"فاطمة العلي".. في الأرض نسيان الأوجاع

تخرج منذ الصباح الباكر من قريتها "هيمو" لتتجه إلى مدينة "القامشلي" باحثة عن عمل تعيل بها نفسها وأسرتها، وتجد "فاطمة العلي" في الأعمال التي تمارسها متعة وسعادة كبيرة على الرغم من التعب والجهد البدي.

تلك المرأة الريفيّة "فاطمة إبراهيم العلي" التي التقتها مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 23 آب 2016، لتسرد عن واقعها الذي فرض عليها أعباء الأسرة الثقيلة، تقول: «منذ مدة طويلة وأنا أساعد ربّ الأسرة في واجبات المنزل الكثيرة، لكنه فارقنا وولدي منذ أيام وبلحظة واحدة بالانفجار الذي أصاب مدينة "القامشلي"، فتطلّب مني أن أكون المعيل الوحيد لمن تبقى من أفراد أسرتي، ويومياً أذهب إلى "القامشلي" منذ الصباح الباكر، وأقطع مسافة 10كم في سبيل مشاركة عاملات النظافة ضمن أحياء وشوارع المدينة، هذا العمل حتى وقت الظهيرة، وبعد الظهر أعمل في الأرض الزراعية وتربية الأنعام وتجهيز المؤونة للأسر الراغبة في ذلك، مع إعطاء وقت ولو صغير لأولادي لإطعامهم وتأمين احتياجاتهم، فكل ما أقوم به في سبيل تنفيذ وتلبية جزء من رغباتهم، فتحقيق كل أمانيهم وكل ما يتمنونه صعب في ظل الوضع الراهن».

"فاطمة" تنسى أوجاعها الجسدية أثناء العمل، فالحاجة تتطلّب منها ذلك: «خلال السنوات الماضية، تعرّض جسدي لإجراء خمس عمليات جراحية، وتلك الأعمال اليومية الكثيرة مجهدة عليّ، لكنني عاهدت نفسي أن أعمل حتى اللحظة الأخيرة من عمري في سبيل معيشة أسرتي، وعلى الرغم من هذه الظروف، فأنا مصمّمة على تأمين ما يلزم لدراستهم المدرسية وحياتهم اليومية ضمن المستطاع، على الرغم من التعب والإرهاق، لكن السعادة كبيرة؛ فمن عرقي وكدّي أبني أسرتي».

فاطمة مع عاملات النظافة

كان لـ"محمود علي" من أبناء قرية "هيمو" حديث عن ابنة قريته، فقال: «يحترمها كثيراً أبناء القرية، حتى من سمع بها من المدنية لصمودها وحكمتها، وقدرتها على تحدي الصعاب، وتأمين لقمة أسرتها من تعبها وجهدها، لا تكلّ ولا تملّ بالحركة والنشاط والبحث عن أي عمل إضافي لعملها في "القامشلي"، وأثناء تنفيذها لأي واجب تتقنه وتخلص له، الآن هي قدوة حسنة لجميع نساء القرية والقرى المجاورة».

يذكر أن "فاطمة" من مواليد "هيمو"، عام 1969، وتعيل أربعة أطفال.