في قرية يتغير ضياؤها مع مرور كل غيمة، وتتجلى فيها الحياة بأحلى صورها ببهجتها وعفويتها والحب الذي يفيض من وجوه أهلها، ينطلق كرنفال المحبّة.. كرنفال "كفرا" احتفالاً بعيد السيدّة العذراء في الرابع عشر من آب كل عام.

"eSyria" كانت بين أهالي هذه القرية في (14/8/2008) لتشاركهم يومهم الكرنفالي السنوي، وتنقل لكم أجواء الكرنفال الذي انطلق في تمام الساعة الخامسة عصراّ باسم المحبة، وعلى بركة السيدة العذراء التي ملأت الترانيم باسمها فضاء المكان ممزوجة بأريج الصنوبر البري، وسحر الألعاب النارّية التي أشعلت سماء وادي النضارة حتى ساعة متأخرةٍ من الليل.

هكذا يبدو هذا الجيل من الشباب: أركيلة ومشاوي وستلايت وموداير بالو عحالو!!

لتشارك أهل القرية فرحتهم، يكفي أن تزيّن سيارتك معبراّ عن فكرة ما، أو تسلم نفسك لبهجة الرقص، أو تترك التعبير لتلقائية الأطفال فيما قد يعجز الكبار في التعبير عنه، وربما تكفيك أبيات من الشعر الزجلي الذي يشتهر فيه أهل المنطقة.. هذه هي الفكرة الرئيسية من الكرنفال كما أكّد لنا السيد "عزّام دبّورة" من اللجنة التنظيمية لكرنفال المحبّة: «عمر هذا الكرنفال حوالي السبعة عشر عاماً، كنّا نشترك قبل هذا التاريخ مع أهالي قرية "مرمريتا" المجاورة، إلا أننا قررنا أن يكون لنا كرنفالنا الخاص الذي أطلقنا عليه اسم كرنفال المحبّة، وفتحنا فيه باب المشاركة لكل قرى الوادي، ابتهاجاً بعيد انتقال السيدة العذراء بالجسد إلى السماء، الذي شهدته هذه القرية كما يقول المؤرخون الدينييون قبل عشرات القرون، ومازلنا نحيي هذه الذكرى بالبهجة والصلاة خاصة في كنيسة القرية المسماة باسمها والتي تعود إلى العام /1920م/، يعتمد الكرنفال بصورةٍ رئيسية على فكرة الموكب المؤلف من كل أنواع العربات التي تعبّر عن أفكارٍ محددة لها أبعادها الدينية والاجتماعية، وتتصدرها الفرق الموسيقية الكنسية، نعتمد في التحضير لهذا الكرنفال على الهبات التي يقدّمها كل أهالي القرية خاصة المغتربون منهم، والذين اتخذ العديد منهم يوم (14/8) من كل عام موعداًُ لزيارة وطنهم الأم، وسنة بعد سنة أخذ كرنفالنا بالتوسع، ليصبح هذا الموعد جامعاً لأهل القريّة ومحبيها من أبنائها المغتربين والسائحين من داخل سوريّة وخارجها..»

شباب وبس

ماقاله السيد "عّزام" شهدناه بالمعاينة المباشرة: الحمير، الدرّاجات النارية والعادية، الجرّارات الزراعية والسيارات تزيّنت بشتى أنواع الأفكار.. رتل طويل من كل أنواع العربات تقدّم وسط الموسيقى والشعر والرقص في شارع "كفرا" الرئيسي وأحاط به الأهالي في الشارع، ومن على شرفات المنازل..

"إياد زياد" حوّل سطح سيارته مع مجموعة من الشباب إلى فسحةٍ للنزهة واللهو: أركيلة، مشوى، صحن استقبالٍ للبث الفضائي، وموسيقى، كل ذلك للتعبير عما وصفه بشباب هذه الأيام.. « هكذا يبدو هذا الجيل من الشباب: أركيلة ومشاوي وستلايت وموداير بالو عحالو!!» ويترك للزجل بقية الحديث: « هيدا جوّنا.. بالسهر شاطرين، وعالحلوين دايرين، نحن مش للزواج بالمسؤولية فاشلين..»

"عزام دبورة"

أما العم "جرجس دبورة"- 45 عاماً- فاشترك مع الطفل "الياس حبيب" في فكرة طريفة "سيد القرود" قرد مدخن يتصدّر دراجة يقودها كل من "جرجس والياس" بينما أحاطت بها لافتة قماشية كتبت عليها الأبيات التالية تمجيداً ل"كفرا" وترحيباً بزوّارها: «كفرا يا وردة بهالكون.. متلك ضيعة مافي هون.. يازهرة الوادي.. أهلا وسهلا بكل مين طل على كفرا وشرف عنا.. بنزرعله دربه بالفل وبزياراتنا يتهنّا..»

ومن زوّار "كفرا" السيدّة "مارييت طنّوس" من مدينة اللاذقية: «أنا من روّاد هذا الكرنفال كل عام، وابنتي تشارك فيه"جوزيفين لبس" ملكة الكائنات الفضائية التي تزور "كفرا".. خطرت لها هذه الفكرة وساعدناها في تنفيذها، لدينا في سوريّة الكثير من المناطق السياحيّة الجميلة ، لكن يبقى لهذه القرية سحرها الخاص في عيد السيّدة..»

"روبن هود الكفراوي"

هذا ما أكده لنا أيضاً "جوزيف عيسى" أحد أبناء القرية: «"كفرا" جميلة في كل الأوقات، ولها خصوصيتها بين كل المناطق السياحية السوريّة، الزيارات لهذه القرية لا تبلغ ذروتها فقط في عيد السيدة، وإنما أيضاً في عيد الميلاد فرغم البرد الشديد لا يقاوم العديد من السياح سحر هذه المنطقة في أعياد الميلاد ورأس السنة، كنا في الماضي نعتمد على الزراعة فقط، أما اليوم فتشكل السياحة مصدر دخلٍ أساسي بالنسبة لنا..» واختتم حديثه بابتسامةٍ لطيفة هي العنوان الدائم لأهالي "كفرا": «زورونا وجربّوا، بنحطكن بعيوننا..».