سيارة نموذجية ونادرة بشكلها، من أوائل سيارات النقل في "القامشلي"، كانت رابطاً مهماً بين المدينة والريف، ولم تبخل بتلبية حاجات أخرى كالمشاركة في المناسبات والأعراس.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 13 كانون الثاني 2015، رصدت وجود أول سيارة نقل في مدينة "القامشلي" وهي ترقد في أحد الأحياء منذ سنين وحتّى اليوم، حيث اكتفت بما أدته خلال السنوات البعيدة الماضية، والتقينا أحد كبار السن في المدينة الحاج "نوري خلف" فسرد عمّا تحفظ ذاكرته من معلومات عن تلك السيارة، ويقول: «قبل عشرات السنين كانت هذه السيارة هي المتجول والمحرك الوحيد بين الأحياء والقرى والبلدات، وكنّا نجدها دائماً لا تعرف الهدوء والاستقرار، كانت غريبة في كل شيء سواء في منظرها أو باعتبارها أول سيارة نقل تدخل المدينة، فكان الجميع يرغبون ويتمنون ركوبها، خاصة فئة الفتيان والأطفال، فعندما كانوا يركبون فيها كأنهم في رحلة ترفيهية مرحة، أو مشوار سيران وتنزه، وكان السائق يحقق للأطفال أمانيهم فيحملهم ضمن السيارة ويتجول بهم قليلاً من الوقت من دون مقابل، سعياً لنثر الابتسامة على وجوههم، أمّا السيارة فكانت صلبة ومتينة وتتحمل الطرق بكل أشكالها وأنواعها، ولم تبق منطقة في المحافظة في ذلك الزمن إلا واتجهت إليها سواء بنقل ركاب أو بزيارة خاصة وقد تكون بمهمة».

قبل 35 عاماً كانت هناك حفلة زفاف في القرية، وبما أن العروس كانت تجهز نفسها في المدينة، فتلك السيارة هي التي كانت تنقل العروس إلى القرية كأجمل وأبهى سيارة للزفاف كسيارة "اللموزين" في الوقت الحالي، كانت أجرتها حينها لا تتعدى الثلاثين ليرة سورية، كما كانت السيارة الوحيدة التي تنفذ جميع مهام التنقل وبسعر مقبول وبأجرة زهيدة، والسيارة وصاحبها كانا في فترة من الفترات من أهم وأشهر العلامات المميزة في المنطقة، حتّى إنّ صاحبها كثيراً ما كان يقوم بزيارات اجتماعية لقرى ومناطق عديدة، لأنه كون علاقات اجتماعية بين أهل المنطقة

أما الحاج "حسين محمود" من أبناء قرية "قلعة الهادي الغربية" فتحدّث عن السيارة المذكور من خلال مشاهدته لها في الزمن الماضي، ويقول: «قبل 35 عاماً كانت هناك حفلة زفاف في القرية، وبما أن العروس كانت تجهز نفسها في المدينة، فتلك السيارة هي التي كانت تنقل العروس إلى القرية كأجمل وأبهى سيارة للزفاف كسيارة "اللموزين" في الوقت الحالي، كانت أجرتها حينها لا تتعدى الثلاثين ليرة سورية، كما كانت السيارة الوحيدة التي تنفذ جميع مهام التنقل وبسعر مقبول وبأجرة زهيدة، والسيارة وصاحبها كانا في فترة من الفترات من أهم وأشهر العلامات المميزة في المنطقة، حتّى إنّ صاحبها كثيراً ما كان يقوم بزيارات اجتماعية لقرى ومناطق عديدة، لأنه كون علاقات اجتماعية بين أهل المنطقة».

الباحث جوزيف آنطي يشرح عن السيارة

الباحث التاريخي "جوزيف آنطي" كانت له كلمة عن هذه السيارة، ويقول: «مدينة "القامشلي" رغم عمرها الصغير قياساً بالمدن القديمة، لم يفتها أي مجال من مجالات الحياة، وكان لها السبق في دخول العديد من الآلات ووسائل النقل إلى المنطقة، ومنها سيارة "أبو أديب" التي امتازت بالسرعة والحداثة، والتطور التقني والصناعي، وأدت جميع احتياجات الأهالي في المدينة والريف، وكانت وكالة "الشيفروليه" هي الوكالة التي خصصت لأول سيارة تدخل المدينة كوسيلة للنقل، وقد جلبها السيد "يوسف عبد الأحد القرباشي" وهو نفسه كان من أوائل السائقين لوسيلة نقل حديثة، وجالت سيارته في جميع بقاع المحافظة، كان لونها "كحلياً"، وفوق السيارة غطاء قماشي، وفي جهة الخلف من السيارة مربع من الحديد لوضع البضائع والأمتعة بداخلها، وكانت مخصصة للأعراس والأفراح والنقل بجميع أنواعه لعدم وجود وسيلة نقل أرقى وأكثر تطوراً وسرعة منها، وقد ارتبط اسم "أبو أديب" بأذهان الكثيرين، وحتى اليوم، فهو تجوّل كثيراً بسيارته، وقد قضى ما يقارب الخمسين عاماً سائقاً لتلك الحافلة، وكانت تحمل 8 ركاب، وأحياناً كانت تحمل عشرين راكباً عند الحاجة، وهذه السيارة حالياً ليس لها مثيل في المدينة، ولا تزال أنيقة ونظيفة وحتّى محركها "شغّال"، وحافظ أبناء المرحوم "أبو أديب" عليها كنوع من حفظ الأمانة والوفاء».

 

مكان الأمتعة