قد يتوهم الكثيرون ممن يرونه للوهلة الأولى أنه قضى حياته الدراسية لاهياً حتى خسرها، وتوحي بذلك الابتسامة التي تعتلي محياه، حتى يبان للناظر أن "أحمد" لا تعكر الهموم صفوه، مع أن أوجاعه تكاد تنطق دون كلام.

مدونة وطن "eSyria" زارت "أحمد مرشد"؛ وهو الشاب المكافح ذو العقدين ونصف العقد من العمر، بتاريخ 28 شباط 2015، ليتحدث لها عن نفسه وما يجيش فيها، فقال: «تخرجّت في المعهد الصناعي الثالث منذ عامين باختصاص تبريد وتكييف لكنني لم أجد من أعمل معه أو لديه، وقد أطلت المكوث في المعهد لأنني كنت أعمل في معظم الأوقات خارج البلد، ثم أعود حاملاً نفقات الدراسة لأصرف على نفسي، وحاولت العمل في العديد من المجالات لكني لم أوفق، كما جهدت للخروج إلى بلدٍ آخر للعمل بمؤهلي العلمي دون جدوى، لذا قررت أن أفتتح "بسطة" على الطريق لعلّي أجني ما أنفق به على زوجتي وطفلي، وحتى هذه البسطة لا أملك منها سوى هيكل العربة، أما البضائع فقد اهتديت إلى رجل أمّن لي المواد لأبيعها وأقاسمه الربح، فأخرج نهاية الشهر وقد جنيت مبلغاً يتراوح بين 10 و12 ألف ليرة سورية، فيكون لي نصف ما جنيت مع أنه لا يكفي حتى لمصروف شخصٍ واحد، لكن كما يقال "القناعة كنز لا يفنى"، ونحن بانتظار أن يتبدل الحال».

أنه يشاهد "أحمد" صباح كل يوم يفرد بضاعته للمارة على طريق القادمين من الأحياء، بعد أن يخرجها من محلي لأنني أخبئها له كل يوم بعد انتهاء عمله، وأهم ما في الأمر أن هذا الشاب لا يوحي لك بكمّ الهم الذي يحمله، فهو يعيل أسرته ويسكن مع والده، لكن يقبل على الحياة صباح كل يوم بوجه مبتسم كأنه ينتظر الفرج قريباً

يتابع: «أنا أتقن عدداً من الحرف والمهن الأخرى؛ لكنني لم أستطع أن أعمل بها هنا، فقد عملت كثيراً في تمديد الشبكات الكهربائية للمنازل، لكن توقف حركة الإعمار هنا وكثرة العاملين بهذه المهنة لم يدع لي مكاناً أحقق دخلاً منه، والمهنة الأهم هي حرق مادة الزفت، وتستخدم هذه المادة لمنع الرشح المائي ضمن المنازل، و"البسطة" وهي خياري الوحيد، حيث أفتحها في الثامنة صباحاً، واستمر حتى إغلاق السوق لعلي أبيع ما أعرضه».

يحصي غلته اليومية

بدوره بيّن "عز الدين حمود" صاحب محل لبيع الألبسة الشعبية: «أنه يشاهد "أحمد" صباح كل يوم يفرد بضاعته للمارة على طريق القادمين من الأحياء، بعد أن يخرجها من محلي لأنني أخبئها له كل يوم بعد انتهاء عمله، وأهم ما في الأمر أن هذا الشاب لا يوحي لك بكمّ الهم الذي يحمله، فهو يعيل أسرته ويسكن مع والده، لكن يقبل على الحياة صباح كل يوم بوجه مبتسم كأنه ينتظر الفرج قريباً».

عز الدين حمود
مراسل المدونة مع أحمد