تشكل زراعة القطن في الجزيرة السورية أهمية بالغة من حيث الأهمية الاقتصادية والاجتماعية له، فمن ناحية يشكل الناتج مردوداً مادياً عالياً ومن ناحية أخرى يشكل طقوساً اجتماعية زراعية مترافقة منذ لحظات زراعته الأولى.

حيثُ تقوم فرق العمال بعمليات تنظيف الحقول من الأعشاب الضارة بين شجيرات القطن وانتشال النباتات التي تضر بنمو القطن وعن هذا العمل المتعب والدقيق بداية تحدثت لموقع eHasakeh إحدى العاملات من ريف "المالكية" العاملة "روجين عثمان" بالقول: «بدأنا العمل منذ أيام معدودة، بعمليات تنظيف محصول الذهب الأبيض "القطن" من الأعشاب التي تؤثر وتؤخر نموه، وهذا العمل يحتاج إلى نشاط من العاملين، حيث نستيقظ من الصباح الباكر متوجهين إلى حقول القطن والتي تسمى عملية التعشيب محليا وباللغة الكردية بـ"آشيف أو خَبّار"، ضمن ورشات تضم كل واحدة منها أكثر من خمسة عشر عاملاً بأعمار مختلفة من الصغار والكبار والشباب والصبايا، وعملية تنظيف الحقل تتم بواسطة أداة "القدوم" (طفشو) وهي أداة مثلثة الشكل، رأسها حاد ووزنها مع الخشب حوالي واحد كيلو غرام أما طول الخشب أكثر من متر بقليل».

أنا منذ الصباح الباكر أحضر ما يلزم من المياه بخزان من حجم الوسط، وأيضا ما يلزم من الثلج وآخذه معي إلى الحقل وهناك أثناء العمل أقدمه للعاملين وهذه الطريقة صعبة للغاية، لأن عليك أن تسقي جميع الأعداد الموجودة فرداً فرداً وهذه العملية تتم بشكل مستمر طول النهار، ومن المعروف أن العمل تحت درجة عالية من حرارة الصيف لعدة ساعات يحتاج إلى السقاية المستمرة والماء البارد

عن مهمة العاملات ضمن حقول القطن تقول العاملة "بيان عثمان": «دورنا يقوم على متابعة خطوط شجيرات القطن بالتساوي وقلع كافة النباتات والأعشاب التي تؤثر على نمو شجرة القطن وتأخذ قسطا كبيرا من السماد والماء وأنواع هذه الأعشاب في منطقتنا هي "السعدية، اللزيق، الملوخية البرية، ولاف لاف، وبقبقوك، ورزكي ريفي" ومن أخطر هذه الأعشاب هي "لاف لاف" لأنها تقضي كلياً على شجيرة القطن حيثُ تقوم بالالتفاف حول ساق شجرة القطن وتمنع عنها الهواء والشمس والسماد الربيعي "يوريا"، ويتخلل عملنا هذا فترات استراحة أي كل ساعة من العمل هناك عشر دقائق من الراحة، وهذا القسط من الراحة دائما تحضر فيه الأغاني والنكت والضحكات».

أعمار مختلفة تشارك العمل.

وضمن ورشات العمل هناك الساقي الذي يقدم الماء بشكل مستمر للعاملين ومنهم العامل الشاب "يوسف أحمد" وعن دوره يقول: «أنا منذ الصباح الباكر أحضر ما يلزم من المياه بخزان من حجم الوسط، وأيضا ما يلزم من الثلج وآخذه معي إلى الحقل وهناك أثناء العمل أقدمه للعاملين وهذه الطريقة صعبة للغاية، لأن عليك أن تسقي جميع الأعداد الموجودة فرداً فرداً وهذه العملية تتم بشكل مستمر طول النهار، ومن المعروف أن العمل تحت درجة عالية من حرارة الصيف لعدة ساعات يحتاج إلى السقاية المستمرة والماء البارد».

وصاحب ورشة عمال "مصطفى حاج حسن" تحدث للموقع عن تحضيرات الورشة بالقول: «تمثل عملية التنظيف وتهذيب حقول القطن من الأعشاب الضارة بالنسبة لنا كمجموعة عمل احتفالاً ومهرجاناً يدوم لمدة أكثر من شهر من خلال مشاركة العشرات من العاملين والعاملات، حيثُ نعمل من الصباح الباكر في الساعة الخامسة صباحاً وبعد حوالي ساعتين من العمل يحين موعد الفطور، وبعد الفطور نبدأ بالعمل مجدداً مع أغان فلكلورية وخاصة للقطن مثل "وردة وردة على القطن تعالي- دردي أشوفك بلوح الشمالي- وخجوكا سمرقندي- وسري جيا برفي ليكر" وغيرها من الأغاني التي تضفي جواً من الفرح والسعادة على قلوب العاملين، وبهذه الأجواء ينتهي نهارنا حتى نبدأ بيوم جديد في اليوم التالي».

العاملون والعاملات يعملون في حقول القطن.

وأخيراً صاحب حقل القطن الفلاح "ميد أبو آري" تحدث عن هذا المحصول الاستراتيجي قائلاً: «نظراً لما يشكله القطن "الذهب الأبيض" من مردود مادي عال لنا كفلاحين في منطقة "المالكية" ومساهمته في لعب دور أساسي في اقتصاد الوطن، فأنا من الفلاحين الذين يزرعون هذا المحصول سنوياً، فالقطن تعمل فيه ورشات عمل وأشخاص آخرون (الجَنان) يعملون على سقايته لمدة أكثر من مئة يوم، وهم أشبه بخلية النحل بحاجة إلى متابعة ورعاية منذُ بداية زراعته وحتى قطافه، حيث تعود للتربة خصوبتها وحيويتها، ويصل إنتاج الدونم الواحد في مناطقنا إلى حوالي 400 كيلوغرام، وأخيراً بزراعة القطن نستفيد من تغير الدورة الزراعية لأراضينا من القطن إلى القمح وبالعكس».

مصطفى حاج حسن.