يعتبر محصول القطن من المحاصيل الاستراتيجية الهامة في محافظة "الحسكة" على الصعيدين الخاص والحكومي، إلا أن المتغيرات التي حصلت مؤخراً على تكاليف الإنتاج، أدت إلى تقلص المساحات المزروعة، لذا شرعت الحكومة بتوزيع الدعم المادي على الفلاحين لتعود المساحات إلى سابق عهدها ويعود النفع على الفلاح والدولة في آنٍ معاً لأن القطن السوري من الأقطان المرغوب فيها عالمياً.

ففي السابق كان الفلاح يعاني الأمرّين في تأمين مستلزمات الإنتاج، التي كانت تثقل كاهله بالديون حتى يحين موعد جني المحصول، ما أدى إلى خروج مساحات شاسعة كانت تزرع بالقطن من الخدمة، وعليه تقلص حجم الناتج القومي وقلت عملية التصدير، فكان قرار توزيع الدعم حركة تحول جذرية تحسب لإعادة انتعاش هذه الزراعة.

يستهلك كل دونم واحد من القطن 10 كيلو غرامات من البذار ونحو 500 ليرة سورية لتهيئة الأرض ونحو 8500 ليرة سورية ثمن محروقات على مدار الموسم، وهذا كله كان يؤثر سلباً على الإنتاج إذ إن التأخر في تأمين المحروقات كفيل في إفساد المحصول، لكن بعد أن تم توزيع الدعم في نهاية موسم 2011 قام معظم الفلاحين بتمويل هذا الموسم ولهذا التاريخ تبدو النتائج مبشرة

مدونة وطن eSyria رصدت هذا التحول وتأثيره على فلاحي القطن قبل الدعم وبعده والتقت "عبد الإله الراعي" فقال: «منذ أن وعينا ووالدي يزرع القطن، وطالما كان حاله يتأزم عند موسم الزراعة، فمن ثمن البذار إلى الفلاحة وتكاليفها وصولاً إلى تأمين مستلزمات المشروع من الوقود والأسمدة مروراً بعمال التعشيب وتنظيف الأرض من كل ما هو ضار، وأخيراً تأمين العمال ودفع يومياتهم ريثما يتم تسويق الإنتاج واستلام ثمنه من الدولة، حيث كان في السابق أثناء استقرار سعر مادة المازوت على 7 ليرات يباع الكيلو غرام الواحد بنحو 32 ليرة سورية ضمن التصنيف الأول، لكن وبعد ارتفاع سعر مادة المازوت ووصولها إلى 20 ليرة أقرت الحكومة مبلغاً لدعم الإنتاج وتعويض الفرق الحاصل، فتم منح الفلاح 2800 ليرة سورية للدونم الواحد ولم يتم تخفيض الدعم حتى بعد تخفيض سعر المازوت إلى 15 ليرة سورية، ويعمل هذا الدعم على تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي».

القطن في مرحلة التفتيح

يضيف "الراعي": «يستهلك كل دونم واحد من القطن 10 كيلو غرامات من البذار ونحو 500 ليرة سورية لتهيئة الأرض ونحو 8500 ليرة سورية ثمن محروقات على مدار الموسم، وهذا كله كان يؤثر سلباً على الإنتاج إذ إن التأخر في تأمين المحروقات كفيل في إفساد المحصول، لكن بعد أن تم توزيع الدعم في نهاية موسم 2011 قام معظم الفلاحين بتمويل هذا الموسم ولهذا التاريخ تبدو النتائج مبشرة».

إلا أن الفلاح "سالم السلطان" كان له رأي آخر فقال: «صحيح أن قيمة الدعم قد رفعت المعاناة عن الفلاح، إلا أننا عانينا معاناة كبيرة من خلال عدم توافر مادة المازوت، فقد اضطر الكثير من الفلاحين لترك محاصيلهم في منتصف الطريق، علماً أنه تم القيام بوضع عدد من الحلول إلا أنها لم تكن ناجعة، مثل تخصيص عدد من محطات الوقود لتمويل المشاريع الزراعية، وبتصوري أن الحل يكمن بإيجاد آلية تعمل على توصيل الوقود بأدوار منتظمة إلى المشاريع الزراعية المرخصة لضمان محصول جيد».

أحد حقول المحافظة

من جانبه أكد رئيس دائرة الأقطان في مديرية زراعة "الحسكة" المهندس "رجب السلامة" انتهاء زراعة محصول القطن في محافظة "الحسكة"، حيث بلغت المساحة النهائية المزروعة بمحصول القطن 46 ألفاً و700 هكتار، من أصل كامل المساحة المخطط زراعتها والبالغة 57 ألف هكتار، مشيراً إلى أن الفلاحين لم يلتزموا بزراعة كامل المساحة التي تم ترخيصها للموسم الحالي والبالغة 50 ألفاً و643 هكتاراً بسبب تخوفهم من عدم توافر مادة المازوت لسقاية الموسم الصيفي الحالي.

معاون مدير الزراعة المهندس "يعرب العلي" بين أنه تم توزيع مبلغ 545 مليون ليرة سورية لدعم محصول القطن نهاية موسم 2011، حيث أعطيت للفلاحين الذين تعمل آبارهم على الديزل، إذ تقوم المصارف بتوزيعها مع فواتير المحاصيل أو في وقت قريب بعدها، الأمر الذي يوفر للفلاح تأمين مستلزماته للموسم المقبل، لافتاً إلى أنه تم تشكيل لجان للموسم الحالي 2012 تعمل على إحصاء الحقول المزروعة وفق المخططات والتي تعمل على الديزل لتدعمها في نهاية الموسم، وبحسب آخر المعطيات التي وصلتنا أن حالة المزروعات جيدة ونسب إصابات أدنى من المعدلات المسموح بها.

المهندس فهر المشرف

وفي السياق ذاته قال رئيس دائرة الوقاية في مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس "فهر المشرف": «قبل أن يتم إقرار الدعم وتوزيعه كانت الجمعيات الفلاحية المكونة من الفلاحين بالاعتماد على المكافحة الحيوية فقط، وهذه المكافحة كانت تقدم من قبل مديرية الزراعة في الأحوال العادية أو الخفيفة من الإصابات، أما في حال وصول الإصابات بديدان اللوز إلى العتبة الاقتصادية أي بمعدل 10% مثلاً، فقلما تقوم الجمعيات الفلاحية والمزارعون بالمكافحة نظراً لغلاء ثمن المبيدات، أما بعد أن قامت الدولة بتوزيع الدعم على الفلاحين فتقوم الجمعيات الفلاحية أو الفلاحين بشكل فردي بتأمين المبيدات نظراً لتوافر السيولة لديهم، بعد أن تقوم الوحدات الإرشادية بتقديم المشورات الفنية، هذا الأمر انعكس بشكلٍ جلي على الناتج الإجمالي لمحصول الأقطان من جهة والذي بدوره انعكس على الوضع الاقتصادي على الفلاح.

يذكر أن فرع الحسكة لصندوق دعم المنتجات الزراعية كان قد وزع العام الماضي مبلغ 775 مليون ليرة لدعم زراعة محصول القطن في المحافظة لموسم 2010، وأن إنتاج المحافظة من القطن للموسم الماضي بلغ 230 ألفاً و656 طناً، من كامل المساحة المزروعة البالغة 52 ألف و600 هكتار.