الحاج "سعدون محمد العلي" مازال يذكر مكتب نقل البضائع إلى كافة مناطق ومحافظات القطر، كما كان حاضراً في ذاكرة أبناء "القامشلي"، من أحاديث وعلاقات اجتماعية وخدمات مميزة لم تستمر إلا لسنوات..

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 23 آب 2014، تجولت في المنطقة التي كانت تحتضن مكتب نقل البضائع، ووقفت عند عدد ممن كانوا يتعاملون معه لتنتقل معهم إلى ماضي ذلك المكان، وكانت البداية مع الحاج "سعدون محمد العلي" الذي قال: «قبل سبعين عاماً تقريباً قمتُ بإرسال بعض الحقائب إلى العاصمة "دمشق"، وذلك من خلال مكتب الشحن والنقل الوحيد في مدينة "القامشلي"، وبشكل يومي كان هناك أشخاص قادمون من الريف من أجل إرسال بضائعهم المتنوعة والمختلفة، وكانت هناك أيّام تسمى أيام الذروة من حيث الإقبال والتواجد، فأنا مثلاً كنتُ أرافق عدداً من أقربائي من قرية "التنورية" التي تبعد عن مدينة "القامشلي" 13كم، وكنّا نخرج منذ الصباح الباكر، ونصل إلى المكتب فنجد أبناء الريف فقط واصلين أولاً دون حضور موظفي المكتب حتى، فتبدأ جلسات في المقهى القريب من المكتب وحتّى على أطرافه وجنباته، تتكون من حلقات من البشر يتحادثون ويتبادلون الأفكار والقصص والموضوعات».

تمّ عام 1935 تخصيص ساحة ترابيّة في وسط السوق المركزي ليكون مكتباً للشحن ونقل البضائع من "القامشلي" إلى باقي المحافظات السورية وبالعكس، والساحة كانت بمساحة 20م2، وكانت هناك ثلاث سيارات صغيرة مغلقة تقوم بتلك المهمّة، أي نقل البضائع، وأحياناً تصل إلى أربع سيارات فصاحب الكراج كان يقوم باستئجارها، وكان على جانبي سور الكراج في الجهة الأمامية التي تقابل المصرف التجاري حالياً عدد من المحلات الترابية أيضاً ومن بينها مقهى، واستمر العمل بذلك الكراج منذ عام 1935 وأغلق عام 1941، ليتحول ذلك المكان إلى مكتب تابع لفرع الحبوب؛ وأنا أوّل من عمل في ذلك المكتب

أمّا السيّد "خليل سيد عمر" فيضيف معلومات أخرى عن مكتب الشحن، ويقول: «هناك علاقات اجتماعية تشكلت منذ ذلك الحين وهي باقية حتّى اليوم، ومكتب الشحن كان السبب المباشر، حتّى إن موظفيه نتذكرهم حتى اليوم ونتناول القصص الجميلة والشيقة التي كانت تحصل معنا ومعهم لنسردها لأبنائنا، علماً أن عدد الموظفين لم يكن يتجاوز الثلاثة، ولكنهم كانوا بقمة الحيوية والنشاط، وكان الشخص الموظف يتسلم بضاعتنا ويقدم لنا إيصالاً بذلك، والأجرة كانت تتفاوت من خمسين ليرة سورية إلى مئة ليرة سورية، وربما أكثر بقليل وأحياناً كثيرة أقل من ذلك عندما تكون البضاعة أو الشيء المرسل صغير الحجم، والبضاعة خلال ثلاثة أيام كانت تصل إلى أبعد نقطة وهي العاصمة، ومن ذلك المكتب كنّا نتسلم ما يتم إرساله لنا من قبل الأهالي والأصدقاء من المحافظات الأخرى، وبما أن الاتصالات لم تكن متوافرة بكثرة في الأربعينيات وخاصة لمناطق الريف، فكنّا نكلف أي شخص قادم من الريف إلى مدينة "القامشلي" بزيارة مكتب الشحن للتعرف على أسماء أبناء قريته إذا كانت لهم بضاعة ما، وحقاً كوادر المكتب كانوا متعاونين للغاية، وكانوا ييسرون ويسهلون الأمور كثيراً، وتحديداً لأبناء الريف، ولذلك نحن نروي قصص ذلك المكتب حتى اليوم بكل أمانة لأننا نعدّه إرثاً وتاريخاً مهماً في المدينة».

السيد أنيس مديواية

وكان للكاتب "أنيس حنّا مديواية" (أحد كتّاب التاريخ عن مدينة "القامشلي") حديث عن بعض العناوين التاريخية عن مكتب الشحن المذكور، يقول: «تمّ عام 1935 تخصيص ساحة ترابيّة في وسط السوق المركزي ليكون مكتباً للشحن ونقل البضائع من "القامشلي" إلى باقي المحافظات السورية وبالعكس، والساحة كانت بمساحة 20م2، وكانت هناك ثلاث سيارات صغيرة مغلقة تقوم بتلك المهمّة، أي نقل البضائع، وأحياناً تصل إلى أربع سيارات فصاحب الكراج كان يقوم باستئجارها، وكان على جانبي سور الكراج في الجهة الأمامية التي تقابل المصرف التجاري حالياً عدد من المحلات الترابية أيضاً ومن بينها مقهى، واستمر العمل بذلك الكراج منذ عام 1935 وأغلق عام 1941، ليتحول ذلك المكان إلى مكتب تابع لفرع الحبوب؛ وأنا أوّل من عمل في ذلك المكتب».

المكان الذي كان لمكتب الكراج في الماضي