شكّل حركة صناعية وتجارية كبيرة في مدينة "القامشلي" عامة، من خلال إعلانه عن إنشاء منطقة صناعية متعددة المهن في السبعينيات من القرن الماضي.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 19 أيلول 2014، جالت في حي "حارة الطي"، والتقت عدداً من أهله وصنّاعه للحديث عن تاريخ أول منطقة صناعية في مدينة "القامشلي" وجدت هناك، وكانت البداية مع السيّد "حمد العبد" من أبناء الحي، ويقول: «منذ خمسين عاماً وأنا أسكن في هذا الحي، ومنذ ذلك التاريخ كانت ولادة المنطقة الصناعية، وتلك الخطوة قدّمت الكثير لحينا وللأحياء المجاورة، فكانت الخدمة الصناعية كبيرة وخاصة للمنطقة الجنوبية من مدينة "القامشلي" والعديد من القرى التي كانت تضمها المنطقة، فالمنطقة كانت زراعية وبحاجة للميكانيك والصناعة بشكل دوري لتنشيط حركتها، وهذا ما حصل، فأصبح الحي منذ ساعات الصباح الأولى وحتّى المساء يكتظ بزوّار الحوانيت الصناعية».

كان حي "حارة الطي" مكاناً للراحة والخدمة لجميع من يتوافد إليها من أبناء القرى المحيطة، فكثيرة هي المرّات التي نحتاج فيها للبقاء عدة أيام لإتمام إصلاح قطعة أو آلة معنية، خاصة في فترات الصيف حيث الإقبال كان في أوجه من قبل المزارعين والفلاحين

ويضيف: «هذا الأمر فتح المجال أمام أبناء الحي لإنشاء علاقات اجتماعيّة عمرها عشرات السنين من خلال التواصل الاجتماعي والتعارف بين العشرات يومياً من زوّار المنطقة الصناعية، حيث كان العديد منهم يتوافدون يومياً ومن كل المناطق والبلدات والنواحي والقرى القريبة والبعيدة إلى "حارة الطي"، وبفضل تلك الخطوة يربط أهالي الحي حتّى يومنا هذا علاقات وطيدة مع جميع الألوان والأطياف من الناس الذين كانوا يزورن المنطقة، من خلال دورنا كمحطة لاستراحة من يأتي من منطقة بعيدة عن "القامشلي"، فمنهم من كان يرتاح وينام ويتناول الطعام، بينما ينتهي من تصليح ما جلبه للميكانيكي أو الحداد أو "الدوزانجي"، وغيرها من المهن».

السيد إلياس يشرح للضيوف عن المنطقة الصناعية

أمّا الفلاح "حسين الحاج محمود" من أبناء قرية "قلعة الهادي الغربية"، فقد تحدّث عن زياراته لـ"حارة الطي"، ويقول: «كان الحي يضم منطقة صناعية فيها جميع المهن والحرف الصناعية وحتّى التجارية، وبما أنني أعمل في مجال الزراعة فالمولدة الكهربائيّة التي كانت مخصصة لسقاية الأراضي الزراعية بحاجة إلى تصليح وصيانة مع بداية كل موسم زراعي، فكانت الوجهة نحو "حارة الطي" وذلك منذ السبعينيات وحتى التسعينيات من القرن الماضي، وكان في المنطقة نخبة من خيرة المهن الصناعية من كهرباء وميكانيك وحدادة، وغيرها وموجودة على امتداد شارع واحد، حتّى قطع التبديل التي كنا بحاجتها لآلاتنا كانت تؤمن من نفس المنطقة».

ويتابع: «كان حي "حارة الطي" مكاناً للراحة والخدمة لجميع من يتوافد إليها من أبناء القرى المحيطة، فكثيرة هي المرّات التي نحتاج فيها للبقاء عدة أيام لإتمام إصلاح قطعة أو آلة معنية، خاصة في فترات الصيف حيث الإقبال كان في أوجه من قبل المزارعين والفلاحين».

محلات من اللبن والطين في المنطقة الصناعية قديماً

السيّد "إلياس ديار بكرجي" أوّل من افتتح محلاً صناعياً في الحي، ويقول: «مع بداية السبعينيات كان افتتاح محلي الأول كمحل صناعي في الحي، وكان محلاً لتبديل الزيوت، وشيئاً فشيئاً توافد للحي ولحوانيته الصنّاع والمهن المختلفة والمتنوعة، فانتشرت فيه كافة الحرف من حدادة وميكانيك، ودوزان، وخراطة، ودهان سيارات، وتبديل وبيع كافة القطع الميكانيكيّة، وكان الإقبال على هذه المنطقة تحديداً بسبب الرخص الكبير للحانوت الواحد فسعر الواحد لم يكن يتجاوز المئة ليرة سورية عن الشهر الواحد، وخصوصية أغلبية تلك المهن أنها لم تكن تحتاج إلى حوانيت كبيرة أو ضخمة؛ فعلى سبيل المثال الميكانيكي لا يحتاج سوى لمكان صغير يستطيع من خلاله وضع عديد المفاتيح التي يحتاجها عمله وصنعته، ولذلك يلاحظ على الحوانيت بدائيتها وأغلبها مجهزة من اللبن والطين، وظلّ الحال كذلك بكون الحي منطقة صناعية حتّى منتصف التسعينيات، ثم انتقل أصحاب الحوانيت والمهن إلى المنطقة الصناعية الحديثة الموجودة عند الكراج الكبير من الجهة الشمالية».