تجده منتشراً في عدد من القرى الأثرية في منطقة الجزيرة، التي تعتبر نبعاً لآثار الفترة الآشورية في "سورية".

"الثور المجنح لاماسو" الذي يعتبر منحوتة رافدية قديمة تدل على أهمية المكان الذي اكتشف فيه، وبحسب الآثاريين تكتنز صورته بالعديد من الرموز والدلالات.

إن "لاماسو" كلمة آشورية قديمة تعود أصولها إلى اللغة السومرية، وكانت تطلق على أنثى الجن التي تحمي المدن والقصور والمعابد الدينية، حيث انتشرت هذه التماثيل في مناطق الانتشار الآشوري الحديث في فترة الألف الثاني قبل الميلاد وما بعد، ولاسيما في منطقة بلاد الرافدين ومنطقة الجزيرة السورية، حيث كانت أقسام الثور المجنح ترمز لمزيج من عناصر القوة لدى الكائنات الحية، فرأس الإنسان رمز للحكمة والمعرفة، وجسد الثور للقوة والشدة، وجناحا النسر للمجد والسيطرة، وقدما الثور أو الأسد على الرسوخ والثبات، لذا فإن استخدام هذه الرموز المجتمعة في تمثال متفاوت الأحجام يقف أمام مداخل المدن، يبعث الرهبة والخوف في قلوب الأعداء

في البحث حول دلالة هذا المخلوق الذي ارتبط اسمه بالآشوريين منذ القدم، موقع "eHasakeh" التقى رئيس دائرة الآثار الدكتور "عبد المسيح بغدو" الذي تحدث بالقول: «على بعد نحو 40 كيلومتراً جنوب المحافظة، وعلى الطريق القديم الذي يربط مدينة "الحسكة" بمحافظة "دير الزور" يقع "تل عجاجة" الأثري، الذي يعد أنموذجاً للتلال الأثرية في الجزيرة السورية، من حيث تدرج الاستيطان البشري فيه وتنوع اللقى الأثرية التي عثر عليها، فمنذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي وبداية التسعينيات، باشرت بعثة أثرية وطنية البحث والتنقيب في التل برئاسة "أسعد محمود"، حيث أكدت البعثة أن الاستيطان البشري في الموقع مر بثلاث مراحل، واحتوى على 19 طبقة أثرية، ساعد في تحديدها الكسر الفخارية المكتشفة في كل طبقة، وتبين أن المرحلة الأولى تعود إلى الفترة العربية الإسلامية، أما المرحلة الثانية فتعود إلى فترة الحضارة البيزنطية».

الثور المجنح في متحف اللوفر بباريس

وأكد الدكتور "بغدو" «أن الفترة الأهم في حياة التل الأثري كانت في المرحلة الثالثة، التي تعود إلى فترة الحضارة الآشورية الحديثة في القرن التاسع قبل الميلاد، حيث عثر على مبنى يشبه القصر، ويتألف من صالة استقبال طويلة كشف في جهتها الضيقة على ممر مزين بمنحوتات لعضادات البوابات، وعدة غرف مبنية من اللبن أرضيتها مبلطة بالطين المشوي، وتوضع فوقها تمثال "لاماسو"، وهو ثور مجنح له رأس إنسان نحت من الحجر الكلسي يبلغ ارتفاعه متراً وعرضه 92 سنتيمتراً، كما تم العثور على شاهدة تمثل جنيَّاً مجنَّحاً من الحجر الكلسي، بارتفاع 75 سنتيمتراً وعرض 68 سنتيمتراً، وهي منحوتة أيضاً من الحجر الكلسي، وهي عبارة عن نحت نافر يمثل ثوراً مجنحاً أمام شجر نخيل، بارتفاع 78 سنتيمتراً وعرض 126 سنتيمتراً، كما عثر في الموقع على دبوس من الحجر كتب عليه باللغة المسمارية، وقطع عاجية نافرة ومزخرفة بالخط الآشوري».

وعن أجزاء ومعنى تسمية "لاماسو" يضيف الدكتور "بغدو" بالقول: «إن "لاماسو" كلمة آشورية قديمة تعود أصولها إلى اللغة السومرية، وكانت تطلق على أنثى الجن التي تحمي المدن والقصور والمعابد الدينية، حيث انتشرت هذه التماثيل في مناطق الانتشار الآشوري الحديث في فترة الألف الثاني قبل الميلاد وما بعد، ولاسيما في منطقة بلاد الرافدين ومنطقة الجزيرة السورية، حيث كانت أقسام الثور المجنح ترمز لمزيج من عناصر القوة لدى الكائنات الحية، فرأس الإنسان رمز للحكمة والمعرفة، وجسد الثور للقوة والشدة، وجناحا النسر للمجد والسيطرة، وقدما الثور أو الأسد على الرسوخ والثبات، لذا فإن استخدام هذه الرموز المجتمعة في تمثال متفاوت الأحجام يقف أمام مداخل المدن، يبعث الرهبة والخوف في قلوب الأعداء».

الثور المجنح

من جانبه قال الباحث "بيير إيليا البازي" في كتابه "الآشوريين حقائق ووثائق.. شعوبٌ يتوقف عندها الزمن": «إن رموز الثور المجنَّح في المذاهب السورية تشير إلى أن رأس الإنسان كان رمزاً للإله "نبو"، وهو آلهة الحكمة والعقل وأرجل الثور ترمز للإله "أيل" وهو سيد القدرة الإلهية الراسخة على الأرض، أما جناحا النسر فكانت ترمز للإله "عليون" سيد السماء، في حين يرمز جسد الأسد وذيله لإله القوة والجبروت، وتيمناً بهذا الإله الرباعي سميت باسمه بعض المدن مثل "أربيل" في "العراق"، أي الإله الرباعي وفي العهد الآشوري عرفت باسم "أربا أيل"، وكذلك مدينة "إربد" في "الأردن" حيث كانت تسمى قديماً "أربيلا" أي أربع أيل، ويروى أن الفينيقيين السوريين الذين هاجروا إلى "فرنسا" قبل خمسة آلاف سنة، أسموا المكان الذي رست فيه سفينتهم "مرسى أيل"، وهي ما يطلق عليها اليوم "مرسيليا"».

من تل عجاجة