حبها للمطالعة، ودراستها للأدب العربي، كانا الدافع لصقل موهبتها الأدبية، ووضعها في المسار الصحيح؛ إنها الشاعرة "رحاب رمضان"، التي جسّدت الواقع السوري عبر قصائدها، فكتبت للوطن والشهيد والمرأة والواقع الاجتماعي، وتم تكريمها أكثر من مرة.

«الشعر هو الكلام الذي لا يقال إلا شعراً، والقصيدة هي ابنة الروح، وخلجات النفس الصافية والصادقة؛ فهي نقلة الروح باتجاه النور والوقوف على حقيقة الذات». هذا ما بدأت به الأديبة "رحاب رمضان" حديثها لمدونة وطن "eSyria" عندما تواصلت معها بتاريخ 22 كانون الثاني 2018، وتابعت عن مسيرتها الأدبية بالقول: «علاقتي حميمة مع القلم والحروف منذ الصغر، فكتبت قصتي الأولى "عيد ميلاد" بعمر 13 سنة، فنالت إعجاب أصدقائي وأساتذتي وأهلي الذين كانوا الداعم والمشجعين لموهبتي، وخصوصاً أنني عشت في بيت يقدّر قيمة الأدب ويعلم دوره في الحياة اليومية والعملية والثقافية. وخلال هذه المرحلة بدأ انفتاحي على عالم الأدب والثقافة، فكتبت قصيدتي الأولى "بيت حنين"، التي كانت الأقرب إلى قلبي لما تحمله من مشاعر حزن وحنين وشوق، أضف إلى أنني من خلال مطالعاتي المبكرة والمتنوعة لكتب التاريخ والأدب العربي تأثرت بشعراء العصر الحديث كـ"محمود درويش"، و"نزار قباني"، و"سميح القاسم"، و"المتنبي"، و"بدر شاكر السياب"، الذين أخذوني بحروفهم وصورهم الرائعة، وحسن توظيفهم للغة الشعرية وجمالية مكنونهم الفكري؛ وهو ما دفعني إلى دراسة الأدب العربي، الذي أغنى مفرداتي اللغوية وخيالي الشعري، وساعدني في كتاباتي سواء في توظيف الصور أو إسناد الجمل وتركيبها، واستعمال الإشارات والرموز والدلالات بأسلوب صحيح ومتقن، وبرأيي للقراءة أيضاً لها دور كبير في تعلقي بالأدب وإتقاني له، فهي الرغيف الأساسي على المائدة الأدبية، ومن دونها لا يستطيع الأديب صقل موهبته وتطويرها باعتبارها الحامل الأساسي لتجربته الشعرية، وتجعل الأديب يتمكّن من أدواته الشعرية التي تجعل منه مبدعاً، وتمكّنه من الوصول إلى حالة النضج والارتقاء بتجربته الأدبية من خلال الاطلاع على تجارب شعراء كبار، والأهم من ذلك الارتقاء بروحه ونفسه، والمحافظة على نبل روحه وقلمه، وهذا ذخره الأبقى».

الشعر هو الكلام الذي لا يقال إلا شعراً، والقصيدة هي ابنة الروح، وخلجات النفس الصافية والصادقة؛ فهي نقلة الروح باتجاه النور والوقوف على حقيقة الذات

وتابعت: «كتبت القصة القصيرة، لكن اهتمامي انصب على الشعر أكثر، فمن خلال القصائد الشعرية أجد الشكل والصورة، والانزياحات اللغوية، مع وجود عنصر الموسيقا الداخلية والخارجية، وهو أمر مهم بالنسبة لي، فكتبت القصيدة العمودية، وقصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر التي أخذتني إلى عالمها، فمن خلالها وجدت نفسي، وفضلتها عن غيرها من الكتابات الأدبية. ومن خلال قصائدي تناولت مواضيع الحب والحنين والوطن والشهيد والرثاء، أضف إلى أن الكتابة هي التي اختارتني لأكون شاعرة، لكونها حالة غياب عن الواقع مع الذات الواعية والمتأثرة بمحيطها وكل تفاصيل الحياة، كما أن لحظة الكتابة مرتبطة بوجود الفكرة وضرورة التعبير عنها بالحروف والكلمات، فكل ما أكتبه لا يخرج إلى النور حالاً، بل يحتاج إلى مدة التخمير في الذاكرة والوجدان، وأعود إليه مراراً حتى يصقل ويصبح جاهزاً. إضافة إلى أن للكتابة روحاً واحدة تجمع بين الأجناس الأدبية كافة، لكن لا بد من وجود قواعد وشروط لكل نوع أدبي للتمييز بينها، صحيح إنني لم أكتب نقداً، لكن داخل كل كاتب أو شاعر ناقداً، فهو عندما يقوم بتصحيح نتاجه وتنقيحه يقوم بعمل نقدي، فمن خلال كتاباتي حاولت إيصال رسالة إنسانية خالدة مفادها: (أن الكاتب لا بد أن يمتلك الإنسانية في كتاباته، وأن يكتب بحبر صادق بكل وفاء وانتماء إلى إنسانيته وفكره، ويلتزم بقضايا المجتمع، ويحمل همومه والتعبير عن آلامه وآماله)».

"رحاب رمضان" خلال إحدى الملتقيات

وعن رأيها بالملتقيات الأدبية، ودورها في دعم الحركة الثقافية، قالت: «برأيي إنها تساهم بدعم وتنشيط الحركة الثقافية، لأن الحضور يكون نخبوياً، ومن المتهمين بالثقافة والأدب. أما مواقع التواصل الاجتماعي، فلا يمكن أن تأخذ دور الملتقيات؛ لأن المتابعين من مختلف شرائح المجتمع».

الأديب "حسن إبراهيم سمعون" حدّثنا عن الأديبة "رحاب رمضان" بالقول: «تتميز أشعارها بالكثافة، لكونها تكتب نثراً، وتعتمد في كتاباتها اللغة الجزلة باشتقاقات مبتكرة في بناء الصورة الشعرية، وقد امتلكت هذه الميزة لكونها مدرّسة لغة عربية، كما أن أشعارها تغلب عليها السمة الوطنية، وهذا التزام منها بواقعنا السوري، إضافة إلى أن حضورها المسرحي جميل، وإلقاءها مميز، وأتوقع لها مستقبلاً واعداً».

الشاعر "محمد سعيد العتيق"

الأديب الدكتور "محمد سعيد العتيق" تحدث عن تجربة الأديبة "رمضان" من خلال متابعتها بالقول: «من خلال معرفتي عن قرب حثيث بتجربة الشاعرة "رحاب رمضان"، تبين لدي أن النص الشعري لديها مطرز بالتجربة والخبرة اللغوية؛ لأن اللغة هي حاملة النص، إضافة إلى أنها امتلكت أدواتها الشعرية، واستطاعت من خلالها أن يكون لها صوتها الخاص الرقيق المتميز بالشعور والشعرية، ولها بصمتها الخاصة التي ميزت نصوصها عن غيرها من الشعراء، فنصوصها بصمت بروحها وعاطفتها الجياشة وشعورها الطافح. ومازالت صوتاً من الأصوات الحائرة التي سمعها الوسط الثقافي، تبحث عن نصها المدهش الذي ينقلها من الحيرة إلى المعرفة الواعية من خلال تعري النص الذي تكتبه، لتتفرع منه غصوناً مورقة جديدة في فراغ لم يطأه أحد، أضف إلى أنها مازالت تبحث عن عالمها المغاير الذي ينتقل من الفطرية إلى اكتمال الصنعة الواعية، والدلالة المفتوحة، إضافة إلى أنها موجودة على الساحة الثقافية، تتطلع إلى أفق جديد تنتقل من إثبات النفس على الساحة الأدبية إلى امتداده جذورها في الزمان والمكان، وتدخل مرحلة إدهاش الآخر عبر كلماتها».

الجدير بالذكر، أن الأديبة "رحاب رمضان" من مواليد "حمص" عام 1975، تحمل إجازة بالأدب العربي، وشهادة دبلوم تأهيل تربوي، ومديرة مدرسة في "حمص"، ولديها ديوان شعري بعنوان: "دماء الحبق"، ولديها مجموعتان قيد الإصدار: "أنا الأنثى"، و"على بعد وطن". شاركت في العديد من المهرجانات الوطنية، منها: "شاعرات الوطن والمقاومة"، ومهرجان "سنابل حوران الثالث"، وغيرهما، وكرمت أكثر من مرة من قبل اتحاد الصحفيين، ووزارة الثقافة، والاتحاد العام النسائي.