يعدّ القطن من المحاصيل الزراعية الرئيسة في منطقة "الجزيرة السورية"، وزراعته توفّر المئات من فرص العمل، وللفتيات الحصّة الكبيرة في العمل من خلال موسم القطاف الذي يكون للتنافس الشريف فيما بينهن لنيل المكافأة والشهرة.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 9 تشرين الثاني 2016، رصدت الكثير من الأراضي المزروعة بالقطن، وحركة الفتيات في تلك الأراضي، فكانت الوقفة الأولى مع "عدلة محمد سعيد الناصر"، لتتحدث عن دورها في الأرض، فقالت: «الفتاة في الريف تعمل في كل جوانب الحياة، وللأرض حصّة كبيرة من خدماتها، أمّا بالنسبة لموسم جني القطن، فهو مختص بالمرأة بوجه عام، والفتاة بوجه خاص؛ لأنها أكثر نشاطاً وحيوية، فقطاف ثمرة القطن يحتاج إلى نعومة وخبرة، ويتطلب العمل وجود عشرات الفتيات في الأرض الواحدة، فالمساحة تكون كبيرة، فإذا كان العدد قليلاً يحدث التأخير بإنجاز كامل الأرض، والفلاح يفضل أعداداً كثيرة من العاملات، لكون الموسم قريباً من فصل الشتاء؛ فإذا هطلت الأمطار يتأثر القطن ويتضرر، وعلى الرغم من كل التعب والإرهاق في الأرض، فالسعادة كبيرة جداً، لأن اللقاء يكون منذ ساعات الصباح الأولى حتى لحظات الغروب، وأخذ فواصل من الاستراحات التي يتخللها الغناء والمرح، إضافة إلى تناول الطعام معاً، والفتيات بالعادة يجتمعن من أكثر من قرية قريبة من الأرض المستهدفة، وبذلك تصبح بيننا علاقات اجتماعية لا مثيل لها، ويبقى الأهم أننا ننتظر بفارغ الصبر تعويضاتنا المالية من صاحب الأرض، لنذهب إلى السوق ونقوم بشراء ما نحتاج إليه من ملابس وذهب، وغيرها».

أكثر من ستة أشهر مدة زراعة القطن وجنيه، والكثيرون من الشباب الذكور والإناث يستفيدون من زراعته، فالسقاية و"العجاف"؛ أي تنظيف الأرض من الأعشاب الضارة، وقطفه والعتالة ونقله بوسائل النقل، وغيرها من الأمور تساهم بتوفير فرص عمل في تلك المدة، حتى يتم إنتاج الذهب الأبيض

"علي محمّد الصعب" من أهالي ريف "القحطانيّة"، بيّن دوره في العمل بأراضي القطن، قائلاً: «أكثر من ستة أشهر مدة زراعة القطن وجنيه، والكثيرون من الشباب الذكور والإناث يستفيدون من زراعته، فالسقاية و"العجاف"؛ أي تنظيف الأرض من الأعشاب الضارة، وقطفه والعتالة ونقله بوسائل النقل، وغيرها من الأمور تساهم بتوفير فرص عمل في تلك المدة، حتى يتم إنتاج الذهب الأبيض».

مراقبة الفتيات للأوزان

أمّا "خضر الحاج إسماعيل"، فتحدّث عن دوره ومهمته مع عاملات القطن، فقال: «الصفة التي أحملها هي "الشاويش"؛ أي المشرف على عمل العاملات من حيث توزيع المهام وضبطه، ومراقبة جودة العمل من عدمه، وغيرها من الأمور المتعلقة بنجاح العمل، و"الشاويش" يحدده صاحب الأرض قبل مدة، فعلى عاتقه يتطلب تأمين العاملات وعددهن، وقد أضطر للذهاب إلى أكثر من قرية في سبيل تأمين العدد اللازم، الذي لا يقل عن عشرين عاملة، والجميل في الأمر أن الكثيرات من الفتيات يتنافسن في العمل، فالتعويض المالي يكون على الكمية التي جنتها كل فتاة، وهدف كل فتاة حصد المركز الأول، وبذلك ينتشر صيتها، ويبحث عنها في جميع الأراضي للعمل، ولأن أهل الزراعة والقرى يتحدثون عن تلك الفتاة بالمدح والثناء، وهو أمر محفز جداً للجميع. وخارج مساحة الأرض المزروعة بالقطن هناك ميزان كبير، وكل فتاة تأخذ ما أنتجته إليه، ويتم تقدير الوزن، حتى نصل إلى كميتها النهائية في آخر يوم من جني القطن، وعلى أساسه يتم تعويضها».

"صالح المحمود" من مزارعي منطقة "اليعربية"، تحدّث عن زراعته للقطن، قائلاً: «الحرص على زراعة القطن، هو واجب أخلاقي للفلاح في الأرض التي يعيش من خيراتها، إضافة إلى العشرات من الأسر العاملة في الأرض التي تسترزق من خلال العمل بها، أمّا جني محصول القطن، فيكون في نهاية شهر أيلول وتشرين الأول، ومن يتأخر يبقى حتى الأسبوع الأول من تشرين الثاني، وهي المدة التي تتطلب أكثر عدداً من العمال والعاملات، كلّ حسب الموقع الذي يحتاج إليه، ونادراً ما يتجه المزارع إلى أرضه أثناء العمل؛ لأن "الشاويش" يؤدي دوره بوجه كامل وإيجابي، والعمّال يتم انتقاؤهم على أساس الثقة والخبرة».

السيد صالح الحاج محمود