نتيجة لظروف تاريخية كثيرة حدثت في منطقتنا من قبل (اجتماعية وسياسية واقتصادية أو حتى كوارث طبيعية..) أدت إلى تنوع وتعدد الأسر والعائلات التي سكنت "حمص".

وتشير العديد من المصادر التاريخية إلى تنوع واختلاف المناطق التي انحدرت منها هذه الأسر وأصل الكنية التي حملتها على مر الأجيال.

الكلمة تعني الكاتب، الذي يحسن الكتابة والقراءة، ومن أعلامهم الشيخ "ناصيف اليازجي" الحمصي الأصل واللبناني المولد..

وللتعرف أكثر على أصول هذه العائلات والمناطق التي أتت منها، وأصل الكنية التي حملتها التقينا بتاريخ (19/10/2008) الباحث التاريخي الحمصي "نعيم الزهراوي" صاحب الأجزاء السبعة التي نشرها والتي تتحدث عن أسر "حمص" والجذر السكاني فيها، وأماكن العبادة، وأشهر رجالاتها، وسألناه كيف استطاع الحصول على معلوماته فيما يخص الجذر السكاني الحمصي؟ فقال: «حصلت على معظم المعلومات اللازمة للبحث في ضوء ما توصلت إليه من الوثائق، والوقفيات وسجلات المحاكم الشرعية القضائية، والصكوك المدنية كالبيع والشراء والحجج المدونة في علاقات الناس مع بعضهم البعض بالزواج والطلاق، وهذا ما أعطانا الدليل على معرفة الإنسان عن الموروث (من الجد الأعلى وحتى نهاية عام /1918/).»

الباحث "نعيم الزهراوي"

وقد جاء في الصفحة (260 حتى 271) من كتاب (الجذر السكاني الحمصي ج5) للباحث "الزهراوي" ذكرٌ لعدد من كنيات الأسر الحمصية وأصل هذه الكنيات، منها: ("بربر": أي حلاق، "جمل": من أسماء الحيوانات التي كان يتكنى بها العرب ويفتخرون به، "حداد": صفة عمل الحدادة، "حكيم": لقب بتعاطي مهنة الطب، "حسواني": من مدينة حسياء، "رستم": اسم علم للجد، "فتّال": صناعة المواد النسيجية من الخيطان وفتلها من أصل فتّال، "قاعي": اسم جد من أرض البقاع، "قهوجي": من صناعة القهوة أو العمل بالقهوة، "مطر": اسم جد تيمناً باسم المطر عطاء الخيرات، غنّوم: تعاطي العمل بالغنم أو الربح،.. والكثير من معاني الكنيات الأخرى نجدها في هذا الكتاب.

أما عن أصل تسمية معظم الأسر في "حمص" فذكر لنا "الزهراوي" أن: «هؤلاء العائلات منهم من تسمى على اسم الألقاب مثل (أبو طوق، أبو جنب، أبو زر، غندور، بيتنجانة، وغيرها)، ومنهم من تسمى على اسم البلدة أو المنطقة التي جاء منها مثل (جبيلي، أورفلي، حلبي، حوراني، نبكي، دير عطاني، شامي، طرابلسي، توماني...)، ومن هذه الأسر من حملت كنيتهم لقب العمل أو الصنعة التي اتخذها أحد جدود العائلة مثل (صيرفي، بوّاب، سمّان، حلواني، طحّان، معماري، صبّاغ..) وبعض الأسر حملت كنياتها اسم علم للأب مثل (شاهين، صطوف، ملحم..) ونجد كثير من الأسر المسيحية حملت أسماء قديسين مثل (سركيس، زكا، باخص، لويس، باصيل..)»

شجرة أسرة "آل سمعان"

ولمعرفة نسب بعض العائلات الكبيرة والشهيرة في "حمص" قمنا بالرجوع إلى عدد من الكتب والمراجع المتعلقة بذلك كما أجرينا عدداً من اللقاءات مع أشخاص من هؤلاء الأسر أفادونا ببعض ما يعرفونه عن ذلك:

ففي كتاب (الجذر السكاني الحمصي ج5) أيضاً نذكر ما ورد فيه على سبيل المثال لا الحصر ما توصّل إليه الباحث عن أصل بعض الأسر الحمصية: "آل فركوح": «أصل الأسرة من "النبك" وأحد أجداد الأسرة "توما" سكن "حمص" وأنجب ولدين (ابراهيم وميخائيل) فابراهيم نجب "نعمة" وميخائيل لا عقب له، أما "نعمة" فأنجب ولداً عام /1902/ اسماه "ابراهيم" وكان أصفر الجلد ولهذا السبب لقبّوه "فركوح"...»

السيد مروان شريط

"آل اليازجي": «الكلمة تعني الكاتب، الذي يحسن الكتابة والقراءة، ومن أعلامهم الشيخ "ناصيف اليازجي" الحمصي الأصل واللبناني المولد.. »، "آل سمعان": «وترجع التسمية نسبة إلى "سمعان" الجد الأعلى أول من سكن "حمص" منذ أكثر من ثلاثمئة عام، وأصل الأسرة من لبنان، وهي فرع من عائلة شدياق، واسم "سمعان" هو اسم ديني كثير التداول وواسع الانتشار»

"آل الأتاسي": «أتت الكلمة من لقب تركي بمعنى الأب أو الشيخ المحترم، وقد خرج من هذه الأسرة فضلاء ونبغاء لا يحصون، أما اسم العائلة الأصلي فهو العطاسي، وينسب إلى جدّ لهم لقّب بالعطاس فألحقت فيما بعد ياء النسبة باللقب ثم خففت العين فاصبحت ألفاً كما في الأطاسي، ثم خففت الطاء فأصبحت تاءً...».

وجاء في موقع "آل الأتاسي" على الانترنت في باب أصل الأسرة ونسبها أنها: «أسرة حمصية هاشمية النسب.. انتقل جدهم من اليمن إلى المدينة المنورة في الحجاز، حيث التف حوله بعض طلاب العلم الأتراك فأحبوه لعلمه وانتسابه إلى النبي محمد (ص)، وطلبوا منه أن يرحل معهم إلى بلدهم في تركية لينتفع به سكانها، فأجابهم إلى طلبهم ورحل إلى تركية لنشر العلم وتدريسه وسكن بها وتزوج بها، ثم نزل وأحد أولاده مدينة "حمص" وقطنها، وبها أعقب وكان نسله..».

وفي تصفحنا كتاب (ديوان الشيخ "أمين الجندي") للباحث "عبد الفتاح رواس قلعجي" الصادر عن وزارة الثقافية هناك سرد في بدايته لأصل أسرة "الجندي" العريقة شرفاً ونسباً ومكانة في "حمص" والتي قدمت إليها من "معرة النعمان" وذكر في صفحة (47) من الكتاب أن: «أسرة "آل الجندي" ترجع بنسبها إلى "العباس" عم الرسول (ص).. و"الجندي" هو لقب غلب على الجدّ السادس للشاعر "أمين الجندي" لانتظامه في سلك الجندية».

وفي البحث الذي قدّمه أ. "أحمد سليم طه" عن بلدة "تلبيسة" في (مجلة البحث التاريخي ج8) والصادرة عن الجمعية التاريخية بـ"حمص" /2006/ أورد في الصفحة (134): «وآل الجندي ينتسبون إلى "العباس بن عبد المطلب" عم رسول الله (ص)، وقد ثبت نسبهم بموجب الوثيقة المقدمة إلى المحكمة الشرعية بـ"حمص" عام /1909/ م..».

وفي سياق الموضوع نفسه التقينا مجموعة من الأشخاص الذين ينتمون إلى بعض العائلات الحمصية الشهيرة، وسألناهم عما يعرفونه عن أصل أسرتهم ومعنى الكنية التي تلقّبت بها..

وخلال زيارتنا إلى بيت أسرة "آل السباعي" في الحي المسمى على اسمهم (حي بني السباعي) كان هناك مجموعة من أبناء أسرة "آل السباعي" الكبيرة والعريقة متواجدون هناك، فحدثنا أكبرهم سنّاً الحاج "صالح محمود السباعي" أن: «أسرة "آل السباعي" هي أسرة عربية جاءت إلى "حمص" من مدينة "الساقية الحمراء" في المغرب، من خلال الجد الأكبر "عبد القدوس"، وقد جلب معه وثيقة تثبت انتساب العائلة للأسرة الهاشمية..».

وعن أصل كنية "السباعي" ذكر أحد الموجودين في المنزول وأيّده البعض أنه: «يقال أن الجد الأكبر للعائلة كان يمتلك شجاعة وجرأة كبيرة، حتى أنه استطاع ترويض السباع وإخضاعها، ولكن لا شيء يؤكد هذه القصة..».

ومن الأسر الشهيرة أيضاً في "حمص" أسرة "آل الدروبي"، وقد التقينا الصحفية "رفاه الدروبي" وسألناها عن أصل أسرة "الدروبي" وسبب التسمية فقالت: «حسبما قرأت للباحث "أحمد وصفي زكريا" في كتابه (عشائر الشام) قال أنه: لما كانت الدولة العثمانية تعتمد على التركمان، فقد سلّمتهم حماية الطرق وجباية الأموال على الدروب والطرق.. فأصبح يطلق عليهم اسم "الدربة" أو "الدروبي"».

وأضافت: «هناك أسرتان في "حمص" تحملان اسم "الدروبي" الأولى من أصل تركماني كما ذكر المرجع السابق، والثانية أصولها عربية كما جاء في كتاب (تاريخ الأدب العربي ج2) أن: قبيلة الدريبي إحدى القبائل القحطانية في اليمن جاء قسم منها إلى الشام وسكن شرق مدينة "حمص".. ويقال سمي حي (باب الدريب) نسبة إليهم».

وفي لقائنا مع الأستاذ "مروان شريط" أحد مؤسسي نادي البشارة الرياضي في "حمص" ذكر لنا أن «أصل اسم أسرته هي (مهنّا) وقد جاءت الأسرة إلى "حمص" من منطقة "راس بعلبك"، واشتهروا بتجارة الجمال، حيث كانوا ينظمونها على صف بعضها البعض، بشكل شريط ممتد، فأصبح فيما بعد لقب العائلة "شريط"».

وفي الختام لا يسعنا إلا أن نقول أننا حاولنا بشكل مختصر من خلال هذه المادة إلقاء الضوء على معاني كنيات بعض الأسر في "حمص" وأصل أنسابها، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر، لأن هناك الكثير من العائلات الحمصية ذكرت في الكتب والمراجع السابقة لكن لم نأت على ذكرها لضيق المساحة المتوفرة.