الفقر الذي عانى منه فترة طويلة من حياته، كان سبباً رئيسياً ليوجه تركيزه على الفقراء والمحتاجين كمساعدة الطلاب على تأمين احتياجاتهم من القرطاسية. هذاً فضلاً عن طريقته المتميزة في ممارسة عمله كمعلم في مدارس منطقة الجزيرة.

في صغره، وازن "محمود ملا عمر" بين العمل والعلم حتى يستطيع تأمين ما يحتاجه للدراسة، فمارس أعمالاً صعبة وشاقة أغلبها في الأراضي الزراعية. وحسب ما يقول لمدوّنة وطن "eSyria" فقد اضطر في عام 1979 للإقامة في بيت مستأجر في القامشلي ليكمل دراسته الإعدادية والثانوية، بعد أن نال الابتدائية من مدرسة قريته، وكان يقضي أيّام العطل الرسمية وفترة الصيف في الأرض الزراعية يساعد أهله وأبناء قريته في زراعة الأرض بالمحاصيل، وحين كان تلميذاً في الصف التاسع كان يقود جراراً زراعياً وحصادة لساعات طويلة ليلاً ونهاراً، لينجز حراثة وحصد المحاصيل للأهالي، وبعد نهاية هذا العمل المرهق جسدياً، يتّجه لمدرسته في المدينة، وهناك أيضاً يجهز طعامه وشرابه ويقوم بكل ترتيبات المدرسة والمنزل.

أخذت التلاميذ في جولة ميدانية إلى حقل "تشرين" النفطي، بهدف كسب المعرفة والتعرف على المنشآت الحكومية وهم في عمر مبكرة، وبعد تعييني في مدارس مدينة "القامشلي" تابعتُ النهج ذاته، بزيارات ميدانية لطلابي إلى المخابز والدوائر الرسمية، خاصة التي لها علاقة مباشرة بالمواطن بشكل يومي

بالطموح ذاته والإرادة نال الشهادة الثانوية، بعدها أكمل الدراسة في معهد إعداد المعلمين، وأصبح معلماً في مدارس محافظة "الحسكة"، بدأ المهمّة في بلدة "الهول" على الحدود العراقيّة واستطاع أن يخلق لتلاميذها جواً جديداً في مدرستهم، وأضاف: «أخذت التلاميذ في جولة ميدانية إلى حقل "تشرين" النفطي، بهدف كسب المعرفة والتعرف على المنشآت الحكومية وهم في عمر مبكرة، وبعد تعييني في مدارس مدينة "القامشلي" تابعتُ النهج ذاته، بزيارات ميدانية لطلابي إلى المخابز والدوائر الرسمية، خاصة التي لها علاقة مباشرة بالمواطن بشكل يومي».

بيته الثاني واهتمامه الكبير

يحظى بسيرة حسنة ومكانة طيبة لدى المؤسسة التربوية منذ تعيينه في مديرية التربية، لذلك تمّ تعيينه مديراً لمدرسة "محمد سليم خلف" عام 2015، منذ ذلك الوقت يبذل جهوداً مضاعفة في سبيل تحقيق النتائج المفيدة والإيجابية لطلابه وكادره ومدرسته، حصد مراكز متقدمة في جميع المسابقات التي تجرى على مستوى المنطقة بالمسابقات الرياضية والثقافية والفنية، ولا يتردد في تلبية المشاركة بالبطولات والمسابقات مهما كان نوعها.

وعن بعض تفاصيل عمله قال: «راحتي هي راحة كادري وطلابي بالدرجة الأولى، وهدفي هو الوصول بالمدرسة لمراتب متقدمة من التفوق والتميز، أسعى مع كادري وبصمت لشراء ما يلزم الطلاب المحتاجين سواء ملابس أو قرطاسية، وأمور أخرى قد يحتاجها الطفل أثناء دوامه، لغة المحبة والسلام أخذتها من أسرتي ووالدي، بشكل دائم هناك بادرة للصلح بين الناس، وتكمن سعادتي بنشر السعادة بين الأهالي».

إحدى مبادراته في مدرسته

عدد كبير من الأهالي والتربويين يشيدون بمواقفه الإنسانية التي تظهر في مجالات وأماكن كثيرة، وآخرها صيانة وترميم مسجد "خزنة الصغير" بأكثر من مليون ليرة سورية، ما ذلك إلا أحد تلك المواقف، هذا ما أكّده "عبد الحليم الرمو" موجه تربوي وأضاف: «أيضاً موقف إنساني آخر يتجلى بشراء قرطاسية ولوازم مدرسية لمحتاجين من طلاب مدرسته بأكثر من مليون ليرة سورية، إذ وبمجرد أن يلحظ أن تلميذاً لا يأتي بدفاتر كثيرة وقرطاسية، يبادر في اليوم الثاني بشرائها له دون أن يشعر الطفل، يهتم بكل ما يجلب السعادة لأطفال مدرسته، يقدم المساندة للمحتاجين، هناك من يتواصل معه لإرشاده إلى تلك الأسر، إنه نموذج للخير والسلام».

جدير بالذكر أنّ "محمود ملا عمر" من مواليد قرية "قجلة" التابعة لبلدة "عامودا" عام 1966، وأنّ اللقاء أجري بتاريخ 10 شباط 2021.