تبقى ذكرياتُ بركةِ "ملا عمر" وقصصها وطبيعتها الخلابة في ذاكرة أبناء بلدة "الجوادية" عامة، وأهالي قرية "دير غصن" خاصة، يراها الأهالي من أجمل وأهم النقاط السياحية، وللرجال حصةٌ كبيرة من تلك الذكريات.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 18 آب 2019 زارت قرية "دير غصن" التابعة لبلدة "الجواديّة"، وزارت البركة وبحثت في قصتها وذكرياتها البعيدة والحاضرة، كان بداية الحديث لـ "كلستان مرعي" من أهالي القرية، للحديث عن بعض تفاصيل تلك البركة، فقالت: «هي على مشارف قريتنا، تُعدّ من أجمل الأماكن على مستوى منطقتنا والمحافظة عامة، كانت وعلى مدار السنوات البعيدة نقطة التقاء لعديد الأهالي، يتوافدون إليها من شتى المناطق والبلدات والقرى التابعة لمحافظتنا، حتى إنّ الكثير من الزوّار يأتون من محافظات أخرى، للتعرف عليها عن قرب، لذلك كانت ساحةً لمختلف الأطيّاف والألوان، شّكلت وتشكل لوحة اجتماعيّة نعتز بها كثيراً، لم تندثر تلك البركة، حتى اليوم لها جمال وطبيعة خلابة، نستمتع بالجلوس حولها وعلى جنباتها، نحكي عن قصصها الجميلة، خاصة عندما كانت المياه تفيض منها بغزارة، وكانت السباحة فيها على مدار ساعات طويلة، للشباب والصغار وحتى الكبار».

كانت لي زيارة قصيرة إلى البلد، قادمةً من "أوروبا"، سمعتُ الكثير عن البركة وطبيعتها وماضيها، توجهتُ إلى المكان والتقيت أهل القرية لأول مرة، وتعرفتُ مع أبنائي على ذلك الماضي الجميل، حتى اليوم هو مكان يبعث الراحة فهو منطقة خلابة رائعة بأهلها قبل أي شيء، والمكان نفسه أيضاً، ما دام أهل القرية بهذه الروح الجميلة فحكماً كل ما فيها مميّز وطيّب، ومنها هذه البركة التي عشنا معها لحظات جميلة سنتحدث عنها في غربتنا

أمّا "محمد علي مرعي" أحد كبار السن، من القرية المذكورة، تحدّث عن تفاصيل البركة التاريخيّة، من خلال حديثه التالي: «سُميت بركة "ملا عمر" نسبة إلى الجامع، فقد كان هناك جامع باسم "الملا عمر"، حتّى الجامع يتميز بدقة ومهارة الإنجاز، وقد أعطى إضافة مهمة للمكان، فقد صُمم بالأحجار البازلتية وتميّز بشكله المعماري والهندسي القديم والفريد من نوعه، وإلى جانب هذه العمارة المثالية تمّ استثمار البركة التي سميت باسم الجامع، فقد كان أهالي قرية "دير غصن" يستخدمون البركة للحمام والسباحة خاصة للرجال، وكانت البركة مساحتها أربعة أمتار مربعة وبعمق مترين، زُرع بجانبها شجرتان كبيرتان من أشجار الكينا، وشجرة توت ضخمة أيضاً أصبحت معمرة ومن أهم وأضخم الأشجار في المنطقة، لم تكن البركة للسباحة فقط، بل كانت مكاناً لاجتماع الرجال حولها، خاصة فترة العصر وقبل غروب الشمس، يتناولون قضايا القرية ويحلّون مشاكلها ويستمتعون حولها».

أشياء جميلة حول البركة

يضيف "محمد علي" عن البركة: «الكثير من الأهالي كانوا يقضون وقتهم اليومي عندها، خاصة أيام العطل الرسمية، والكثير منهم خصّص زيارة أسبوعية للمكان، وإضافة إلى ما تمّ ذكره فالبركة كانت ذات رمزية كبيرة عند أهالي القرية، كونها ساحة للمحبة والاجتماعات واللقاءات والتعارف، بنيت بجانبها علاقات اجتماعية قائمة حتى يومنا هذا، ونحاول مع أهالي القرية أن يبقى المكان مكاناً للعلاقات الاجتماعية الجميلة، حتى لو ذهبت بعض تفاصيل المكان، وانتهت بعض رموزه، لكن الطبيعة الخلابة وذكريات الماضي الجميلة، كفيلة بجمع الناس حولها دائماً وأبداً، لذلك حرصنا كبيرٌ أن تنتقلَ تلك الرسائل لأبنائنا وأجيالنا المتعاقبة».

من جانبها "خيرية سيد رسول" تحدثت عن قصتها مع بركة "ملا عمر" وزيارتها لها، التي تعدّها من أهم الزيارات أثناء وجودها في البلد، فقالت عن ذلك: «كانت لي زيارة قصيرة إلى البلد، قادمةً من "أوروبا"، سمعتُ الكثير عن البركة وطبيعتها وماضيها، توجهتُ إلى المكان والتقيت أهل القرية لأول مرة، وتعرفتُ مع أبنائي على ذلك الماضي الجميل، حتى اليوم هو مكان يبعث الراحة فهو منطقة خلابة رائعة بأهلها قبل أي شيء، والمكان نفسه أيضاً، ما دام أهل القرية بهذه الروح الجميلة فحكماً كل ما فيها مميّز وطيّب، ومنها هذه البركة التي عشنا معها لحظات جميلة سنتحدث عنها في غربتنا».

طبيعة البركة