حياكة الصوف ونسج الجوارب يدوياً كان دوماً من الأعمال التي تجيدها النساء في الجزيرة السورية خاصة في أوقات فراغهن وسهراتهن الشتوية، وهي حرفة فلكلورية كانت دائماً تجسد براعة النسوة في النسج وذوقهن في اختيار الألوان والزخارف، وتعتبر حياكة الصوف تقليداً قديماً في الجزيرة السورية وخاصة في الأرياف.

موقع "eHasakeh" زار قرية "مزيريب" التي تقع جنوب شرقي مدينة "المالكية" بمسافة 35كم، والتقت السيدة "نازدار أحمد مراد" لتحدثنا عن حياكة جوارب الصوف، وليفة الحمام قائلة: «في البداية تعلمت هذا العمل حينما كان عمري "خمسة عشر" عاماً من أهلي ومن نساء القرية الأكبر سناً مني، وكانت لدي رغبة قوية تشجعني على العمل لشتى أنواع الطرق اليدوية وخاصة المتعلقة بصوف الغنم، فأولاً كنت أجلب كمية من الصوف وأقوم بغسلها ومشطها لتنظيفها من المواد الشائبة والمشط عبارة عن قطعة خشب مستطيلة بطول 45 سم وعرض 30 سم عليها مسامير حديدية، وبعدها تأتي مرحلة غزل ذلك الصوف بواسطة المغزل اليدوي وهي مرحلة الانتقال من الصوف إلى الخيط».

أحوك بعض أنواع الصوف وتعلمت هذا العمل من والدتي ويعود لها الفضل في تعليمي الخطوات الأولى لعملية الحياكة، وحياكة الصوف من هواياتي المفضلة والمحببة، وفي بداية الأمر لاقيت بعض الصعوبات، أما الآن أشكر الله لا ألاقي أية صعوبة في هذه الصنعة القديمة والتي توارثناها من أجدادنا وآبائنا، وأرجو من جيل المستقبل الاستمرار ومتابعة هذا العمل في أريافنا ومدننا وحفظها من الاندثار والضياع

بالنسبة إلى الطريقة اليدوية لحياكة الجوارب تقول السيدة "نازدار": «في البداية أجلب سيخين طولهما 23سم وأبدأ بعملية الحياكة من رأس أصابع القدم من الوجهين الأمامي والخلفي ولف الخيط حول سنارة وبعدها أزيد عدد الأسياخ إلى ثلاثة وأربعة وخمسة في وسط ونهاية القطعة أي عندما تتسع عملية حياكة الجورب، وأزيد على الجورب قطعة خيط بطول 40سم وظيفتها شد الجورب إلى الساق وتستغرق هذه العملية حوالي ثلاث ساعات من الزمن، وأعمل الجوارب بقياسات مختلفة تناسب جميع الأعمار، وعندما أنتهي من عملية الحياكة أقوم بغسل الجوارب بالماء حتى تكون نظيفة ثم وهي مبللة بالماء أضعها في قالب خشبي لكي تكون ثابتة، والقالب عبارة عن قطعة خشب طولها 46سم وعرضها 11سم وسماكة 2سم ورأس الخشب نصف دائري، وأخيراً أعلقها على الحائط وهي مبللة بالماء حتى تنشف وتستقيم».

السيدة نازدار

أما عن الألوان وصباغة خيوط الصوف فتقول السيدة "نازدار": «عملية التلوين تكون بواسطة مادة أجلبها من سوق المدينة وتسمى "آرنك"، واللون المفضل لخيط الصوف عند أغلب الرجال هو "الأسود والأبيض" معاً، أما النساء فيفضلن ألوان "الأبيض، الأصفر، الأزرق، الأخضر، الأحمر" وأحياناً يفضلن لوناً واحداً فقط، أما الأطفال فنختار لهم الألوان التي تثير انتباههم وتجذب اهتمامهم مثل "الأصفر، الأخضر، الأحمر، وتستعمل جوارب الصوف بشكل خاص في أداء فريضة الصلاة، كما تلبس في فصل الشتاء أيضاً في الأيام الباردة والقارسة وأثناء الأسفار الطويلة شتاء، والصوف يساعد جسم الإنسان على الاحتفاظ بدرجة الحرارة العادية، والإحساس بالدفء، ومن عاداتنا وتقاليدنا عندما تتزوج أحدى فتياتنا أن نعطيها أكثر من خمسة جوارب صوف وهي بدورها تقوم بإهدائها إلى أهل زوجها».

الآنسة "أمينة عبد العزيز" (سيسه) تقول: «أحوك بعض أنواع الصوف وتعلمت هذا العمل من والدتي ويعود لها الفضل في تعليمي الخطوات الأولى لعملية الحياكة، وحياكة الصوف من هواياتي المفضلة والمحببة، وفي بداية الأمر لاقيت بعض الصعوبات، أما الآن أشكر الله لا ألاقي أية صعوبة في هذه الصنعة القديمة والتي توارثناها من أجدادنا وآبائنا، وأرجو من جيل المستقبل الاستمرار ومتابعة هذا العمل في أريافنا ومدننا وحفظها من الاندثار والضياع».

صناعة الليفة

أما عن مراحل حياكة ليفة الحمام من صوف الغنم فتقول السيدة "نازدار": «أجلب كمية من صوف الغنم وأغسلها بالماء، ثم أقوم بعملية المشط للصوف أي تنظيفها من الشوائب الزائدة، ثم عملية غزل الصوف بواسطة المغزل اليدوي، وهنا يتحول الصوف إلى خيوط، إن الطريقة اليدوية لصناعة ليفة الصوف بحاجة إلى ثلاثة أخشاب، لأن مساحة الفراغات هنا أكبر، ونوع الخشب قد يكون من "التوت، الرمان، الكينا، الشوح" على شكل دائري بطول 45سم وقطر 1سم، وعملية الحياكة تبدأ من الرأس أولاً من الوجهين العلوي والسفلي وهي مغلقة لوضع الصابون فيها، والقطع الخشبية اثنتان منهما ثابتتان والثالثة متحركة وهي الأساسية، وهنا استمر بلف الخيط حول القطع الخشبية، وتستغرق عملية الحياكة حوالي خمس عشرة دقيقة، وعندما أنتهي من عملية الحياكة أقوم بغسل الليفة ثم أنشفها وبعد ذلك أحرق بقايا ريش الصوف الزائدة، أما عن أشكال الليفة التي نصنعها عادة فهي مستطيلة، أو مربعة أو دائرية وقياساتها صغيرة، ومتوسطة، وكبيرة».

من الجدير بالذكر أن جوارب الصوف تلاقي من الناس إقبالاً أكبر من الجوارب العادية التي تصنعها المعامل وهي أغلى ثمناً وأكثر دفئاً وجمالاً وأعلى قيمة لكونها تصنع يدوياً وكذلك الأمر بالنسبة لليفة الصوفية، وفق ما حدثنا عنه المختصون بهذه المهنة.