بعيداً عن البترول والمشتقات النفطية التي لا تنتهي عواقبها؛ والتي قد لا تتوافر للجميع، بدأت الأنظار تتجه لإيجاد مصادر بديلة للطاقة؛ فجاءت الحيوانات والمخلفات الزراعية لتحل هذه الأحجية دون تكلفة أو نتائج سلبية.

مدونة وطن "eSyria" تابعت هذا التحول، والتقت المهندسة الزراعية "شيرين خليفة" بتاريخ 1 آب 2014، لتتحدث عن هذا التحول وإمكانية توظيف المخلفات الحيوانية، فقالت: «تعد إدارة المخلفات الحيوانية مشكلة؛ بالنسبة للعديد من المزارع وخاصة الوحدات الكبيرة، كما أنها تشكل مصدر إزعاج في حال وجودها بالقرب من المناطق السكنية، بسبب الروائح الكريهة المنبعثة منها، إضافة لكونها مصدراً لتلوث المياه في حال وجودها بالقرب من مجاري الأنهار، الأمر الذي شجّع المزارعين والمربين على إيجاد طرائق حديثة لاستبعاد المخلفات الحيوانية وتخزينها، للتخلص من أضرارها من جهة، وللاستفادة منها من جهة ثانية؛ وذلك من خلال بناء هواضم Digesters في مزارعهم، واستخدامها في عمليات التسميد العضوي للتربة وزراعة الفطر والتدفئة والطبخ؛ وكمصدر حراري في تدفئة مراقد البذور، والأهم هو تحويلها إلى منتج للوقود الحيوي "Biogas"».

أنه قام بتنفيذ هذه التجربة في القرية بخبرات ذاتية؛ ومن خلال متابعته لأحد البرامج التلفزيونية، وأن التجربة نجحت نجاحاً كبيراً وتم استخدام الغاز وتجريبه، إلا أن نقص الخبرة لديه وعدم تبني أي جهة علمية لها، أوقعه في الاستخدام الخاطئ، حيث ترك المستوعب دون أن يستخدمه لعدة أيام، ما تسبب في إنتاج كميات كبيرة من الغاز أدت لانفجار المستوعب، وأنه بانتظار قيام المؤسسات البحثية والعلمية لتبني مثل هذه التجربة وإعادتها للعمل مرة أخرى، فجميع المواد الأولية التي تحتاجها عملية الإنتاج موجودة وبكثرة في القرى

وتابعت: «تتأثر كمية المخلفات ونوعيتها الناتجة من الحيوانات بعوامل عديدة، منها: نوع الحيوان وعمره، ونظام الرعاية، وطريقة كسب الحليب، ونوع الفرشة، والمادة العلفية المستهلكة، ونوع الفضلات الناتجة، ومن الفضلات التي يمكن استخدامها في إنتاج الغاز الحيوي، مخلفات إسطبلات الحيوانات الكبيرة "أبقار، خيول، جواميس"، ومخلفات حظائر الحيوانات الصغيرة "ماعز، أغنام، خنازير"، وزرق المداجن "دجاج، حمام، بط"، كما تتعدى طرائق الاستفادة إلى مخلفات مسالخ الماشية من خلال توظيف محتويات الجهاز الهضمي؛ وما يطرحه الإنسان عن طريق مياه المجاري، وبقايا المحاصيل الزراعية ومخلفات المصانع، مثل: "تفل الزيتون، وتفل الشوندر، والنباتات الزيتية كالطحالب، وقصب السكر". وللطاقات المنتجة من مخلفات الطبيعة أنواع عديدة، مثل: الوقود الصلب الذي يتم إنتاجه من الأخشاب، والوقود السائل "الديزل"، الذي يستخرج من المحاصيل الزيتية مثل قصب السكر ويعرف بالبترول الحيوي، والوقود الغازي الذي ينتج عن طريق تحلل المادة العضوية، وينتج عنه غاز الميثان».

بداية التحضير

وحول تقنية إنتاج الغاز الحيوي من مخلفات الحيوانات تبين: «أن هذه التقنية تُعد من التكنولوجيات الاقتصادية المنتشرة في العديد من دول العالم، بهدف معالجة مخلفات المزرعة النباتية والحيوانية والصرف الصحي؛ بطريقة صحية وآمنة لحماية البيئة من التلوث بالتخمر اللا هوائي "Anaerobic fermention"، وتزدهر في عموم "أوروبا" وعلى وجه الخصوص في "الدانمارك، وهولندا، والمملكة المتحدة"، حيث يتم سنوياً إنتاج 7 ملايين طن من بقايا الأبقار والدواجن والخنازير، وتتطلب هذه الصناعة ظروفاً ملائمة تتمثل في: درجة حرارة تتراوح بين 30 و40 درجة مئوية، ويعد تأمين هذه الدرجة الحرارية مهماً جداً؛ لأن البكتريا المنتجة للميثان تعمل بشكل أفضل فيها، كما يجب أن تكون درجة الـPH قريبة من التعادل، فيما تتبع درجة الرطوبة لنوع المخمر وطريقة التغذية، وتتطلب هذه العملية من 2 إلى 8 أسابيع تبعاً لدرجة الحرارة، ولاحقاً تستخدم نواتج التخمر في التسميد، وتعد هذه النواتج من المخصبات الممتازة».

أما مراحل التخمر فتوضح "خليفة": «تتم عملية التخمر بطريقتين: الأولى التخمر الهوائي بوجود الرطوبة والتهوية والحرارة مع إضافة الكلس الحي، أما الطريقة الثانية فهي التخمر اللا هوائي ويحدث في درجات حرارة تتراوح بين 30 و40 درجة مئوية، ولمدة 15 إلى 20 يوماً، وينتج بفعل تخمر الأحماض العضوية، ثم تتحول هذه الأحماض إلى الغاز الحيوي بفعل النشاط البكتيري؛ التي تعمل على إرجاع الهيدروجين إلى CO,CO2 لتكوين غاز الميثان CH4، وللغاز المنتج حيوياً عدد من المواصفات أهمها: أنه غير سام؛ وله لهب أزرق اللون وهو كامل الاحتراق، وليس له رائحة، كما أنه أخف من الهواء وليس هناك مخاطر أمنية عند استخدامه، وتتراوح القيمة الحرارية له بين 3170 و6625 كيلو كالوري×م3، تبعاً لمحتواه من غاز الميثان الذي تختلف نسبته بالمخلوط الغازي؛ تبعاً لنوع المواد المتخمرة، أما كفاءته التشغيلية فهي كل 1م3 بيو غاز ينتج 1.25 كيلو وات×سا، وهي طاقة كافية لتشغيل موتور بقوة واحد حصان لمدة ساعتين، فضلاً عن الآثار البيئية الإيجابية وهو آمن، أما الخطر الوحيد الذي يمكن أن يتسبب فيه الغاز الحيوي، فهو في حال وجود النار قريبة منه أو في حال خلطه بالهواء».

تجهيز المستوعب

وتختم بالفوائد التي يجرها استخدام هذه التقنية، فتقول: «تتعدد الفوائد من توفير في الطاقة مثل: الكاز، الغاز، الكهرباء، الخشب أو الفحم، إلى استغلال الغاز الناتج عن الهاضم بشكل تجاري، وتوفير السماد للزراعة وإمكانية بيع السماد، وصولاً إلى خلق نوع من البروتين "Single cell protein" أي "بروتين وحيد الخلية"، الذي يستعمل في خلطات الأعلاف بدلاً من مصادر البروتين الأخرى المرتفعة الثمن، كما يساهم في تحسين الوضع الصحي للسكان نتيجة قتل الجراثيم أثناء عملية الهضم، وتوفير الإضاءة في المناطق غير الموصولة بالكهرباء، وزيادة خصوبة التربة بعد استعمال السماد الطبيعي المهضوم، وصولاً إلى التقليل من تجريد الأرض من الأشجار، وخلق فرص عمل ودخل إضافي، وتقليل نفقات المزارعين».

من جهته بيّن السيد "عبد العزيز ملا علي": «أنه قام بتنفيذ هذه التجربة في القرية بخبرات ذاتية؛ ومن خلال متابعته لأحد البرامج التلفزيونية، وأن التجربة نجحت نجاحاً كبيراً وتم استخدام الغاز وتجريبه، إلا أن نقص الخبرة لديه وعدم تبني أي جهة علمية لها، أوقعه في الاستخدام الخاطئ، حيث ترك المستوعب دون أن يستخدمه لعدة أيام، ما تسبب في إنتاج كميات كبيرة من الغاز أدت لانفجار المستوعب، وأنه بانتظار قيام المؤسسات البحثية والعلمية لتبني مثل هذه التجربة وإعادتها للعمل مرة أخرى، فجميع المواد الأولية التي تحتاجها عملية الإنتاج موجودة وبكثرة في القرى».

مخطط تقريبي للعملية