فرضت نفسها ووجودها في الدور السكنية في الماضي البعيد، استخدامها كان يتطلب تحضيرات وترتيبات مهمّة، واليوم لم يبق من "مكواة الفحم" إلا أعداد نادرة ضمن القطع الأثرية.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 شباط 2015، رصدت أحد نماذج "مكواة الفحم"، ضمن مجموعة من المواد والأدوات الأثريّة، وتصدت للتعرف إليها وذلك من خلال لقاء "أندراوس يوسف شابو" صاحب فرن حجري في مدينة "القامشلي"، ويقول: «بالنسبة للمواد الأثرية التي أمتلكها كنت قد ورثتها من والدي، واليوم أمتلك كل شيء من الماضي البعيد والخاص بتراث الجزيرة السورية، وبالنسبة للمكواة التي تعمل على الفحم فكانت موجودة وحاضرة في العمل قبل ستين عاماً وأكثر، ولم يكن في ذلك الوقت أداة للكوي سوى ذاك النوع، الذي يأتي من مدينة "حلب" حيث يصنع هناك، وعددها قليل جداً في المدينة، لأكثر من سبب؛ أولاً سعرها الباهظ مقارنة بحال ذلك الزمن، والسبب الثاني قلة تصنيعها، وخاصة المكواة الكبيرة التي لم تكن موجودة إلا عند الأسر الثرية، وكان الجيران يتبادلونها فيما بينهم عند حاجتهم إليها.

كان لدي صديق وفي منزله توجد "مكواة الفحم"، وعند حاجتنا إليها كنّا نستعين بها، وكان التعاون هو العنوان الأبرز لكوي الملابس، فالزوجة كانت تقوم بمهمة تسخين الفحم، والرجل يقوم بحمل المكواة وأداء مهمة الكيّ، وتلك الأدوات القديمة كانت بحاجة إلى جهد مضاعف ووقت طويل، حتّى إنها كانت تحتاج لأمور أخرى كـ"البابور" مثلاً، والكثير من الأسر لم يكن لديها "البابور" حتى، فكانوا يأخذون ملابسهم لأسرة تملك "البابور" والمكواة معاً، ولم يبق لنا من مكواة الفحم إلا مشاهدتها في معارض تقدم الماضي البعيد

بالنسبة لحجم تلك المكواة فكان لها أحجام عديدة وكثيرة، فالكبيرة منها كان الفحم يدخل في قلبها برفع الغطاء الحديدي عنها، أما الصغيرة فلم يكن يتجاوز طولها الـ10سم، وجميعها لها مسكة لليد ومصنوعة من الحديد».

مكواة كبيرة وأخرى صغيرة

ويتابع "شابو" حديثه عن "مكواة الفحم" وطريقة تجهيزها: «يتم تسخين الفحم على "البابور" وعندما يصبح جمراً، يتم وضعه في قلب المكواة لتسخّن أرضيتها كما هو مطلوب، ومن ثم توضع قطعة قماش مستهلكة على كامل القطعة التي يراد كيّها، حتّى لا تُحرق الملابس، وقبل أي حركة مع المكواة يتم رش قطرات من المياه على القطعة القماشيّة، أمّا بالنسبة للمكواة الصغيرة فلا يوجد فيها مكان لوضع الفحم، وإنما يتم تشغيل "البابور" ووضع قطعة حديدية على فوهتة ومن ثم وضع المكواة عليها حتّى تسخن أرضيتها كما هو مطلوب، وتلك القطعة الحديدية حتّى لا يلوث الدخان الأسود أرضية المكواة، وبعد ذلك نبدأ "كوي" القطعة التي نريدها، وكالعادة يتم رش بعض قطرات من المياه على ما نريد كيّه، ومن خلال بيان وضع جميع الأنواع يتبين أن صاحبة الحجم الأكبر هي التي كانت تنجز المهمة بالسرعة الأكبر مقارنة بالمكواة الصغيرة الحجم».

أمّا الحاج "محمود علي عيسى" من الذين حملوا المكواة أكثر من مرّة وتحديداً في نهاية الخمسينيات، فيتحدّث عن تلك اللحظات ويقول: «كان لدي صديق وفي منزله توجد "مكواة الفحم"، وعند حاجتنا إليها كنّا نستعين بها، وكان التعاون هو العنوان الأبرز لكوي الملابس، فالزوجة كانت تقوم بمهمة تسخين الفحم، والرجل يقوم بحمل المكواة وأداء مهمة الكيّ، وتلك الأدوات القديمة كانت بحاجة إلى جهد مضاعف ووقت طويل، حتّى إنها كانت تحتاج لأمور أخرى كـ"البابور" مثلاً، والكثير من الأسر لم يكن لديها "البابور" حتى، فكانوا يأخذون ملابسهم لأسرة تملك "البابور" والمكواة معاً، ولم يبق لنا من مكواة الفحم إلا مشاهدتها في معارض تقدم الماضي البعيد».

مكواة كبيرة يدخل في قلبها الفحم
السيد أندراوس