يحمل الكثير من المواقف والذكريات الجميلة، على سكته الحديدية تُدوّن أجمل القصص، وتظلّ أفعاله حاضرة في الأذهان، ورحلة القطار بين "القامشلي، اليعربية" باتت ذكرى من الماضي الجميل.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 29 آب 2014، فتحت صفحة من صفحات الماضي، والمتعلّقة بقطار الضواحي الذي كان ينطلق من مدينة "القامشلي"، وينتهي ببلدة "اليعربيّة"، وبعد أن يمّر بالعديد من القرى والبلدات والنواحي، وتلك الرحلات اليوميّة الجميلة عبر السكة الحديديّة لم يبق منها إلا من عاصرها وواكبها، ومنهم أحد أقدم موظفي السكك الحديدية الحاج "حسين الحاج محمود"، وقدّم بعض التفاصيل المتعلقة بقطار الضواحي من خلال حديثه التالي: «أنا موظف متقاعد من سكك الحديد، كنتُ من أوائل العمّال في منطقة "اليعربيّة" التي تبعد عن مدينة "القامشلي" 80كم، وكانت وظيفتي حراسة الجسر الكبير في محطة "تل علو" عندما كان قطار الضواحي يقف عندها، وكانت من أهم المحطات، كانت فيها مكتب لقطع التذاكر، وعندها كان القطار يتوقف لدقائق عديدة، فأعداد كثيرة كانت تصعد ومثلها كانت تنزل في تلك المحطة، إضافة لكون المحطّة كانت الكبيرة فقد كان الموظفون كثيرين وفي الزمن العابر، والقطار كان يخدمنا كثيراً ولجميع موظفي السكك مع أسرهم، فكنا نذهب بالقطار مجاناً ونعود مجاناً مع كل أفراد أسرتي، فكانت من المزايا التي قدمت لعمال السكك، وتلك الميّزة بقيت منذ ولادة قطار الضواحي وحتّى التوقف عن العمل».

حتّى توقف القطار عن العمل عام 2005، لم تكن التعرفة الرئيسيّة تتجاوز الـ15 ليرة سورية، وقد توقف لأسباب عديدة منها التطور الكبير الذي طرأ على الطرق وتعبيدها حتّى في الريف البعيد، إضافة إلى توافر المواصلات وبأعداد كثيرة، وكل قرية باتت فيها سيارة مدنية تقوم بنقل ركابها من القرية إلى المدينة وبالعكس، وبذلك بات الإقبال على القطار شبه معدوم، والنقطة الأخرى أن الخط الحديدي بات قديماً وبحاجة إلى صيانة جذريّة، ولكن يبقى ذلك القطار من العناوين المهمة في سيرة أبناء المنطقة

أمّا السيّد "محمّد الحسين" من أبناء قرية "قلعة الهادي الغربية" التي تبعد عن "القامشلي" 60كم، فقد تحدّث عن جوانب عدة في رحلاته بالقطار، وذلك من خلال الآتي: «كنتُ طالباً في الستينيات من القرية المذكورة، وكان واجباً عليّ الذهاب يومياً لمدينة "القامشلي" والعودة بنفس اليوم، فالقطار كان يخرج من "اليعربية" عند السادسة صباحاً متجهاً نحو المدينة، وعودته عند الثالثة عصراً متجهاً صوب "اليعربية"، وفي تلك الفترة كان الطالب يدفع خمسين قرشاً فقط كتسعيرة للتعرفة، فالطالب والعسكري كانا له تخفيض على الأجرة منذ اليوم الأول وحتّى توقف قطار الضواحي، كانت رحلات جميلة فالكل كانوا يرغبون بالسفر من خلاله، لأنه كان يمر بعشرات القرى وعديد البلدات والنواحي حتّى يصل إلى نقطة النهاية، والسعر كان زهيداً جداً، فالأهالي كانوا يحملون معهم أباريق الشاي والفواكه والمشروبات البادرة ليستمتعوا بها على طول الطريق مع أطفالهم، ولذلك حتّى اللحظة نتذكر تلك الأيّام الرائعة».

خط القامشلي، اليعربية

المهندس "عدنان حسن" مدير سكك الخطوط الحديدية في "القامشلي" تحدّث عن قطار الضواحي ببعض التفاصيل المهمّة من خلال حديثه التالي: «بدأ مشروع تجهيز الخط الحديدي بين "حلب" ووصولاً إلى "القامشلي، اليعربية"، وانتهاءً "ببغداد" عام 1902، وانتهى المشروع عام 1936، ويبلغ طول محور خط "القامشلي، اليعربيّة" 82كم، ومن خلال ذلك الخط كان هناك نقل للبضائع والركاب إلى "العراق" أيضاً، وتم استغلال الخط لتسيير قطار الضواحي في الأربعينيات، وذلك لخدمة القرى والبلدات الواقعة على المحور، فقد كان القطار الوسيلة شبه الوحيدة للنقل لأبناء تلك المناطق لنقلهم ونقل بضائعهم ومواشيهم، وكان هناك قطار مختلف عند التسيير فعربات للركاب وأخرى للشحن، وكل ذلك بمبالغ زهيدة جداً، وكانت هناك مزايا وخصومات لذوي الشهداء والطلاب والجنود ورجال الصحافة».

ويتابع المهندس قائلاً: «حتّى توقف القطار عن العمل عام 2005، لم تكن التعرفة الرئيسيّة تتجاوز الـ15 ليرة سورية، وقد توقف لأسباب عديدة منها التطور الكبير الذي طرأ على الطرق وتعبيدها حتّى في الريف البعيد، إضافة إلى توافر المواصلات وبأعداد كثيرة، وكل قرية باتت فيها سيارة مدنية تقوم بنقل ركابها من القرية إلى المدينة وبالعكس، وبذلك بات الإقبال على القطار شبه معدوم، والنقطة الأخرى أن الخط الحديدي بات قديماً وبحاجة إلى صيانة جذريّة، ولكن يبقى ذلك القطار من العناوين المهمة في سيرة أبناء المنطقة».

السيد حسين المحمود