يعدّه الكثيرون من الشباب المهتم بالمسرح قدوة لهم؛ لما يمتلك من روح محفّزة، وإمكانيات قادرة على معرفة مكامن الموهبة والتميز في أي شخص يرغب في دخول عالم "أبو الفنون". وعلى الرغم من عدم إكمال مرحلة الدراسة الأكاديمية، إلا أن "إياس خضور" امتلك مواهب التمثيل والإخراج والإضاءة وتدريب الرقص التعبيري، فكان الشاب المتكامل الذي يُنتظر منه الكثير.

يقول "إياس خضور" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 نيسان 2018، عن بداياته مع الخشبة: «تعلقت بالمسرح منذ كنت في الثانية عشرة، بفضل الفنان الراحل "لاوند هاجو"، حيث شاركنا بمهرجان "الطلائع" في مدينة "دير الزور"، وبعدها انقطعت عن المسرح حتى عام 1997، ثم رجعت مع الفنان "مالك المحمد" لمصلحة منظمة "الشبيبة" في مدينة "حمص"، لكن العمل لم يرَ النور في ذلك الوقت لعدة ظروف. وأثناء ذلك كان والداي من المشجعين لي، وخاصة أمي التي وقفت معي ودعمتني دائماً. بعد ذلك تعرّفت إلى المخرج المسرحي "سامر أبو ليلى" وبدأت رحلتي الطويلة معه، فأسسنا فرقة "حقيبة مسرحية" سنة 2001، وقدمنا عرضاً بعنوان "رحلة الشمال"، وحينئذٍ قدمت أوراقي للانتساب إلى "المعهد العالي للفنون المسرحية"، وأصبحت طالباً فيه ضمن قسم الرقص التعبيري، لكنني تركت المعهد في السنة الثانية، وتلك السنتين أكسبتاني الكثير، فبعد ذلك بمدة قصيرة دعاني الفنان الدكتور "سامر عمران" للمشاركة معه بعرض إيمائي، لكن العمل توقف بسبب الغزو الأميركي لـ"العراق". في عام 2004، دعاني الفنان "زهير العمر" للمشاركة بعرض إيمائي بعنوان: "غفوة"، وقد قدمناه في مهرجان "غلاطة" في "اسطنبول"، وبعد عودتي من "تركيا" التحقت بأصدقائي في فرقة "حقيبة مسرحية"، الذين كانوا يعملون على مشروع ارتجالي بعنوان: "بروفا لنا" بإشراف الفنان "سامر أبو ليلى"، لكن لم أكن معهم ممثلاً، بل كنت المشرف على الإضاءة، لتبدأ بعدها مرحلة ملأى بالعمل على خشبات المسرح».

نحن المسرحيين متطلبون دائماً، لكن إذا نظرنا جيداً إلى واقع المسرح بعد هذه الحرب الضروس، فالوضع جيد برأيي الشخصي، مع العلم أنه يمكن أن يكون أفضل، علماً أننا نشتغل أغلب الوقت مجاناً، لكن الحب والاندفاع، وإقبال الجمهور على العروض، وحماسة المواهب الشابة، ينسينا كل المتاعب، ويجعلنا نستمر بذات الحب والشغف

بدأت رحلة "خضور" الاحترافية في بداية عام 2006؛ بشراكة مهمة ما زالت مستمرة مع المخرج "سامر أبو ليلى"، حيث يقول: «بدأت رحلتنا مع عرض "بساط الريح"، وقد كنت مشرفاً حركياً في العرض، ومدرب ليونة وجسد في فرقة "حقيبة المسرح"، وهو العمل الذي ما زلت أقوم به حتى الآن، وهو عمل مهم جداً لأي موهبة تريد الدخول في عوالم المسرح الذي لا تنتهي أسراره على الرغم من آلاف السنين على نشوئه. في عام 2008، كنت ممثلاً ومخرجاً مساعداً في عرض ثورة "القتلى"، وفي ذات العام شاركت كممثل ومشرف حركي في عرض "البوليس"، وكنا مشاركين به ضمن "دمشق عاصمة للثقافة". وتابعنا العمل في كل سنة، وكنت في عام 2015 مدرّساً لمادة الليونة المسرحية في المركز الثقافي الشعبي في "حمص".

إحدى دورات إعداد الممثل

وفي عام 2016، صمّمت مشهداً حركياً لافتتاح "يوم المسرح العالمي"، حيث قام بتقديمه طلاب دورات التمثيل في مركز الثقافة الشعبية. وفي عام 2017، كنت مدرّس مادة الليونة المسرحية في جمعية "شباب الخير" ضمن برنامج الدعم الذي قدمته "الأندوف" لجمعية "شباب الخير"، وفي عام 2018، كنت مدرّباً وممثلاً ومشرفاً حركياً في عرض تخرج طلاب دورة التمثيل في جمعية "شباب الخير"، الذي حمل عنوان: "الدمامل"، وهو من إعداد وإخراج "سامر أبو ليلى"».

وعن الرؤية المسرحية للنصوص الموقعة بلغات عدة، ورأيه كمسرحي في الفروقات بين هذه النصوص، قال: «أنا لا أرى الأمور بطريقة نص عربي أو أجنبي، فمن الناحية الأدبية يمكن أن نجد نصاً عربياً يتقاطع مع الأفكار التي أحب قولها وأؤمن بها، ويمكن أن يكون نصاً أجنبياً يحمل مقولة أؤمن بها أيضاً، ورؤيتي كمخرج أنه يجب إيصالها إلى المتلقي. لغاية الآن لم أقم بإخراج عرض مسرحي كامل، بل كنت مخرجاً مساعداً مع الفنان "سامر أبو ليلى"، وضمن "ريبرتوار حمص المسرحي" حصلت على فرصة رائعة عندما عملت على نص "طقوس الإشارات والتحولات" للمبدع "سعد الله ونوس"، وضمن التدريبات عملنا على نصوص للمبدعين "محمد الماغوط"، و"سعد الله ونوس"، و"زكريا تامر"، و"وليد إخلاصي"».

مشهد من أحد العروض المسرحية

وعن رؤيته لحال المسرح في الوقت الحالي، يقول: «نحن المسرحيين متطلبون دائماً، لكن إذا نظرنا جيداً إلى واقع المسرح بعد هذه الحرب الضروس، فالوضع جيد برأيي الشخصي، مع العلم أنه يمكن أن يكون أفضل، علماً أننا نشتغل أغلب الوقت مجاناً، لكن الحب والاندفاع، وإقبال الجمهور على العروض، وحماسة المواهب الشابة، ينسينا كل المتاعب، ويجعلنا نستمر بذات الحب والشغف».

أما فيما يتعلق بالمهرجانات المسرحية، وقدرتها على تلبية حاجة المسرحيين للظهور والإبداع، فأضاف: «أظنّ أن هناك مشكلة حقيقية بهذا المجال، فمن غير المعقول أن تتعب مدة شهرين أو ثلاثة لتقدم عرضاً واحداً ضمن مهرجان إن أقيم، فيقام مرة واحدة في العام، وإذا لم يكن هناك مهرجان، فليس هناك عروض.

الدخول في عمق الشخصية

المسرحيون أكثر أناس ظلموا، وهذه حقيقة نعيشها، مع أن المسرح هو أبو الفنون، وهو الأصعب، إلا أنه الأفقر، وهذه مشكلة حقيقية وخطرة.

أما أين يكمن الخطأ؟ فأظن أن المشكلة الأكبر التي نواجهها أننا لا نملك مشروعاً ثقافياً واضح المعالم، وأنا هنا لا أتكلم عن الأفراد، وإنما أتكلم عن عمل جماعي مؤسساتي؛ إن كان خاصاً، أو برعاية حكومية».

المخرج المسرحي "سامر أبو ليلى" تحدث عن شراكته مع الفنان "إياس" بالقول: «عمل تحت إدارتي كممثل في أول مسرحية أخرجها، وكان عمره بحدود 18 سنة، وهي ضمن فرقة أسسناها في الجامعة، أطلقنا عليها اسم فرقة "حقيبة مسرحية" عام 2002، وتوالت الأعمال بعدها. وخلال هذه المرحلة درس "إياس" الرقص التعبيري في المعهد العالي لمدة سنتين، ولم يكمل دراسته بسبب ظروف خاصة، وعندما عاد من "دمشق" إلى "حمص" عمل معنا في الفرقة، وبدأت الاعتماد عليه لتدريب الليونة والحركة. ولاحقاً بعد عام 2015 تحول الممثل الشاب إلى شريك إبداعي في العملية الفنية ضمن أعمالنا المسرحية، فتارة يكون مساعد مخرج، ومرة أخرى مدرّباً وممثلاً، لكن بقي الاعتماد الأساسي عليه في الحركة والليونة وإعداد الممثل».

يذكر أن الفنان "إياس خضور" من مواليد مدينة "حمص"، عام 1982.