دخل المدرّس "عيسى إسماعيل" عالم الكتابة مترجماً عن اللغة الإنكليزية ينشر ترجماته في بعض الصحف المحلية، لينتقل بعدها إلى كتابة ونشر قصصه القصيرة، ومن ثم يخوض غمار النقد وكتابة الرواية.

مدونة وطن "eSyria" التقت الأديب "عيسى إسماعيل" بتاريخ 15 أيار 2014، فتحدث بدايةً عن علاقته الأولى مع الكلمة والروافد التي ساهمت في صياغة عالمه القصصي: «كانت البدايات الأولى مع بداية تعلم الحرف وحكايات المعلم، وحكايات المدرسة كنت أقارنها مع حكايات جدتي لأمي بشكل عفوي، وحكايات أمي التي تكرر سردها كل ليلة كي ننام، حكايات العفاريت والجن والكائنات المجهولة.

تسلمت رئاسة تحرير جريدة "العروبة" لمدة سنتين 2009 حتى عام 2011، حيث مثّلت "سورية" بترؤسي الوفد الإعلامي السوري إلى الصين في "مؤتمر التعاون العربي الصيني الإعلامي"؛ الذي كان على مستوى معاوني وزراء الإعلام، وكنت الوحيد الذي يرأس وفداً ولم أكن معاوناً للوزير

ويأتي بعد ذلك كله تحفيظ السور القصيرة من القرآن الكريم من قبل الوالد، الذي كان قاسياً أحياناً رحيماً أحياناً أخرى، وثمة قصص من القرآن الكريم كان يسردها -رحمه الله- على مسامعنا، وتلك القصص كانت تأخذ عقولنا وتطلق الخيال لأفكارنا وقد تركت أثرها في نفسي، فكنت أجمع أطفال الحارة بعد الانتهاء من اللعب في زواريب القرية وساحاتها وأقص عليهم تلك القصص فكانوا يعجبون بها وبي، وكنت أيضاً أقص على الأطفال قصصاً من خيالي أدعي أنها حدثت معي وهي عن عصافير تتكلم وأشجار تبكي وبشر تصبح لهم أجنحة فيطيرون».

الأديب "عيسى إسماعيل"

وأضاف الأديب "إسماعيل": «لا شك أن القرية قد منحتني البيئة القصصية في قصصي الأولى حيث مفردات القرية وبساطة الحياة والحب والتعاون، وفي مرحلة الثانوية والجامعة رحت أكتب قصصاً بدائية من حيث الفكرة والحبكة، ومرحلة الجامعة كانت غنية بالمطالعة، ففي "دمشق" كنت أواظب على حضور المسرحيات والأمسيات الأدبية، وسعيت إلى التعرف على أعلام الأدب والثقافة في تلك الفترة؛ سبعينيات القرن الماضي، ومنهم أستاذي في الجامعة المرحوم الدكتور "هاني الراهب" الذي أطلعته على أعمالي الأولى وأفادتني ملاحظاته وتوجيهاته كثيراً».‏

يمزج "إسماعيل" أغلب أبطال قصصه بين الخيال والواقع: «هناك أناس التقيتهم وسمعت منهم أو عنهم، غير أنني لم أكتف بما سمعت أو شاهدت بل أضفت شيئاً من الخيال فامتزج الخيال بالواقع، إلا أن أبطال مجموعتي "على الشاطئ الآخر"، هم على الأغلب واقعيون، أعرفهم جيداً وتربطني مع بعضهم زمالة عمل أو صداقة من نوع ما، وقد ذكرت الأسماء الحقيقية لبعضهم بعد أخذ موافقتهم أو استبدلت الأسماء بأخرى، لكنني لم أروِ الأحداث بحرفيتها كما جرت في الواقع، بل أضفت أو حذفت لضرورات فكرية وفنية».

مجموعته القصصية الثالثة

عمل مراسلاً لجريدة "البعث"، وكان ينشر في جريدتي "العروبة" و"الثورة" على مدى ثلاثة عقود: «تسلمت رئاسة تحرير جريدة "العروبة" لمدة سنتين 2009 حتى عام 2011، حيث مثّلت "سورية" بترؤسي الوفد الإعلامي السوري إلى الصين في "مؤتمر التعاون العربي الصيني الإعلامي"؛ الذي كان على مستوى معاوني وزراء الإعلام، وكنت الوحيد الذي يرأس وفداً ولم أكن معاوناً للوزير».

وعن تجربته في الترجمة عن اللغة الإنكليزية وما قدمته لعالمه القصصي، قال الأديب "إسماعيل": «لقد بدأت مترجماً بحكم دراستي وولعي باللغة الإنكليزية، وقد نشرت ترجماتي الأولى في جريدة "العروبة"، ومجلة "الثقافة الأسبوعية"، وفيما بعد وعلى نطاق واسع كتبت زاوية بعنوان "من الأدب العالمي" في صحيفة "البعث" ولسنوات عديدة ضمنتها ترجماتي، أما قصصي المترجمة فقد نشرتها في"الآداب الأجنبية"، والكثيرون يعرفون أنني مترجم.

لقد أثّرت دراستي وترجماتي في تجاربي القصصية لأنني اطلعت بشكل واسع على أعمال الأدباء الإنكليز والأميركيين الكبار، وتعرفت على أساليب متنوعة وأحداث كثيرة، وهذا كله دعمني بأفكار وأساليب ومعلومات ومفردات، وقد انعكس ذلك في قصصي لجهة تنوع الأسلوب والمفردات وصياغة العبارات».

كثيرون انتقلوا من كتابة القصة القصيرة إلى كتابة الرواية، وها هو القاص "عيسى إسماعيل" ينتهي مؤخراً من كتابة روايته الأولى التي سيصدرها قريباً، فعن هذا التحول ومضمون روايته حدثنا: «القصة القصيرة هي رشفة ماء بينما الرواية بحر، الرواية مجال واسع لأحداث تغطي فترة زمنية طويلة، وهذا يحتاج إلى نفس طويل وخيال واسع وصبر وجهد لربط مشهد متكامل لحياة تمتد إلى فترة طويلة زمنياً، وأعتقد أنني أستطيع حالياً الخوض في هذه التجربة، وقد انتهيت من كتابة روايتي التي هي بعنوان "مدن ونساء"، فيها الكثير من الحب والأمل واليأس، وتضيء على جوانب مهمة من مشكلات الشباب الذين يتخرجون ولا يجدون عملاً في وطنهم "سورية"، ثم يسافرون إلى خارج الوطن وخاصة الأطباء والمهندسين منهم وتطرح الرواية أيضاً موضوع تعاطي المخدرات وخاصة من المثقفين وأصحاب الشهادات، ستصدر خلال العام الحالي وقد أرسلت نسخة منها إلى إحدى الشركات الفنية، وهناك موافقة مبدئية لتحويلها إلى مسلسل تلفزيوني».

نال "إسماعيل" عضوية شرف في النادي الأدبي في العاصمة السعودية "الرياض"، وحاز عدداً من الجوائز في القصة القصيرة من فرع اتحاد الكتاب العرب بـ"حمص"، ومن نقابة المعلمين والإدارة السياسية، وجائزة من "النادي الأدبي في الرياض" عن بحثه بعنوان "صناعة المجتمع القارىء .. مسؤولية من؟".‏

وفي لقائنا مع الأديب "خليل الشيخة" أحد أصدقاء الأديب "عيسى إسماعيل"، تحدث عنه بالقول: «فضلاً عن أن الأديب "عيسى إسماعيل" من المتابعين الدؤوبين الصبورين ومن المدققين الباحثين عن الحقيقية والساعين وراءها وفي مكانها الواضح والمحدد، يعتبر أدبه أيضاً سهلاً سلساً واضح المعالم والمرامي، حيث امتازت قصصه بسلاسة السرد وليونته، وتنقلت ضمن الوحدات القصصية بخفة عالية لترسم للقارئ وقائع وأحداث من حصاد الزمان والمكان التي صبت فيها البنية القصصية.

ولذلك امتازت كتاباته بعذوبة السرد وتوظيف القضايا الاجتماعية ضمن صور إنسانية رائعة ومشوقة، كما اقتربت معظم قصصه من الرومانسية الواقعية التي توظف المشاعر الإنسانية في سرد الأحداث».

الجدير بالذكر، أن الأديب "عيسى إسماعيل" من مواليد قرية "عرقايا" في محافظة "حمص"، يحمل إجازة جامعية في اللغة الإنكليزية وآدابها من جامعة "دمشق" عام 1982، مارس التدريس لفترة طويلة مدرساً ومديراً في عدد من ثانويات "حمص"، ومعهد إعداد المدرسين، وكذلك في المملكة العربية السعودية‏.

وقد صدرت له ثلاث مجموعات قصصية، هي: "الإنسان والأفعى" 1998، و"حدث ذلك اليوم" 2005، و"على الشاطئ الآخر" عام 2010.‏

وأصدر في عام 2010 كتابه النقدي بعنوان: "أعلام القصة والرواية في حمص"؛ الذي تضمن نقداً موضوعياً لثمانين مجموعة قصصية وست وعشرين رواية، تم إصدارها ما بين عامي 1970 و2010 في "حمص".