابا" و"الميجانا" و"الشروقي"، وغيرها، ولكل منها لون مختلف من أنواع الزجل، وباعتقادي أنه يمثّل هوية تراثية مميزة لكل منطقة، وسرداً بسيطاً لأحداث تاريخية لأفراد غيبهم التاريخ المعاصر، ويمكن اعتباره وسيلة الاتصال بين الحدَث والمتلقي قبل وسائل الإعلام الوسيطة أو الحديثة».

أما عن الغزل في قصائده، فقال: «لقصائدي الغزلية حكاية أخرى، لأن على الشاعر أن يجعل من القصيدة فناً متكامل الأطراف للوصول إلى غايته، وقد مثّل حضور المرأة في هذا الفن العريق منذ مطلعه بوابة للمخيلة، حيث ظهرت فيه ملهمةً وحبيبةً وعاشقةً وأمّاً وملاكاً، وكانت محركة للعواطف واللهفة، وباعثة على الحنين والشوق، وقابضة على مكنونات الزجل من ألفه إلى يائه، وقد استحضرتها في أكثر من صورة، لكن أروع صورها تبقى في هيئة الأم، وقد قلت فيها:

ديوانه الأول

"يا أم يلي الكون بوجودك بدي... يا من ببحر العاطفي متعمدي

أنتي يا شمعة شاعلي وموقدي... دبتي بحنينك تا ولادك تسعدي

الدكتور جودت إبراهيم

ومن وقت ما انتي خلقتي بتعبدي... الله الكريم وبالفضيلة مزودي

أنتي بصدى الأيام شعلة عاطفي... ومن طول عمرو الحب عندك سرمدي"».

أما عن مشاركاته ومؤلفاته، فقال: «بدأت تدوين الشعر الزجلي بعد عودتي من "دمشق" إلى "مشتى عازار" عام 1990، وظهرت في عدة مقابلات تلفزيونية وبرامج في "سورية"، و"لبنان"، وأخيراً في برنامج "أوف" الذي ساهم في إعداده الشاعر "موسى زغيب"، وشاركت في العديد من الأمسيات الشعرية في المراكز الثقافية، وأسّست مع عدد من الزملاء والأصدقاء "جوقة المحبة" للزجل عام 2013، وصدر لي ديوانان شعريان الأول باسم "ضيعة الشعر الحلو" سنة 2008، والثاني "بستان الغزل" عام 2010».

دكتور الأدب العربي "جودت إبراهيم" المدرّس في جامعة "البعث"، قال: «يعدّ الزجل فنّاً مشغولاً على نول الحنين والعاطفة، وقد عملت مع "الهيئة السورية للتنمية" على دراسة جوانب من النشاطات في "وادي النضارى"، وكان أبرزها الأدب الشعبي والزجل، ووثقت جانباً كبيراً من الأشعار الزجلية في المنطقة، حيث لا يقل الزجل من الناحية الفنية أهميةً عن الشعر المقفى والموزون، ويمتاز بالخفة والسهولة والحيوية والواقعية والظرافة، والبعد عن التعقيد، ويجب أن تتكاتف الجهات الرسمية مع الجهود الفردية للشعراء لمد يد العون لشعراء الزجل، وطبع دواوين لهم ونشرها».

وأضاف: «الشاعر "سمير سارة" صورة لا أجمل ولا أحلى لقرية "بحّور" التي شبهها بالثريا وقد علقت بغيمة ممطرة، ويشبه الوصول إليها لوجودها في الجبال، وخاصة لمن يأتي إليها من ناحية "وادي النضارى" كمن يصعد إلى السماء، ويقول في مقطوعته "شقفة من الجنة":

"لو رحت ع بحور تتزور الحمى... الي فيها جبال شاهقة وجوري حما

كل ما بطلعه طلعت لامست الغيوم... متل الكأنك جد طالع عالسما

بحور انتي أرض خضرا بتنبتي... علم وثقافة والنظر عن تلفتي

من ضيعتي من هون عم شوفك أنا... متل الثريا معلقة بغيمة شتي"».

الجدير بالذكر، أنّ الشاعر "سمير سارة" كان متطوعاً في الجيش العربي السوري، وتقاعد نتيجة إصابة في "حرب تشرين" عام 1973.