تعددت عناوين المتعة والاستمتاع في تلك السينما، وسُطّرت قصصاً رائعة عن إطلالتها بمدينة "القامشلي" في زمن افتقدت فيها المدينة لأغلبية أصناف الفنون ودور الثقافة والإبداع.

مدوّنة وطن "eSyria" ومن خلال نهجها للتعرف إلى كل ما هو خالد على السطور وفي الصدور وحتى لو كان من الماضي البعيد، فقد كانت الوقفات التالية وبتاريخ 3 تشرين الثاني 2014، مع معاصري الماضي في مدينة "القامشلي" والوقوف معهم لسرد القصة الكاملة والحقيقيّة عن أوّل دور للسينما بالمدينة، وهي سينما "فؤاد"؛ وقد قلّب لنا صفحات من ذكرياتها أحد كبار السن السيّد "فؤاد القس"، من خلال ما تحفظه ذاكرته من معلومات، فقال: «تلك اللحظات التي قضيناها في تلك السينما هي من اللحظات الممتعة والرائعة التي تحفظها ذاكرتنا وندونها في قلبنا، فقد كانت المكان الذي جمعنا مع من نحب من أصدقائنا وتستمر تلك الصداقة حتّى يومنا هذا وبات عمرها عشرات السنين، أمّا بالنسبة لما كان يُقدّم من عروض وأفلام فقد كانت متنوعة وكثيرة، وأكثر الأيام إقبالاً كان يوما الجمعة والأحد وأيام الأعياد الرسميّة، وهذه الأيام التي كنّا نحضر فيها إلى السينما كانت منتصف الخمسينيات، والمبلغ الذي كنتُ أدفعه لمشاهدة عرض أو فيلم لم يكن يتجاوز الستين قرشاً، حتّى تناول المشروبات مع الأكل خلال فترة الراحة والاستراحة بين العروض لم تكن تتجاوز تكلفتها الليرتين، علماً أن السينما كانت ملتقى اجتماعياً وثقافياً، والفائدة من عروضها كانت حاضرة ومن كافة الجوانب، أمّا بالنسبة للعلاقات الاجتماعيّة التي توطدت من خلال تلك الزيارات لذلك المكان فهي قائمة حتى اليوم، وهي من أجمل العلاقات».

من جملة ما اشتهرت به مدينة "القامشلي" تواجد دور عديدة للسينما، ولعلّ أهم تلك الدور وأقدمها سينما "فؤاد"، وكانت عبارة عن صالة شتويّة تحتوي على مسرح كان خاصاً بعرض الأفلام، ويقابل المسرح تماماً ساحة مغلقة بحجم غرفة كبيرة لا تتعدى الثمانية أمتار، وكانت مخصصة للمشاهدين ومتابعي العروض، وهذا المكان كان بربع ليرة سورية، إضافة إلى ذلك كان هناك ما يسمّى "اللوج" أي الطابق الثاني وكان بنصف ليرة سورية، وهو المكان الذي كان مخصصاً للعائلات، وكان يستوعب ما يقارب 200 متفرج، وقد أسس هذه الدور أشخاص من آل "لولي"، وساهمت تلك السينما بنشر الوعي الثقافي والفني في المدينة، وقد كانت بأفلامها المتنوعة لوحة ممتعة ومفيدة، وساهمت بإضفاء الكثير من الغنى الثقافي والاجتماعي

وكان للباحث التاريخي "جوزيف أنطي" حديث عن تلك السينما، من خلال معلوماته وبياناته التاريخيّة التي بدأ الحديث عنها بالقول التالي: «من جملة ما اشتهرت به مدينة "القامشلي" تواجد دور عديدة للسينما، ولعلّ أهم تلك الدور وأقدمها سينما "فؤاد"، وكانت عبارة عن صالة شتويّة تحتوي على مسرح كان خاصاً بعرض الأفلام، ويقابل المسرح تماماً ساحة مغلقة بحجم غرفة كبيرة لا تتعدى الثمانية أمتار، وكانت مخصصة للمشاهدين ومتابعي العروض، وهذا المكان كان بربع ليرة سورية، إضافة إلى ذلك كان هناك ما يسمّى "اللوج" أي الطابق الثاني وكان بنصف ليرة سورية، وهو المكان الذي كان مخصصاً للعائلات، وكان يستوعب ما يقارب 200 متفرج، وقد أسس هذه الدور أشخاص من آل "لولي"، وساهمت تلك السينما بنشر الوعي الثقافي والفني في المدينة، وقد كانت بأفلامها المتنوعة لوحة ممتعة ومفيدة، وساهمت بإضفاء الكثير من الغنى الثقافي والاجتماعي».

لم يبق من السينما إلا جدران صامتة

ومما أضافه الباحث التاريخي: «أستطيع القول لقد قدم ذلك المكان رسائل عديدة متعلقة بالمجتمع والحياة بالدرجة الأولى، وكثيرة هي الأفلام التي كان الهدف منها خدمة الشعب والجماهير، وسينما "فؤاد" اشتهرت كثيراً بعرض الروائع من الأفلام، التي كانت تحكي الروايات العالميّة، وهناك حتّى اليوم من يذكر ويتذكر تلك الأفلام وبدقّة متناهية، ومنها على سبيل المثال: "روموس، رومولوس، سبارتاكوس"، وأفلام عربيّة نالت من الشهرة وسعادة المشاهدة الكثير والكثير، حتّى إن الكثيرين من محبي السينما كانوا يفضلون مشاهدة أحد الأفلام العربية مرتين في اليوم الواحد، ومنها: "بساط الريح، عنترة بن شداد" وهذه الأفلام كانت مختصة بها سينما "فؤاد" تحديداً، وفي مدينة "القامشلي" التي كثرت فيها دور السينما تباعاً أي بعد سينما "فؤاد"، وهي التي أسست عام 1949، وارتبط بها أهل "القامشلي" كثيراً، وبين الفصل والآخر كان فاصل استراحة، والحضور كانوا يقضونه بشرب "الكازوز"؛ وهو نوع من المشروبات الغازية، وبعض الأشياء الأخرى التي كانت تباع بـ"بوفيه" السينما، وسندويشة "الفلافل" كانت بـ10 قروش، وكل المشوار إلى السينما لم يكن يكلف الشخص الواحد سوى ليرة سورية واحدة، وحتى الآن يتذكر الناس زمن السينما الجميل ومجدها الرائع».

الباحث جوزيف أنطي