إلى الشمال الشرقي من مدينة "الحسكة" تقع تل "خزنة" أحد المستوطنات التي سكنها السوريون القدماء في الألف الثالث قبل الميلاد، وفيها معبد جمع بين العبادة والإنتاج.

مدونة وطن "eSyria" التقت الخبير الآثاري "عمار مهدي" بتاريخ 23 تشرين الثاني 2013 الذي تحدث عن أهمية تل "خزنة" وقال: «يعود الموقع إلى الألف الرابع قبل الميلاد ويشكل بداية الاستيطان، وهو من المواقع القديمة والنادرة في "سورية" حيث اكتشف فيه معبد ديني يعتبر الوحيد الموجود شمال شرق "الجزيرة" السورية، ويُعتبر مركزاً دينياً بالكامل فلا يوجد فيه أي مكان للسكن، وهو ذو أهمية كبيرة حيث أعطى معلومات قيّمة عن التطور الثقافي خلال فترة الألفين الرابع والثالث قبل الميلاد وبشكل خاص دور "سورية" في هذا التطور».

يعود الموقع إلى الألف الرابع قبل الميلاد ويشكل بداية الاستيطان، وهو من المواقع القديمة والنادرة في "سورية" حيث اكتشف فيه معبد ديني يعتبر الوحيد الموجود شمال شرق "الجزيرة" السورية، ويُعتبر مركزاً دينياً بالكامل فلا يوجد فيه أي مكان للسكن، وهو ذو أهمية كبيرة حيث أعطى معلومات قيّمة عن التطور الثقافي خلال فترة الألفين الرابع والثالث قبل الميلاد وبشكل خاص دور "سورية" في هذا التطور

وأشار "مهدي" إلى أنه تم اكتشاف 250 غرفة كانت تستخدم للعبادة، وهو ما يشكل مجمعاً دينياً يقارب عمره 3 آلاف عام، وقد اعتبره الآثاريون أقدم معبد من نوعه محتفظ بهيكله الخارجي وجدرانه في الأراضي السورية، كما عثر في الموقع على سويات أثرية تمتد على عمق يقارب الـ 16 متراً تختزن في طياتها متعلقات أثرية مختلفة يعود أسفلها إلى فترة العبيد المتأخر صعوداً إلى أواخر فترة فجر السلالات الأولى.

مخطط تل خزنة

وبين الباحث الآثاري "مقداد شعيب" أن البعثة الأثرية الروسية العاملة في الموقع منذ عام 1988 استدلت على الصفة الدينية للمعبد نظراً إلى طبيعة تخطيطه وضخامة جدرانه وطريق البناء في الجزء المركزي منه، إذ تتواجد في بعض الغرف مصاطب من الطين على شكل محراب أو مصلى لتنفيذ الشعائر والطقوس الدينية، إضافة إلى العثور في الجهة نفسها على المكان المخصص للقرابين وفيه طبقة من الرماد وعظام لحيوانات قدمت على مذبح الآلهة، كما أفضت التنقيبات الأثرية في الموقع إلى اكتشاف جدار دفاعي ذي شكل دائري يلتف حول المستوطنة، بينما خصصت الجهة الجنوبية الغربية للإنتاج حيث تم اكتشاف عدداً من الأفران لصناعة الأواني الفخارية، لذلك يُعد هذا المعبد أقدم صرح ديني جمع بين العبادة والإنتاج في المنطقة.

وأضاف "شعيب": «كشفت التنقيبات في المصطبة السفلى عن سور يحيط بمجمع المعبد الذي يؤلف مجموعة الأبنية الأساسية، ويعتقد أنه ذو صفة دفاعية، كان للسور محور بيضوي الشكل غير مكتمل، وقد بني من طبقات متراصة من اللبن والتراب، ثم طلي بالطين من الجانبين، وعثر بداخله على منشآت معمارية هامة على شكل أبراج، أهمها البرج رقم 37، الذي بلغ ارتفاع جدرانه المشيدة من مادة اللبن والمطلية من الخارج، وجزء من الداخل بطبقة من الجص ذي اللون الأخضر والبني ثمانية أمتار، وقد شُيد على قاعدة من الطين المشوي، كما عثر في الجهة الشرقية من الموقع على مبان ضخمة ذات صبغة دينية واقتصادية، أما في الجهة الغربية فقد تم التعرف على ثلاث منشآت على شكل أبراج كانت غرفها تتسع لـ 30 طناً من القمح ما يكفي للمعيشة».

وذكرت مجلة "الحوليات" الأثرية العربية السورية في المجلد الثالث والأربعين عام 1999 أن البعثة عثرت داخل أقدم السويات الأثرية في تل "خزنة" على عمق يراوح بين 14 - 15,8م على مجموعة فخاريات، أهمها: وعاء يوضع على الأرض عثر بداخله على عظام لطفل صغير يعود إلى فترة العبيد، وتوضعت فوقها سوية أثرية ظهرت على عمق يراوح ما بين 12 - 14,7م، وقد احتوت على مجموعة فخاريات تعود إلى فترة ثقافة "أوروك"، كما ذكرت المجلة أن البعثة عثرت على حضارة تعود إلى الألف السابع قبل الميلاد، وهي فترة بداية زراعة الحبوب، كما تم العثور على لقى أثرية متعلقة بالزراعة مثل: الطواحين، وشفرات المناجل الخاصة بحصاد القمح، ومخازن للحبوب يعود تاريخها إلى نهاية الألف الرابع وبداية الألف الثالث قبل الميلاد، ما يدل على أن المعبد يعود إلى حضارات زراعية قديمة.