من الأحياء انطلق مثل أكثر لاعبي المحافظة، فمن الهواية إلى الممارسة واللعب للتسلية، إلى الأندية والتميز، ليكون "الحايك" فيما بعد مكتشف المواهب الشعبية والمصعد الذي يصلون عبره إلى الفرق والأندية.

مدونة وطن "eSyria" زارت الستيني "عدنان محمد الحايك" في منزله بتاريخ 28 نيسان 2015، ليتحدث عن مشواره الكروي فقال: «في السبعينيات من القرن الماضي كانت الرياضة مزدهرة إلى حد بعيد، وقتها بدأت مشواري الكروي مع الأحياء الشعبية، فلم تكد حارة من حارات المدينة تخلو من فريق هنا أو هواةٍ هناك، وكانت المباريات تنطلق بين الفينة والأخرى، في ذلك الوقت كانت مدينة "الحسكة" تحتضن 4 أندية مشهورة، وهي: "الحسكة، والخابور، والجزائر، والشباب"، وكنت ألعب وقتها لمصلحة نادي "الجزائر" مع لاعبين بارزين أمثال "نبيل الياس"، ثم ما لبثت هذه الأندية أن اندمجت، لينبثق عنها نادي "الجزيرة" الذي ما زال قائماً حتى يومنا هذا، وأخذ هذا النادي التدرج صعوداً لما يضمه من نخبة اللاعبين، حتى راح ينافس على بطولة الجمهورية».

أن "الحايك" كان له دور كبير في رفد النادي بعدد من الخبرات والمهارات، كما كان له دوره أثناء لعبه مع نادي "الجزيرة"، وقد أعطى الكثير إلا أن عطاءه بعد تركه للنادي كان السمة الأبرز، وعُرض عليه أن يكون عضواً في إدارة النادي فرفض، وقدم خدماته من دون أي تسمية أو توصيف، وما زال "عدنان" مستشاراً للنادي وخبرة كروية لا يستهان بها، والأجمل من هذا وذاك هو ولاؤه منقطع النظير، وجاهزيته لتقديم أي خدمة ولو كانت على حسابه الشخصي

يتابع: «بدأنا اللعب مع نادي "الجزيرة" كأسرة متماسكة ومن دون أي مقابل، فقد كان الوضع المادي لا يسمح للنادي بالإنفاق على اللاعبين، في ذلك الحين كنت ألعب في قلب الدفاع والظهير الأيمن، وكنا نتنقل مع النادي إلى كل المنافسات؛ لكننا لم نحقق أي مرتبة بسبب طبيعة تكوين النادي وحداثته، وحافظنا على بقائنا في الدرجة الأولى؛ وهذا وحده يعد إنجازاً مهماً نظراً لضعف الإمكانيات، ومع ذلك لم يؤثر هذا فينا فقد كنا نسافر لمدة تتجاوز 7 أيام ونترك أعمالنا وأهلنا؛ في سبيل تقديم شيءٍ ما أو تحقيق مكسبٍ للنادي، كما لعبنا الكثير من المباريات لكن الأقوى كانت مع نادي "الجيش"، بعدها بفترة وتحديداً في منتصف الثمانينيات اعتزلت الملاعب».

"عدنان محمد الحايك"

يضيف: «في عام 1985 تركت اللعب مع النادي على الرغم من قدرتي على العطاء، لكني آثرت أن أفسح المجال لغيري من جهة، ومن جهةٍ ثانية قررت أن أستثمر نفسي لخدمة النادي، بدأت تدريب الناشئين بعد سفر المدرب "جان عبدو" لمدة عامين، بعدها عملت مساعداً لمدرب الشباب "تركي الياسين" ثم مدرباً لفريق الشباب لعام واحد، ثم مساعداً لمدرب الرجال "جوزيف إبراهيم"، بعد ذلك رحت أتنقل بين الفرق الشعبية لاختيار الموهوبين وضمهم إلى النادي، وقد ساهمت في إيصال لاعبين من الشباب؛ ما لبثوا حتى لمع نجمهم أمثال: "دعبول، وحبيب أبو گارو، وياسر عبد القادر، وماجد إبراهيم".

ونظراً للظروف التي كان يمر بها النادي إضافةً إلى أوضاع بعض اللاعبين؛ كانت تحصل العديد من حالات ترك اللعب، هنا عملت كحلقة وصل بين النادي واللاعبين، فكنت أزور اللاعب الذي قرر المغادرة وأجلس معه ومع أهله؛ وأقنعه بشتى الوسائل ليعود إلى اللعب، وأغلب الأوقات كنت أوفّق في المساعي التي أقوم بها».

صورة تذكارية مع منتخب أريتريا

يختم: «كانت الحياة في ذلك الوقت من نوع السهل الممتنع، فعلى الرغم من البساطة التي كنا نعيشها، كانت وحدة الحال بين اللاعبين والجمهور هي السمة الأبرز، ومن أجمل القصص التي حصلت في ذلك الوقت أن لاعباً وقع في ضائقةٍ مادية، فقام أحد المشجعين بأخذ كيس والمرور على المشجعين فجمع خلال ساعة 17 ألف ليرة سورية، وتمت مساعدة اللاعب ومنعه من ترك الفريق، هذه الأمور لم نعد نراها اليوم وإن وجدت فلا ترتقي إلى ما كانت عليه سابقاً، مشيراً إلى أنه لعب أكثر من 100 مباراة طوال مسيرته ولم يجلس خلال هذه الفترة على دكة الاحتياط، وما زال إلى هذا اليوم ينفذ 3 تمارين في الأسبوع».

بدوره قال حارس المرمى "ياسر حبيب عبد القادر": «لن أبدأ الميزات الفنية والرياضية لللاعب "عدنان"، لكني سأفتتح حديثي عن نبل هذا الرجل؛ الذي بكى مراتٍ كثيرة لخسارة النادي، وقد لازمه منذ البداية وما زال مستمراً حتى هذا اليوم، فهو من الأشخاص شديدي الوفاء لفريقه، أما فيما يخصه كلاعب فقد كان متميزاً ومتقناً للحركات الفردية، إلا أنه انتقل على عجالة ليقدم خدماته للنادي ويترك اللعب، فكان لمساهماته في اكتشاف اللاعبين الأثر الأكبر باللعبة، وكنت ممن ساهم في وصولهم إلى نادي "الجزيرة"، لأقدم شيئاً لمحافظتي التي أعتز بها، وما زال يواصل دعمه ومساندته للنادي حتى هذا التاريخ، وهذا النوع من الوفاء قلما نجده بين البشر».

ياسر عبد القادر

من جهته بيّن الصحفي الرياضي "دحام السلطان": «أن "الحايك" كان له دور كبير في رفد النادي بعدد من الخبرات والمهارات، كما كان له دوره أثناء لعبه مع نادي "الجزيرة"، وقد أعطى الكثير إلا أن عطاءه بعد تركه للنادي كان السمة الأبرز، وعُرض عليه أن يكون عضواً في إدارة النادي فرفض، وقدم خدماته من دون أي تسمية أو توصيف، وما زال "عدنان" مستشاراً للنادي وخبرة كروية لا يستهان بها، والأجمل من هذا وذاك هو ولاؤه منقطع النظير، وجاهزيته لتقديم أي خدمة ولو كانت على حسابه الشخصي».