تداول المؤرخون قصة تاريخ مدينة "حمص" في أكثر من كتاب ومصدر، حتى ارتبطت الأمثال التي يرويها الأجداد لأحفادهم بالتاريخ، ومنها "وأذل من قيسي في حمص"، ويعود إلى حقبة دخول العرب إلى المدينة.

المعمر "رفعت رسلان" أحد سكان حي "عكرمة الجديدة" في المدينة، شرح لمدونة وطن "eSyria" التي التقته بتاريخ 29 تموز 2016، عن معنى هذا المثل الشعبي، بقوله: «تعدّ عروبة "حمص" قديمة العهد جداً، لا نستطيع أن نحدد عهدها الأول بها، فقد ورد ذكرها في أقدم المنظومات الشعرية، وممن ذكرها قبل الإسلام "امرؤ القيس الكندي" الذي توفى سنة 80 قبل الهجرة في رائيته التي مطلعها: (سما لك الشوق)؛ إذ تقول أبيات منها:

يعني المثل أن الخلاف القيسي اليماني في أرض المدينة الذي انتهى لمصلحة اليمانية أذلّ القيسية، ولم يبقَ فيها أحد منهم، وسبّب الخلاف الذي نشأ بينهما في "حمص" و"حماة" النفع على تاريخ المدينة وسكانها لخلق نوع أدبي مهم هو أدب النكتة في حالة تعبيرية متقدمة لعكس الواقع الاجتماعي بقالب ساخر، فكان الحماصنة من رواد هذا الأدب وهذه الحركة الاجتماعية بارتباط تاريخي لمجتمعهم

لقد أنكرتني بعلبك وأهلها... ولابن جريح في قرى حمص أنكرا

رفعت رسلان

وليس كما يعتقد الكثيرون أن "حمص" لم تعرف العرب إلا بعد الفتح الإسلامي فقط».

ويضيف: «كما يُعدّ المثل العربي القديم والمشهور "أذل من قيسي في حمص" من الأدلة الظاهرة على عراقة العرب في "حمص" قديماً وقبل الإسلام، وأصله كما يروي الرواة أن رجلاً اسمه "قيس" من "بني عدنان" تخاصم مع رجل من "بني قحطان" وطالت الخصومة بينهما حتى تحولت إلى حقد قاتل، وتعصب لكل فريق منهما من العرب، وأدى ذلك إلى حدوث فتنة شديدة بين الحجازيين واليمنيين سقط فيها ضحايا كثيرة من الفريقين وتوارث الخلف حقد السلف وامتدت هذه العصبية إلى الحضر، فحدث بينهم ما حدث بين البدو وغلبت اليمنية في "حمص"، وذل القيسي وهجر أفرادها المدينة ولم يبق منهم فيها غير رجل واحد فكان ذليلاً للغاية، حتى ضرب به المثل في المذلة، ومنذ ذلك الوقت انتشر هذا المثل على ألسن العرب، وأصبح مَثلاً متداولاً بينهم».

ماهر السقا

"ماهر السقا" مهتم بالتاريخ ومن سكان "حي الخضر"، تحدث عن قراءته لتفاصيل المثل تاريخياً بقوله: «يعني المثل أن الخلاف القيسي اليماني في أرض المدينة الذي انتهى لمصلحة اليمانية أذلّ القيسية، ولم يبقَ فيها أحد منهم، وسبّب الخلاف الذي نشأ بينهما في "حمص" و"حماة" النفع على تاريخ المدينة وسكانها لخلق نوع أدبي مهم هو أدب النكتة في حالة تعبيرية متقدمة لعكس الواقع الاجتماعي بقالب ساخر، فكان الحماصنة من رواد هذا الأدب وهذه الحركة الاجتماعية بارتباط تاريخي لمجتمعهم».

ويضيف "السقا" عما يقوله المؤرخون عبر الزمن عن هذا المثل بقوله: «يقول المؤرخون عن العلاقة بين المدينتين أنه قبل الفتح الإسلامي كان هناك صراع وعراك ومذابح بين قبائل القيسية واليمانية، وعندما جاء الإسلام خفت حدتها في عهد الخلفاء الراشدين، ودخل القيسيون واليمانيون إلى "سورية"، ومن باب المصادفة أو من باب الاختيار وضع اليمانيون في حمص والقيسيين في "حماة"، وكان العرب قديماً عندما كانوا يريدون أن يشغلوا الناس عن عمل السياسة يثيرون النعرات بين "حمص وحماة"، لذلك يقول المثل الشائع لديهم: "أذل من يماني في حماة، وأذل من قيسي في حمص"».