وسط المدينة ومنذ الصباح الباكر تنبض جميع محاله بالحركة، فهو شارع يستقبل الزبائن، نظراً لخصوصية السلع التي تباع فيه والتي يقصدها أهل الريف والمدينة.

مدونة وطن "eSyria" زارت الشارع بتاريخ 8 كانون الأول 2014، والتقت الحاج "خضر الساير" من أهالي قرية "صفيا"، حيث يقول: «أزور هذا السوق في أوقات متباعدة خصوصاً عند ما تدعو الحاجة، فهذا الشارع يؤمن للقرويين أغلب حاجياتهم، ففيه تباع الأقمشة والألبسة وأغراض وأواني المطبخ، كما يوفر السوق أدوات الطبخ بالنسبة للقرويين؛ التي لا يستعملها المدنيون، إضافةً إلى قطع الغيار لهذه الأدوات التي تعد قديمة نوعاً ما، مثل: "بابور الكاز"، و"لمبة الكاز"، والأغراض التي تستعملها السيدات في المنازل، مثل لوازم الخياطة وأغراض الزينة في بيوت القرية، لكن من أهم ما يميز هذا السوق أنه شعبي لذا أغلب الأحيان تكون أسعاره أرخص من المحال الفخمة».

أن السوق في السابق لم يكن بهذا الاتساع، فقد كان صاحب "البسطة" يعرض فيها من كل صنفٍ ونوع، أما اليوم فقد بدأ أصحاب البسطات التخصص، فمن بسطة واحدة أصبحت اليوم أمتلك ثلاث "بسطات"، وكل واحدة تعنى بأمرٍ من أمور الحياة ولوازمها، ولا يمكن لأحد أن يرى مثل هذه البسطات أو البضاعة المعروضة في غير هذه الأماكن، لأننا اعتدنا الزبائن وهم أيضاً اعتادونا، والقاسم المشترك بيننا هو الأسعار التي تناسب الجميع، فنحن نكتفي بأرباح بسيطة مقابل كم من المبيعات

أما السيدة "نجاح الحمدي" من أهالي قرية "الطالعة الغربية" فترى: «أن أهم ما يميز السوق هو وجود جميع الأغراض التي تحتاجها القرويات، علاوة على أنه يفتح أبوابه في الصباح الباكر، ففي الساعة السابعة صباحاً يمكن للزبائن شراء حاجياتهم كاملة والعودة إلى القرى لمتابعة العمل اليومي، وقد جاءت اليوم لشراء خميرة الجبنة التي لا تجدها في غير المحال العتيقة، كما أنها اشترت "المشاخيل"، استعداداً لموسم الجبن الذي سيبدأ بعد قرابة الشهر من الآن، إضافة لشراء بعض الحاجيات لها ولبناتها مثل "الملافع"* والجوارب السميكة، ونوع خاص من السكاكر للأطفال يقال له "سكر عرب"».

تغطية الشارع بالشوادر

ويبيّن الخياط العربي "فادي جرجس": «أن قدم هذا السوق وخدماته التي كانت تقدم منذ زمن هي من بين الأمور التي تفرد بها، فقد ارتبط هذا الشارع بذاكرة أهل المدينة والريف على حد سواء، فترى الزبائن تنطلق لحظة توقف وسائل النقل إلى السوق مباشرةً، علاوةً على ذلك فقد كانت وسائط النقل وحتى فترة قريبة؛ تحط رحالها في مكان قريبٍ من هنا يدعى "خان بهنو"، لكن مع التوسع الذي شهده مركز المدينة ابتعدت هذه الخدمات عن الشارع الذي يعد ليومنا هذا منتصف مركز السوق، أما عملي كخياط عربي فقد كان يقدم الكثير من الخدمات للزبائن، وعلى وجه الخصوص كان أهل الريف هم الذين ينتفعون بها، فكان عملنا يبدأ الساعة عند الخامسة فجراً ويستمر حتى الخامسة ليلاً في الشتاء والثامنة صيفاً، ومن مميزات هذا الشارع أن الأرصفة لم تعد للمارة؛ فقد علتها "البسطات وفرش" الباعة، وهو ما ساهم في تنوع الخدمات وكثرة السلع المعروضة، الأمر الذي زاد من عدد زواره».

من جهته أكد "شفان أحمد فتاح" صاحب "بسطة" على الرصيف: «أن السوق في السابق لم يكن بهذا الاتساع، فقد كان صاحب "البسطة" يعرض فيها من كل صنفٍ ونوع، أما اليوم فقد بدأ أصحاب البسطات التخصص، فمن بسطة واحدة أصبحت اليوم أمتلك ثلاث "بسطات"، وكل واحدة تعنى بأمرٍ من أمور الحياة ولوازمها، ولا يمكن لأحد أن يرى مثل هذه البسطات أو البضاعة المعروضة في غير هذه الأماكن، لأننا اعتدنا الزبائن وهم أيضاً اعتادونا، والقاسم المشترك بيننا هو الأسعار التي تناسب الجميع، فنحن نكتفي بأرباح بسيطة مقابل كم من المبيعات».

جانب من شارع بيروت

أخيراً، يقول "رشيد عبد الباسط" صاحب أقدم محل للوازم المنزلية: «هذا المحل ورثته عن أهلي الذين اشتروه من أصحابه الأصليين، وميزة هذا المحل أنه الشاهد على بناء السوق وتمدده، فطرازه العمراني يؤكد أنه عاصر النشأة الأولى للمدينة، ولم أقم بتغيير نوع التجارة حتى اليوم بل سعيت لتطويرها وتوسيعها، فنحن نقدم كل ما يتعلق بحاجة المنازل من الإبرة وحتى آخر حاجيات ربة البيت، ولا يوجد محال تشابهنا في السوق فقد تعلمنا ما يحتاجه الناس من طول فترة المخالطة، ومن النادر أن يطلب الزبون شيئاً لا يتوافر عندنا، وفي مثل هذه الحالة نقوم بتوفيرها حتى يراها في المرات القادمة، ما أود قوله إن سمة المدينة وطباعها قد تجدها في السوق العتيق عموماً، وفي هذا الشارع على وجه الخصوص، وما عليك سوى التجول فيه ومراقبة كيفية حياة الناس، ولا يعطل السوق في يوم محدد لأن النسيج الذي يضمه هو من مختلف الشرائح، لذلك لن يجد المحتاج حرجاً في زيارته طوال أيام الأسبوع».

  • "المشاخيل": جمع مشخالة، وهي المصفاة الناعمة المصنوعة من القماش؛ تستخدم لتصفية الجبن البلدي أثناء الصناعة.
  • من شارع المأمون

    ** "الملافع": مفردها مِلفع، وهو الغطاء الذي تضعه المرأة على رأسها.