لم يغوه المال والمردود الكبير الذي يدرّه التدريس الخاص على المعلمين، فقرر أن يكون بين صفوف الفقراء، فانخفض دخله وسمت أخلاقه ليكتب اسمه في لوحة الشرف.

"كابي يونان شعبو" وفي حوار خاص مع مدونة وطن "eSyria" أجري بتاريخ 21 أيار 2015، تحدث عن المبدأ الذي انطلق منه فقال: «في عام 1988دخلت عالم التدريس الذي أعشقه لأدرس طلابي المواد العلمية "رياضيات، فيزياء وكيمياء"، وكانت البداية بالعمل المجاني في مدرسة الأمل الخاصة، والقاعة الصفية الموجودة في الكنيسة، كان هذا من باب رد الجميل الذي حملني إياه الوطن، فقد أمضيت طوال مدة الدراسة بالمجان، لكن ما لفت انتباهي هو الإقبال الكبير للطلاب على الدورات، الأمر الذي يعكس معاناة الأهالي مع ارتفاع أسعار التعليم الخاص وصعوبة الحياة، بقيت على هذا الحال ثماني سنوات حققت من خلالها حضوراً شعبياً وشرفاً كبيراً نتيجة التحامي مع هذه الشرائح الفاضلة».

أنها سمعت بالمعهد عن طريق الإعلان عنه داخل الكنيسة، حيث التحقت بالمعهد مع انطلاق الدورة في شهر آذار، كما أنها أخبرت زميلاتها اللواتي يدرسن معها الآن في نفس المعهد، مشيرةً إلى أنها لا تشعر بأي منة تجاه ما تتلقاه وأن طريقة الشرح بسيطة وميسرة، وهذا ما تبين من خلال إجاباتها في الامتحان

يتابع: «في عام 2006 انتقلت إلى معهدي الخاص الذي أنشأته وأخذت معي طلابي وتاريخي، واستمرت الدورات المجانية للفقراء، كما كانت أسعار تدريس المواد الأخرى مخفضة، وذلك بهدف دعم أبناء الطبقة الفقيرة، وتمكينهم من اللحاق بزملائهم الذين يحظون بفرص جيدة، ومنذ أربع سنوات أطلقت دورات مجانية باسم أبناء الشهداء، هؤلاء الطلاب الذين تركهم آباؤهم أمانة في أعناقنا، وارتقت أرواحهم دفاعاً عن الوطن والمقدسات، وكان من شروط الدورة أن يكون الطالب المتقدم لها غير مستفيد من دورات سابقة؛ أو أنه غير قادر على التسجيل بدورات مأجورة، وذلك بهدف إفساح المجال ليستفيد أكبر عدد ممكن من المستحقين، ولا تقتصر الدورة على أبناء الشهداء بل تتعداهم إلى المهجرين والنازحين والفقراء، وجل ما أتمناه هو تقديم الفائدة لمن يحتاج إليها».

"كابي" بين طلابه

يختم: «هذه المبادرات التي قمت بها والتي أعدّها واجباً مقدساً، أثقلت كاهلي اقتصادياً فقررت أن أفتتح دورات للميسورين ولكن بنصف القيمة، فالمردود الذي أتقاضاه من هذه الدورات يمكنني من المضي قدماً في مشروعي، علماً أن بحثي عن المحتاجين لا يتوقف من خلال وضع الإعلانات في الطرق والأماكن العامة، ليصل الخبر إلى أكبر كمّ ممكن منهم، كما أقوم بالبحث عنهم بنفسي لجلبهم إلى المعهد، وأتمنى من خلال هذا العمل أن أرد جزءاً يسيراً من أفضال الوطن علي».

من جهتها بيّنت الطالبة "رؤى مظهر العاني" من أهالي محافظة "دير الزور" وابنة شهيد: «أنها قدمت من محافظتها لتكمل تعليمها في "الحسكة"، وأنها اهتدت إلى المعهد بمحض المصادفة عن طريق جيرانها، حيث تم استقبالها وإخضاعها لدورة فردية لمدة سبعة أيام لتلحق بزملائها الذين سبقوها بأشواط، وهي الآن تتقدم لامتحان شهادة التعليم الأساسي؛ وتبلي حسناً في المواد التي تقدمتها بفضل الدروس التي تتلقاها في المعهد من دون أي مقابل».

رؤى مظهر العاني

وأوضحت "نايا إسحاق إيلو": «أنها سمعت بالمعهد عن طريق الإعلان عنه داخل الكنيسة، حيث التحقت بالمعهد مع انطلاق الدورة في شهر آذار، كما أنها أخبرت زميلاتها اللواتي يدرسن معها الآن في نفس المعهد، مشيرةً إلى أنها لا تشعر بأي منة تجاه ما تتلقاه وأن طريقة الشرح بسيطة وميسرة، وهذا ما تبين من خلال إجاباتها في الامتحان».

من جانبه قال "سعادة سمير حداد" من أهالي "رأس العين": «خلال الأحداث التي شهدتها منطقتنا خرجت مع عائلتي من دون أن نحمل معنا أي شيء، وتركنا خلفنا ممتلكاتنا وأموالنا ومنازلنا، وتأثر وضعنا الاقتصادي كثيراً لدرجة أنني لم أعد أتمكن من التسجيل في الدورات الخاصة، ولو فعلت ذلك لكان على حساب أهلي جميعهم، لذا قررت أن ألتحق بهذا المعهد لأوفر على والدي، وها أنا اليوم أدخل إلى الامتحان مشفوعاً بمعلوماتٍ كثيرة ولا أخشى من الأسئلة، ويرجع الفضل كله إلى الأستاذ "كابي"، الذي لا يدّخر جهداً في تعليمنا، كما أنه يتابعنا هاتفياً في حال تأخرنا أو تغيّبنا عن الدورة، وهذه الأعمال تزيد من محبتنا لبعضنا ولوطننا».

سعادة سمير حداد