بما يمتلكه من ثقة بالنفس واعتزازٍ بالذات؛ تمكن من خرق القوانين الوضعية، فانطلق بلا قدمين إلى المجد حتى كاد يسبق الأصحاء، ضارباً بالإعاقة عرض الحائط.

مدونة وطن "eSyria" التقت "صفوك نواف العبد" في مقر عمله بتاريخ 5 أيلول 2015؛ ليتحدث عن تحديه للعجز، فقال: «ولدت من دون أطرافٍ سفلية وهو ما سبب لي عجزاً جسدياً، لكنه توقف عند هذا الحد، لأن الإعاقة التي لازمتني طوال حياتي لم تتمكن من عزيمتي، فقد عشت حياتي بكل مفرداتها من دون أن ألتفت إلى الخلف، وكنت منذ دخولي مرحلة الشباب أبحث عن تكوين ذاتي، لكن الخلل كان في المجتمع وليس بي، فلم أتمكن من الحصول على أي عملٍ أكسب منه ما أنفقه على نفسي، كما كنت أسعى ومنذ البداية أن أساعد والدي في إعالة الأسرة، لكنني لم أوفّق في تحقيق مرادي، لذا انصب اهتمامي على الدراسة ومتابعة شؤوني الخاصة، حتى إنني لا أعتمد على غيري إلا في الأمور الضرورية جداً، في حين أقوم بكل ما يلزمني بمفردي».

إنه يتمتع بروح مرحة ورياضية إذا صح التعبير، فهو مقبل على الحياة ومتفائل لدرجة كبيرة تجعله ينسى إعاقته، كما أنه أشد تعلقاً بالحياة ويسعى إلى تجميلها حتى أكثر منا، ولا أبالغ إن قلت إنني أتفاءل حين أراه، كما أنه يحب أن يسمع من الآخرين ليضيف أشياء جديدة إلى حياته، أما فيما يخص العمل فهو مواظب ومتابع ولديه أفكاره وتصوراته التي تصب في مصلحة الجميع، لذا يمكن القول إنه تغلب على إعاقته الجسدية من خلال الرؤية الصحيحة للحياة

يتابع: «التحقت بمعهد الحاسوب وكنت من المتفوقين، فقد كان معدلي في السنة الأولى 72 بالمئة، وها أنا اليوم على أعتاب السنة الثانية، وقد اخترت هذا المعهد لأنه يُحاكي ميولي كما أنه مُلزم بالتوظيف، وحتى إذا لم يلتزم بتوظيفي فلن تتوقف الحياة، فأنا أعشق التكنولوجيا وأجيد التعامل معها، ويمكن أن أبدأ حياتي مع محلٍ صغير لصيانة الكمبيوتر و"الجوال"؛ في حال استطعت أن أؤمن رأس المال.

صفوك ومنى

أما اليوم فقد تمكنت من العمل للمرة الأولى في حياتي ضمن مشروع إزالة النفايات الصلبة، وقد عينني المشرفون بصفة مراقب دوام، كما أنهم يسمحون لي بمتابعة دوامي في المعهد، حيث لا تتضارب مواعيد الدراسة في المعهد مع ساعات العمل، وأنا اليوم أعتبر نفسي عنصراً منتجاً ومفيداً للمجتمع، كما أن هذا العمل عزز ثقتي بنفسي لدرجة كبيرة، والأهم من هذا وذاك أنني وبكل صدق لم أجد شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة محبطاً، وقد يكون هذا المناخ شجعني أكثر ولم يضع العصي في العجلات».

من جهتها قالت "منى العويد" زميلة "صفوك" في العمل: «إنه يتمتع بروح مرحة ورياضية إذا صح التعبير، فهو مقبل على الحياة ومتفائل لدرجة كبيرة تجعله ينسى إعاقته، كما أنه أشد تعلقاً بالحياة ويسعى إلى تجميلها حتى أكثر منا، ولا أبالغ إن قلت إنني أتفاءل حين أراه، كما أنه يحب أن يسمع من الآخرين ليضيف أشياء جديدة إلى حياته، أما فيما يخص العمل فهو مواظب ومتابع ولديه أفكاره وتصوراته التي تصب في مصلحة الجميع، لذا يمكن القول إنه تغلب على إعاقته الجسدية من خلال الرؤية الصحيحة للحياة».

مع فريق العمل

من جانبه أكد المشرف على برنامج إزالة النفايات الصلبة "إلياس دسار بكرلي": «أن "صفوك" وزملاءه من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ تمكنوا من تغيير المعادلة، كما ساهموا في تغيير نظرة المجتمع، فكل إنسان يمكن له التكيف مع قدرته الجسدية المتاحة له، ونحن في البرنامج لا نتعامل معهم كنوعٍ من الشفقة، بل على العكس تماماً، إذ نرمي إلى مساعدتهم للدخول إلى سوق العمل تحت مسميات كثيرة، وبالمحصلة يعد العمل شرفاً للإنسان وحالة طبيعية، والجدير بالذكر هنا أنني تفاجأت باندفاع هؤلاء الشباب وقدرتهم على تحمل المسؤولية، لذا اتخذتهم كأصدقاء لأنهم يعطون للحياة طعماً آخر».

ضمن مجموعة العمل