مضى زمنٌ طويلٌ قبل أن يعود هذا الطائر إلى قائمة الأحياء، بعد أن تم الجزم بانقراضه من على وجه البسيطة، إلى أن حانت لحظةُ الحقيقة وأسدلت مدينة "تدمر" الستار عنه.

مدونة وطن "eSyria" سلطت الضوء على هذا الطائر الذي حيَّر العلماء لسنواتٍ خلت بعد أن تم توثيق وجوده في محمية "تدمر" الطبيعية، وتحدثت بتاريخ 12 نيسان 2014 مع الباحث في مجال الطيور المهندس "زبير العبدو" عن خصائص هذا الطائر، فقال: «يسمى "أبا منجل الأصلع"، واسمه العلمي "Bald Ibis" وهو نوعٌ نادرٌ جداً ومهدد جداً بالانقراض، كان يُعتقد لفترة طويلة أنه انقرض نهائياً ولم يبق له أثر، إلى أن ظهرت لحظة الحقيقة عندما اكتُشف ثانيةً عام 2002، بالقرب من مدينة "تدمر"، فراح يلقى رعاية خاصة من قبل الدولة والجمعية السورية لحماية الحياة البرية والمنظمات الدولية المعنية، كما تم العمل على إعادة توطينه في بيئته الطبيعية وأقيمت له محمية خاصة به حملت اسمه. يعيش هذا الطائر في الجبال الصخرية القريبة من المناطق الرطبة، وفي المستنقعات أو على ضفاف الأنهار، أما مكان وجوده الحقيقي فهو "الجبل الأبيض في تدمر، وبحرة الكمكوم في القريتين"، ويعشش "أبو منجل الأصلع" على الجروف الصخرية على شكل جماعات، وقلما يُشاهد بمفرده».

أن هذا الطائر يتغذى على العقارب، وأن أحد سكان المنطقة توفي له طفلٌ بلسعة عقرب، وذات يوم قام باصطياد طائر "أبي منجل"، وبينما هو ينظفه استعداداً لطهوه فتح حوصلته فوجد فيها عقرباً كان قد تغذى عليها، فندم على اصطياد الطائر الذي يقتات على قتلة ابنه

ويتابع: «يبلغ طول الطائر 75 سنتيمتراً بينما يصل طول جناحيه أثناء الطيران إلى 125 سنتيمتراً، وهو يشبه "أبا منجل اللامع" لكنه أقوى منه ورأسه أحمر اللون وعار من الريش، وأقرب ما يكون رأسه إلى رأس النسور، وله ريشٌ خشن كعرف الديك، أما أرجله فهي قصيرة بينما يكون ذيله طويلاً وأكثر تدلياً، وتكون حلته سوداء يتخللها لمعان برونزي وأخضر زيتي، ويظهر على مقدمة الجناح اللون البرونزي الأرجواني في وقت الراحة، وله منقارٌ معقوف ولونه أحمر باهت، في حين يكون لون الطائر اليافع في بداية فصل الشتاء بنياً، مع ذيلٍ أخضر لامعٍ تعلوه بعض الغطائيات الخضراء اللامعة، ويُفتقد في الطائر اليافع ريشُ الرأس الخشن الموجود في البالغ في حين الرأس أصلع بشكلٍ جزئي ولونه وردي رمادي، وتعد صفقات الجناحين أثناء الطيران أبطأ بكثير من "أبي منجل اللامع"، وكثيراً ما تصاحبها انزلاقات أثناء الطيران ولا تكون الأرجل بارزة خلف الذيل».

أعشاش أبو منجل

وبين الباحث "العبدو": «أن هذا الطائر النادر حظي باهتمامٍ كبير خصوصاً وأن عدده الكلي في العالم أجمع لم يتجاوز ثمانية طيور، الأمر الذي حدا بالقائمين على رعاية هذا النوع، لاتخاذ إجراءات غير مسبوقة بغية الحفاظ عليه، فالغموض الذي لف حياته جعل الخبراء يبحثون عن وسيلة لمعرفة مزاج "الأصلع" وطبيعة حياته خصوصاً في وقت الهجرة الشتوية، فقاموا بتركيب سبعة أجهزة "GPS" مرتبطة بالأقمار الاصطناعية لرصد أدق التفاصيل، في حين بقي طائرٌ واحدٌ دون أن يتم تركيب جهاز الملاحة عليه، وبعد أن عادت الطيور السبعة في نهاية موسم الهجرة، فقد الطائر الثامن دون معرفة ما أصابه، إلا أنهم تمكنوا من كشف الكثير عن جوانب حياة هذا الطائر المظلمة، حيث اكتشفوا أنه يهاجر إلى المناطق الدافئة ماراً بمناطق الحجاز، ثم يحاذي البحر الأحمر حتى يصل إلى مضيق "باب هرمز" ليتجه غرباً قاصداً المناطق الدافئة».

ومن القصص التي تروى عن "أبي منجل الأصلع" ذكر "العبدو": «أن هذا الطائر يتغذى على العقارب، وأن أحد سكان المنطقة توفي له طفلٌ بلسعة عقرب، وذات يوم قام باصطياد طائر "أبي منجل"، وبينما هو ينظفه استعداداً لطهوه فتح حوصلته فوجد فيها عقرباً كان قد تغذى عليها، فندم على اصطياد الطائر الذي يقتات على قتلة ابنه».

الخبراء يسجلون بعض البيانات

أما عن الاختلاف بينه وبين طائر "أبي منجل اللامع" فيقول المهندس "رياض الطرخو": «يعدّ "أبو منجل اللامع" عابر طريقٍ بأعدادٍ قليلة جداً وقد يقضي الشتاء في "سورية" ويعيش في السبخات والبحيرات القريبة من المناطق الصحراوية أو قرب المسطحات الطينية، ويبلغ طوله 60 سنتيمتراً بينما يكون امتداد جناحيه أثناء الطيران 90 سنتيمتراً، وله لونٌ أسود ومنقارٌ منحنٍ للأسفل، وتبدو حلته من قريب بلونٍ كستنائي أرجواني داكن، وللأجنحة لون أخضر لامع، وتظهر على وجهه وبالتحديد على قاعدة منقاره الوردي الباهت علاماتٌ بيضاء في موسم التكاثر، أما في الشتاء فيكون لون المنقار بنياً مع وجود خطوط باهتة على الرأس والرقبة، ويكون ريش الطائر اليافع معتماً أكثر منه عند البالغ، أما صفقات الجناحين فهي سريعة أثناء الطيران ترافقها انزلاقات طويلة، وعادة ما يطير مشكلاً خطاً طويلاً وهو يصدر صوتاً أشبه بصوت الغراب "كرا.. كرا.. كرا"، وعندما يقتات السرب يقوم بإصدار أصوات منخريه».

خط سير أبو منجل أثناء الهجرة