قبل وجود الكهرباء أو أدوات التبريد، تمكن أهالي الريف البسطاء من الحفاظ على اللحوم لفترات طويلة، لتكون معيناً لهم على الحياة من جهة، وحفاظاً على الموروث الشعبي من جهة أخرى.

مدونة وطن "eSyria" رصدت طقوس إعداد "الربيطة"، والتقت بتاريخ 9 حزيران 2015، المتقاعد "حسن مرعي"، فقال: «كان أهالي الريف في المحافظة يحيون طقوساً كثيرة، منها ما اندثر نتيجة تبدل الحياة، ومنها ما استمر لهذا التاريخ نظراً لحفاظ الناس عليه، ولارتباطه بالواقع المعيشي، ومن أبرز ما كان يقوم به أهالي الريف تحضير "الربيطة"، وتبدأ هذه العملية مع بداية فصل الخريف، حيث يتم شراء رأس من الماشية "أغنام، عجول، جمال"، وذلك تبعاً لعدد أفراد العائلة وقدرة رب الأسرة المادية، وتستمر عملية التسمين حتى دخول فصل الشتاء؛ وتحديداً في شهر كانون الثاني، فتجتمع العائلة ويتم ذبح "الربيطة" وسلخها وتقطيعها، ليصار بعد ذلك إلى تخزين اللحوم بعدد من الطرائق وفقاً لحاجة العائلة».

كان أهالي الريف في المحافظة يحيون طقوساً كثيرة، منها ما اندثر نتيجة تبدل الحياة، ومنها ما استمر لهذا التاريخ نظراً لحفاظ الناس عليه، ولارتباطه بالواقع المعيشي، ومن أبرز ما كان يقوم به أهالي الريف تحضير "الربيطة"، وتبدأ هذه العملية مع بداية فصل الخريف، حيث يتم شراء رأس من الماشية "أغنام، عجول، جمال"، وذلك تبعاً لعدد أفراد العائلة وقدرة رب الأسرة المادية، وتستمر عملية التسمين حتى دخول فصل الشتاء؛ وتحديداً في شهر كانون الثاني، فتجتمع العائلة ويتم ذبح "الربيطة" وسلخها وتقطيعها، ليصار بعد ذلك إلى تخزين اللحوم بعدد من الطرائق وفقاً لحاجة العائلة

يتابع: «بعد عملية الذبح يتم تقطيع قسم من اللحوم مع العظام إلى قطعٍ صغيرة، والقسم الآخر يتم تقطيعه إلى شرائح، تغطى هذه الشرائح بالملح وتوضع في "الشكوة"*؛ ويتم تعليقها في السقف وتترك أطرافها السفلية مفتوحة، لتتم تصفية المياه والدم من اللحوم، ثم تبدأ اللحوم الجفاف لتصبح أقرب إلى اللحوم المقددة، مع الفارق أن الأخيرة تنشر تحت أشعة الشمس، وتقوم ربة المنزل بنقع حاجتها من اللحوم قبل 24 ساعة، لتخليصها من الملح الزائد، وطبخها في اليوم التالي، وكانت تنقع قطع اللحم على عدد أفراد الأسرة، حيث يكون نصيب الفرد قطعة واحدة، أما العظام فكانت تطبخ على النار لمدة طويلة حتى يسيل منها "الودچ"؛ وهو أقرب ما يكون إلى السمن، يستخدم في طبخ الطعام ويحل محل الدهن، أما ما يتبقى من الشحوم فيتحول إلى "القلية"، وهي وجبة محببة لدى الكثيرين».

حسن مرعي

من جهته بيّن "خالد محمد المحمود" موظف في مؤسسة المياه بالقول: «أن أول "ربيطة" حضرها كانت عام 1979؛ وكان عجلاً يزن 500 كيلو غرام، تم تسمينه خلال فصل الصيف وإطعامه 125 كيساً من الشعير، وكانت العادة أن تتم دعوة الرجال من أهل القرية في أول يوم، وقد وصل عدد المدعوين يومها إلى 50 رجلاً، بعدها تقوم السيدات والرجال بتقطيع اللحم وفرزه حسب طريقة التخزين، ففي السابق كان التخزين يتم بواسطة "الشكو" أو السلة العادية المعروفة لدى الجميع، ثم في مراحل لاحقة بدأ التخزين بواسطة التنك أو الأوعية البلاستيكية، وكان الملح القاسم المشترك في جميع مراحل التخزين، وكانت ربات البيوت يقمن برش الملح على اللحم المقطع، وضغطه بواسطة قطعة ثقيلة، لتساهم في تخليصه من السوائل، ويتم تقليب اللحوم لمدة 15 يوماً، بعدها يبقى مخزناً وجاهزاً للاستخدام».

وأشار المتقاعد "طه سليمان السلطان": «إلى أن الطقوس التي كانت متبعة سابقاً تنم عن العادات العربية، فأول ما يتم صناعته من "الربيطة" هو "الحميس"؛ وهي قطع من اللحم يتم قليها بالسمن، تقدّم لـ"الذبّيحة" وهم من يقومون بعملية الذبح والتقطيع، ويتم توزيع قسم لا بأس منه من اللحوم على الفقراء، ولأن هذه العادة كانت منتشرة في وقت سابق، نظراً لرخص أسعار المواشي، كانت بداية الشتاء عامرة وخيّرة، حيث لا يبقى منزل واحد من دون أن يكون لديه مؤونة كافية من اللحوم، حتى الفقراء كانوا يخزنون كميات كبيرة من اللحوم نتيجة العطايا والهدايا والصدقات، أما اليوم فقد شهدت هذه العادة تراجعاً ملحوظاً؛ بسبب ارتفاع أسعار المواشي، ويقتصر الناس على شراء حاجتهم اليومية من دون زيادة».

خالد محمد المحمود

  • "الشكوة": هي جلد الشاة التي يتم سلخها، ثم تدبغ بصبغة خاصة وتوضع تحت أشعة الشمس حتى تجف؛ بعدها يتم نقعها بالماء لتلين ويذهب عنها الصباغ غير الثابت لتصبح بعدها صالحة للاستعمال.
  • طه سليمان السلطان