من مكان عمله اليومي خلف "بسطةٍ" لبيع البندورة، استرجع "صبحي شاكر خليل" الملقب بـ"أبوگارو" ذكرياته الكروية وألقه في الملاعب، وكيف تحولت صيحاته على اللاعبين لتمرير الكرة؛ إلى صوت عذب ينادي به على سلعته اليومية التي يكسب منها معيشته.

مدونة وطن "eSyria" وضمن حملات التنقيب المستمرة عن مهارات وإبداع أبناء الوطن؛ التقت بتاريخ 20 نيسان 2015 اللاعب "صبحي شاكر خليل" الشهير بـ"حبيب أبو گارو" ليتحدث عن مسيرته الكروية، فقال: «بدأت اللعب باكراً وتحديداً في السابعة من عمري، وقتها كنا نلعب في ملعب الإطفائية ضمن تشكيلةٍ اسميناها فريق "الشهداء" مع نوادي الأحياء الشعبية، ومن الاستعدادات التي قمت بها في بداية مسيرتي، شراء حذاء رياضي من البلاستيك بثمن 2.5 ليرة سورية؛ بسبب الفقر الذي كنا نعيشه.

بقيت في الملاعب حتى عام 2004 ثم توقفت بسبب العمر، كنت طوال حياتي الكروية أعمل لتأمين قوت عائلتي، وها أنا اليوم أقف خلف عربة بيع الخضار، لكنني لم أنقطع عن التدريب حتى هذا التاريخ، فأنا أتمرن مع فريق متقاعدي نادي "الجزيرة" كل ثلاثاء وألعب مباراة ودية كل جمعة، ولهذا التاريخ لا يعرف أغلب الأشخاص اسمي الحقيقي، لأن "حبيب أبو گارو" هو الاسم الذي رافقني، والذي حملته من صاحب مطعمٍ صغير كنت أعمل معه، ومع أننا لم نحصل على حقوقنا إلا أن ما قدمناه لكرة الجزيرة يبقى عزاءنا الأكبر

لم أستمر طويلاً مع الأحياء الشعبية لأنني التحقت بأشبال نادي الجزيرة عام 1980؛ الذي لم يطل مكوثي فيه إلا شهرين فقط، فانتقلت للعب مع فريق الناشئين وكوّنا أسرة رياضية تتألف من 20 لاعباً، بقيت معهم على مدار سبع سنوات، وكنا نلعب دائماً ضمن الثلاثة الأوائل على مستوى الجمهورية، ومن أقوى المباريات التي لعبتها في تلك المرحلة؛ هي التي واجهنا فيها نادي "الفتوة"، كنت ألعب وقتها "ظهيراً" وأشارك في الهجمات، كنا نحقق من كل ركنية أو حرة غير مباشرة هدفاً، يحصده اللاعب "دانيال يوسف"، وفي مباراة أقيمت مع "عمال الدير" حققت هدفين علماً أنني كنت ألعب كمدافع».

حبيب أبو گارو

يتابع: «عام 1987 انتقلت إلى مرحلة الشباب؛ فأصبح مستوى اللعب أفضل من خلال تطوير المهارات، أيضاً لم ألبث معهم أكثر من سنتين لأنتقل إلى فريق الرجال، لعبت وقتها كلاعبٍ أساسي مع النجوم "جورج خبار" و"محمد البراك" وغيرهم، ثم انتقلت لخدمة العلم وعدت إلى النادي عام 1992، شاركت إثرها في مباراةٍ قوية مع نادي "تشرين" الذي يلعب معه 7 لاعبين من المنتخب الوطني، وربحنا بنتيجة هدفين إلى هدف.

لكن المباراة الأجمل كانت مع نادي "الجهاد"؛ التي جاءت بعد انقطاع طويل عن اللعب، وقتئذ طلب مني المدرب "سمير برخو" أن أبدأ الإحماء، وذلك بعد أن حصلت ثغرةٍ كبيرة في دفاع الفريق فاعتذرت على الفور، لأنني لم أكن أمتلك حذاء ألعب به، فوجّه أحد اللاعبين ليعطيني حذاءه، نزلت إلى الملعب ووقفت في وجه الهجمات المركزة وساهمت في تماسك الفريق، لكننا لم نربح تلك المباراة لأن سيف الوقت كان قد مضى».

حبيب في شبابه

يختم: «بقيت في الملاعب حتى عام 2004 ثم توقفت بسبب العمر، كنت طوال حياتي الكروية أعمل لتأمين قوت عائلتي، وها أنا اليوم أقف خلف عربة بيع الخضار، لكنني لم أنقطع عن التدريب حتى هذا التاريخ، فأنا أتمرن مع فريق متقاعدي نادي "الجزيرة" كل ثلاثاء وألعب مباراة ودية كل جمعة، ولهذا التاريخ لا يعرف أغلب الأشخاص اسمي الحقيقي، لأن "حبيب أبو گارو" هو الاسم الذي رافقني، والذي حملته من صاحب مطعمٍ صغير كنت أعمل معه، ومع أننا لم نحصل على حقوقنا إلا أن ما قدمناه لكرة الجزيرة يبقى عزاءنا الأكبر».

وعن مسيرته تحدث المدرب "خليل الزوبع": «بينما كنت ألعب مع فريق الشباب التحق "حبيب" مع الناشئين، ثم التحق بنا سريعاً فلعبنا لموسمين ونصف الموسم مع بعضنا، بعدها انتقلنا لنلعب مع فريق الرجال على مدار موسمين كاملين، ما يمكن قوله إنه لاعبٌ مميز وموهوب، ويستطيع أن يلعب في أكثر من مكان، كما أن الخصم يحسب له حساباً خاصاً، لكن ما كان يعابُ عليه هو احتفاظه بالكرة لمدة طويلة، وهذا الأمر غير محبب في الملاعب لأنه يؤثر في اللعب الجماعي، واليوم أدرب فريق متقاعدي نادي "الجزيرة"، وما زال "أبو گارو" يحتفظ بالكرة طويلاً، إلا أنه يبقى متميزاً ومحنكاً ويعرف قواعد اللعب، كما يجيد دراسة الخصم وتحديد نقاط قوته ومكامن ضعفه، وهذا النوع من اللاعبين لا يتكرر كثيراً، لكنه يبقى لوقت طويل في الذاكرة».

المدرب خليل الزوبع

من جهته قال الصحفي الرياضي والمسؤول الإداري لفريق متقاعدي نادي الجزيرة "دحام السلطان": «واكبت اللاعب "صبحي شاكر" منذ البداية، حيث انطلق من الفرق القاعدية، كان متميز جداً في خط الدفاع، ومركز اللاعب السوبر والظهير وقلب الدفاع المتأخر والمتقدم، وهو مدافع عنيد لا يقبل المزاح، حتى اعتُبر جزاراً في المراكز التي لعب فيها، رفع مع رفاقه في الخط الخلفي شعار: "لن يمروا"، يمتاز بالذكاء الحاد وحسن التوقع في قطعه للكرة كما أنه قليل الاندفاع، يعمل دائماً وخلال سير المباراة مع رفاقه المدافعين على تنظيم إيقاع خط الظهر الجزري.

وإذا ذكرنا مدافعي الكرة الجزرية منذ أن أسس النادي، أمثال: "الياس دكدوك"، "إبراهيم عكلة"، و"تركي الياسين"، و"عبد الله حمزة"، و"سيمون زارو"، و"غسان منصور"، لن يغيب عن البال اسم "أبو كارو"، الذي لا يقل شأناً عنهم، وهذا اللاعب يضاف أيضاً إلى لائحة لاعبي النادي المظاليم، وهو الذي تلقى أقوى العروض من معظم الأندية السورية للعب معها في مصاف دوري المحترفين، لكن القائمين على الرياضة ظلموه وآثروا عدم الاستغناء عنه لحاجة النادي، ولم يعوض عما خسره لو أنه التحق بأندية المحترفين، التي تهافتت عليه لضمه إلى صفوفها».