عندما تسمعه تخالُ أنّك أمام شاعرٍ مخضرمٍ، قضى حياته يقرض الشعر، وحين تراه تفاجئك سنون عمره العشرين، امتاز بالصورة الجميلة ورهافة الحسّ وحسن الإلقاء.

مدونةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 25 تموز 2019 التقت الشاعر "عامر عمر" ليحدثنا عن شعره وعن الشعر الشعبي الذي يهواه فقال: «صغيراً كنت عندما سمعت الشعر الشعبي، يلقيه أحد أقاربي فانساب إلى أذني واستقر في قلبي وبتُّ حين أسمعه أصيخُ السمعَ وأحفظه ووصل تعلقي بالشعر الشعبي لدرجة الوله، وعندما استقر لبّي، بات ديدني قراءة الشعر الشعبي والبحث عن أساطيره فكان "سمير صبيح" و"عريان السيد خلف" الشاعران العراقيان الكبيران ينقلانني إلى أماكن تسحرني وتعبث بتلافيف عقلي، وشعرتُ أنّني قادرٌ على كتابة القصائد لكن الخجل والخوف كانا يمسكان بتلابيب قلمي وعقلي إلى أن انتصرت عليهما وكانت قصيدتي الأولى:

"عامر العمر" امتاز بكثرة الصور الشعرية وجمالها، يملك إحساساً عالياً بالكلمة، موهبته تكتمل من خلال دراسته الأكاديمية فهو يدرس اللغة العربية وهذا ما أعطاه جزالةً ومتانةً وحسّاً مرهفاً

(ششرحلكم

شرد اقلكم

ليلي امخاويه جن

والانس ماله مجال

وشمعي يشعل بالنهار

خالي ليله من القتال

ولا نجومي ملمعات

ولا يضويلي الهلال)

هذه كانت أولى قصائدي، ثمّ تعرفت على الأنواع الشعرية في الشعبي مثل "الأبوذية" والذي يتكون من أربعة أشطر أي بيتين تنتهي الأشطر الثلاثة الأولى بقافية مؤلفة من كلمة واحدة أو متقاربة جداً والشطر الرابع لا بدّ أن ينتهي بكلمة نهايتها (يه) ويسمى الرباط، أما النوع الآخر فيسمى "الزهيري" ويتكون من سبعة أشطر بحيث تكون الأشطر الثلاثة الأولى لها القافية نفسها بينما الثلاثة الأخرى فلها قافية مختلفة، وينتهي الشطر السابع بقافية الأولى مثال من إحدى قصائدي:

الشاعر أحمد الجرجير

(يادنيا من مطلبي شويه خذي ولبي

وياي دوري عدل نار ابرد لبي

افرح بهذا الزمن وانسى الحزن لو بي

مابي ابسنيني سعد كلهن ليالي كشر

وانوب اظفر محب يكشر اجروحي كشر

لكمه جنت للحلك صفيت هسا كشر

والجاع لمن شبع ذمني وتفل لبي)».

ويضيف "عامر عمر": «النوع الثالث هو "الدارمي" وكل بيت من "الدارمي" بمثابة قصيدة متكاملة لما يحمله من بلاغة في المعنى وجمال في الصورة، وحين يقال لا يحتاج إلى بيت آخر ليكمل معناه ويعدّ وزن "الدارمي" من أكثر الأوزان استعمالاً من قبل الشعراء ويكتب بشطرين وقافية واحدة وهو على وزن البحر المجتث (مستفعلن فعلان مستفعلاتن) مثل هذا البيت من شعري:

(اشلون انام الليل وانت رحلت غاد

مو جنه انا وياك سبابه وزناد)

أما وزن "الأبوذية" فتكون على البحر الوافر (مفاعلتن مفاعلتن فعولن) ووزن "الزهيري" على البحر البسيط (مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن)».

ويتابع: «أكثر ما يهمني في القصيدة هو الصورة الشعرية وهذا ما يتميز به الشعر الشعبي فهو كثير الصور وفيه مناجاة للروح والسفر في كينونة الأشياء فتلقى القصيدة في بعض الأحيان لوحة فنية رسمت بالحروف».

أما عن مستقبل الشعر الشعبي في "سورية" فيقول "العامر": «لن ينضب معين الشعر بأنواعه في "سورية" لأنّنا بلد تجذرت الثقافة فيه والإبداع هاجسه اليومي لكن يبقى الشعر الشعبي حبيس صدور الشعراء لأسباب متعددة منها عدم وجود منصات خاصة للشعر الشعبي ومقتصرة على الأصبوحات والأمسيات، فلا يوجد مهرجان للشعر الشعبي يجتمع فيه شعراء "سورية" وهم كثر، كما أنّ الاهتمام الإعلامي به قليل رغم أنّ الشعر هو تراث المنطقة وذاكرتها، ولا يوجد أيضاً جمعية للشعر الشعبي نتبع لها وتتابعنا وتحفظ حقوقنا، ورغم كل ذلك سنبقى نقرض الشعر لأنّه سكن وعرش على قلوبنا وبات يحتل جزءاً من عقولنا وفي بعض الأحيان ملاذنا».

يقول "عامر العمر" في إحدى قصائده:

(صوابك جان حار لهيج ما حسيت

لمن برد صوابك شو صرت تذبل

كتلك ما طعت غرتك الاحضان

شقد ماتت سنابل وبحضن منجل

ظلت دمعتك تخفيها بلجي تموت

وهي عكدة جفن بس بالدمع تنحل

وما منك ثمر اعرف بهاي شلون

من شفت الغصن بالريح يتوسل).

يقول عنه الشاعر "أحمد الجرجيس": «عرفته شاعراً جميلاً يعشق الأدب ويهوى الرسم بالكلمات، اختلف عن أقرانه بقوة التصميم والمثابرة فنمى موهبته وصقلها واستطاع أن يجد لنفسه الطريق الشعري الجميل وما يزال يسعى لتطوير أدواته ويسير بخطىً واثقةٍ نحو الإبداع».

أما الشاعر "حميد السوادي" فيقول عنه: «"عامر العمر" امتاز بكثرة الصور الشعرية وجمالها، يملك إحساساً عالياً بالكلمة، موهبته تكتمل من خلال دراسته الأكاديمية فهو يدرس اللغة العربية وهذا ما أعطاه جزالةً ومتانةً وحسّاً مرهفاً».

يذكر أنّ "عامر عمر" من مواليد "الحسكة" عام 1998، طالب في كلية الأدب العربي.