في تقليدٍ سنوي تحتفل الطوائف المسيحية بعيد القديسة "بربارة" في الرابع من شهر كانون الأول بتظاهرة كرنفالية جميلة يرتدي فيها الأطفال الألبسة التنكّرية.

موقع eHasakeh حضر الاحتفال الذي أقيم في صالة كنيسة القديسة" مارتشموني" للسريان الأرثوذكس بالمالكية والتقى الطفلة "أنابيل غسان" والتي قالت لنا: «عيد "البربارة" بالنسبة لي هو من أهم أيام السنة ومن أجمل الأعياد، وهذا اليوم أنا سعيدة لأنني ارتديت لباس المهرج الذي صنعته لي أمي في البيت، وساعدها أبي بتلوين وجهي، وقد شاركت مع أصدقائي في الحفلة التي أقامتها».

أحب لباس الساحرة كثيراً ولدي عصا أستطيع بواسطتها أن أجعل هذا الكرسي يصبح زهرة، وأنا اليوم مسرورة في الحفلة وقد التقطت الصور مع أصدقائي الذين تنكروا بأزياء مختلفة

وللطفلة "داليا يوسف" نصيب في الحديث مرتدية زي الساحرة وهي تقول: «أحب لباس الساحرة كثيراً ولدي عصا أستطيع بواسطتها أن أجعل هذا الكرسي يصبح زهرة، وأنا اليوم مسرورة في الحفلة وقد التقطت الصور مع أصدقائي الذين تنكروا بأزياء مختلفة».

براءة وطفولة

الاحتفالية جمعت محتفلين من كل الطوائف، فالسيدة "خديجة مراد" قالت لنا: «أنا مسرورة لتواجدي في هذا الحفل، لاسيما أن الأطفال ومنهم ابني "محمد" قد استمتعوا بالفقرات الغنائية التي قدمت، وكذلك بفقرة مسرح العرائس التي كانت ممتعة جداً، وقد قمت بصناعة اللباس التنكري لأنني أجد متعة حينما أبتكر زي خاص لابني أكثر من شرائه من السوق، وقد ارتدى ابني اليوم زي بائع العرق سوس».

ولمعرفة المزيد عن الاحتفال كانت لنا وقفة مع السيد " جهاد كوركيس" مسؤول أحدية الأطفال الذي قال: «جرت العادة بأن يتم الاحتفال بالعيد في ليلة الثالث من كانون الأول أو الرابع منه، وفيما يتعلق بحفل اليوم فقد تم تنظيمه من قبل مركز التربية الدينية للسريان الأرثوذكس بالمالكية بواسطة أحدية الطفولة، وبمشاركة كبيرة من أطفال "المالكية" من مختلف الطوائف والمذاهب، وقد اكتسب العيد طابعاً اجتماعياً مميزاً مع مرور الوقت بعيداً عن المغزى الديني».

المهرجون الصغار

ويضيف" كوركيس": «الهدف الرئيسي من هذا الاحتفال هو خلق تفاعل بين الأطفال وأهاليهم في أجواء الفرح والسعادة، وسعينا لتوسيع هذا النشاط كي يتجاوز الأطر الدينية، ويشمل شرائح أكبر من المجتمع وقد نجحنا في ذلك عبر المشاركة الواسعة للأطفال».

ويختتم حديثه بالقول: «احتفال هذا العام كان مميزاً بتنوع الألبسة التنكرية التي ارتداها الأطفال من الاختلاف والابتكار، كما كنا حريصين على تقديم فقرات فنية جديدة من قبيل مسرح العرائس والذي بواسطته قمنا بتقديم قصة القديسة" بربارة" في إطار مبسط ومشوق يلائم عقلية الطفل، إضافة إلى المسرحيات والأغاني كما قمنا بإجراء مسابقات مع تقديم عددٍ من الجوائز، وتم توزيع "السليقة" المعدة للحفل بعد أن كنا قد قمنا بتوزيع الهدايا على جميع الأطفال الذين حضروا هذه الحفلة قبل الدخول».

حضور عائلي

وعن القديسة " بربارة" فقد حدثتنا الأنسة "مريم عيسى" فقالت: «القديسة "بربارة" بحسب الرواية التي تناقلتها الأجيال عنها، تفيد بأنها كانت ابنة رجل وثني متعصّب ذي ثروة اسمه "ديوسقوروس"، و لأن بربارة كانت فتاة جميلة فقد غار عليها أبوها من العيون، فأقفل عليها في قصره وجعل لها كل ما تحتاج إليه وما يسليها، وبتدبير من الله التقت بربارة من بشّرها بالمسيح فآمنت به ونذرت له بتولية نفسها لكي لا تلهو عنه بعريس أرضي أو تُفرض عليها الوثنية فرضاً تحت ستر الزواج، فلما اكتشف أبوها أنها قد صارت مسيحية جنّ جنونه وأسلمها إلى "مرقيانوس" الحاكم، حاول "مرقيانوس" باللطف أولاً، أن يستعيد بربارة إلى الوثنية فخاب قصده، وإذ تهددها وتوعّدها لم تتزحزح عن رأيها، فأسلمها إلى عذابات مرّة، جلداً وتمزيقاً بالحديد وسجناً فلم يلق غير الفشل نصيباً، إذ ذاك أسلمها إلى الموت، وقد أبى والدها بعدما امتلأ حماقة وغيظاً، إلا أن يكون هو نفسه جلادها فقطع رأسها بالسيف».

أما عن سبب التنكر وتوزيع "السليقة" توضح " عيسى" «أما قصة الحنطة التي يتناولها المسيحيون فيقال أن القديسة عندما مرت في إحدى الحقول كان المزارع يبذر بذار الحنطة، فقام بتوجيهها نحو مكان لتهرب إليه، وقال لها بأنه لن يخبر أحداً وعندما داست قدميها القمح نما وأصبح سنابل ناضجة، فبدأ بالحصاد وعندما سأله الجنود أثناء بحثهم قال لهم بأنه شاهدها أثناء بذر البذار وهكذا استطاعت الفرار وقتها».

وتختتم بالقول موضحة سبب اللباس التنكري: «تتعدد الروايات والتفسيرات حول سبب التنكر، فمنهم من يقول أنه عندما فرت القديسة هاربة واحتمت بخيمة آواها أصحابها فحدثتهم بحكايتها اقتنعوا بها وأرادوا مساعدتها فألبسوها عباءة وتنكرت بها، وبدأ حاشية والدها بالبحث عنها لتنفيذ أوامره وعندما مروا من جنبها لم يتعرفوا عليها بزيها التنكري وبذلك نجت، ومنهم من يقول بأن "بربارة" عندما هربت كانت تتخفى بثياب الخدم مرة وبثياب الفرسان مرة أخرى حتى لا يتم اكتشاف أمرها، وتكرر هذا عبر السنوات للتذكير بمعاناتها، وبعضهم يفسر تنكر الأطفال بأنه دلالة رؤيتها يسوع الطفل، ويبقى أن أقول عيد البربارة هو عيد الفرح والمحبة والتضحية التي أظهرتها القديسة للعقيدة المسيحية».