أبحر في عالم اللغة العربية ونهل من كنوز الأدب، حتى لامس قلوب وعقول القرّاء، حيث بدأ بقوة عندما نوّع إصداراته بين الديني والإنساني تارة، والعاطفي الحسّاس تارةً أخرى، ومن هنا عرض سلاحه اللغوي على أكثر من نوع أدبي.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الكاتب "سلمان وزو" بتاريخ 22 أيار 2019، فحدثنا عن بداية تفتح موهبته في الكتابة، قائلاً: «أذكر أنني حين صرتُ في الصفوف الأخيرة من مرحلة التعليم الابتدائية وجدتُ في نفسي ميلاً واضحاً إلى مادة اللغة العربية، ولا سيما حصة التعبير التي كنتُ أنتظرها بفارغ الصبر، لاستمتاعي الهائل بالأفكار والخيال الطفولي، الذي أفرغه في دفتر الواجب المنزلي، وهيامي بإلقاء مواضيع الإنشاء أمام زملائي، وإلى الآن لا تغيب عن ذهني ملامح الدهشة على وجه مدرسي لمادة اللغة العربية الذي ملأني شغفاً وثقة، وفيما بعد صرت أكتب خواطر نثرية لاقت حيزاً مكانياً في بعض الصحف الرسمية المحلية، وفي مجلة "الصدى" الإماراتية، وأتممت دراستي الجامعية فدرست في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في "حلب" قسم اللغة العربية، وتخرجت فيها عام 2005، وفي عام 2006 حصلت على دبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية في جامعة "حلب"، وأصبحت معيداً في جامعة "الفرات" في عام 2012، وبعدها تم إيفادي إلى "دمشق"، والآن أكمل دراستي العليا في مرحلة الدكتوراه باختصاص طرائق تدريس اللغة العربية، وهذا ما أفادني في كتاباتي حيث أدقق ما أكتبه بنفسي، كما أن نوع دراستي جميعها في مجال الأدب والروايات، وهذا ما أغناني فكرياً ولغوياً نحوياً، لكن ثقتي بكلماتي لم تقف يوماً على قدمين ثابتتين كحالها يوم عُرضت أكثر من مرة على شاشة القناة "السورية" الثانية بصوت المذيعة "صبا ميا"؛ إذ كانت تُقدِّم برنامج "ما يطلبه الرياضيون"، وتنتقي من بين مئات الرسائل أجمل رسالة لتعرضها بخط صاحبها على الشاشة. ومضت الأيام، فكانت الجامعة، وكنتُ طالباً في قسم اللغة العربية، فرحتُ أنهل منها ما أغنى حصيلتي اللغوية، وجعلني أتجرّأ على اعتلاء صهوة المنابر والمشاركة في الأمسيات التي تقيمها المراكز الثقافية، فعشتُ وقتاً طويلاً وممتعاً مع دواوين "نزار قباني"، وكتابات "الرافعي"، و"الماغوط"، و"جبران خليل جبران"، و"غادة السمان"، و"غسان كنفاني"، و"أحلام مستغانمي"».

لا أستطيع الفصل بين "سلمان" وكتاباته؛ لأنه يتمثّل جيداً في سطوره التي يكتبها حتى تغدو "سلمانَ" بذاتها، فأسلوبُه الأدبي يتّسم بعمق الفكرة التي يخلع عليها رداءً من البراعة اللغوية؛ وهذا ما يمنحه بصمة مميزة بين محيطه القريب من المعارف والأصدقاء، وكان سبباً في جذب اهتمام بعضهم نحو الأدب واللغة، كما أن قلمه ماهرٌ في اصطياد التفاصيل الصغيرة في حياتنا المعتادة

وعن خوضه في مجال الأدب قال: «كتبتُ رواية كنت أنوي أن أسميها "انهزام بحّار"، لكنّها ضاعت نتيجة خلل تقني في الهاتف، فكانت القاصمة لظهر محاولاتي؛ إذ شعرت بمرارة أشبه بمرارة الأب حين يفقد ابنه البكر، فعزفت إثر ذلك عن فكرة التأليف إلى أن تعرّفت إلى صديقي الكاتب "محمد العلي"، فكتبت معه كتاب "لأنه محمّدٌ صلى الله عليه وسلم"؛ الصادر عام 2019 عن دار "سما" للنشر والتوزيع، فكان هذا الكتاب محاولة لردم الفجوة بين عصرنا المسرف في المادة، والعصر النبوي المتشبّع بالروحانية، ووقفة في رحاب المصطفى، لنقطف من أخلاقه المواعظ والدروس والعبر، وننسج من دفء شمائله معطفاً يقينا من صقيع الواقع، ونعيد إعمارنا على طريقة الهندسة النبوية. كما كتبت مع الكتاب "شادي خلف" و"نور كناكري"، و"آلاء حمامة" كتاب "عشاق لم ينصفهم الحب" الصادر في عام 2018 عن دار "سما" للنشر والتوزيع، وهو كتاب قصصي ثقافي يقتفي العثرات في دروب العشق، ويروي قصص العشاق في العالمين العربي والغربي الذين ذاقوا مرارة السقوط من شاهق الفرح إلى عميق الخيبة، ومن كتاب "لأنه محمد صلى الله عليه وسلم" أقتبس: (لطالما عصفت بروحك الاحتمالات وكانت طمأنينة قلبك في نصيحةٍ أسداها لك أحدهم، فصافحت حيرتك باليقين، ومشت على عطشك بأقدام من سحاب)، فالنصيحة التي تأتي في مكانها وزمانها الصحيحين قد تنشل يائساً من أعمقِ منحدرٍ في يئسه وترفعه إلى أعلى قمم الاستبشار، وقد ترد غافلاً من أقصى يسارِ غفلتِه إلى أقصى يمين الرشد، وقد تنقل شخصاً من مهلكه المحتوم إلى مسالك النجاة، فالنصيحة قوة ناعمة تجعل تفكيرنا مزدوجاً حول الحلول الممكنة لمسألة ما، وتضيء لنا خياراً من بين الخيارات الضبابية، وتقف بوضوح شاهدة مرورية عند مفرق الطرق. كما أقتبس من كتاب "عشاق لم ينصفهم الحب": "أن تكونَ عاشقاً يعني أن تمضي النسائمُ عنك حاملةً على أكتافها خوابي العبق، وأن يضبط الزمن ساعته على توقيت نبضك، وأن تُدلف على روحك في كلّ صباحٍ ألف ركوةٍ للحب، وأن تملك قلباً مضادّاً للكدمات، وألا تراهن على الفوز دوماً، وأن تكون متمرّساً في الانتظار وخبيراً في تجرُّع أمرِّ الخيارات، وأن تضع احتمالات الخيبة والدمع والندم نصبَ قلبك"».

غلاف أحد إصداراته

طالبة الماجستير في الاقتصاد "عفاف البشو" عنه قالت: «أرى أن "وزو" كاتب متميز ومتفرّد؛ إذ يكتب النثر بروح شاعر، فلا تفلس من جزالة الشعر أو بلاغة النثر، ويكثّف اللغة حتى يجعل كل نص وجبة مركّزة قادرة على إشباع شغف القارئ، فنحن نقرأ له ميلاً منا للجودة العالية التي عادة ما يحتاج إليها الإنسان في كل شيء يتعاطى معه، وفي زحمة الإنتاج الأدبي، وتوفر سبل التواصل والشهرة، قد يبدو الحديث عن المخزون اللغوي والفصاحة والبلاغة أمراً غير حاسم في ميادين التميّز، لكن "وزو" حين يكتب يجعل من هذه المعطيات أدوات لإبراز ما هو أهم، وهذا مكمن اختلافه وتفرّده؛ فقوام الإبداع عنده الفكرة؛ وزينتها اللغة، وإبداعه في أفكار نصوصه يأتي من حساسيته العالية للتفاصيل الدقيقة التي قد لا يلتفت إليها أحد، وإحساسه المرهف القادر على إيصالها بطريقة جديدة، فدائماً ما يرينا بقلمه أشياء اعتدناها، لكن ونحن نقرأ له نشعر وكأننا أول مرة نمرّ بها، حيث له قدرة على رؤية زوايا أخرى وأكثر من المتاحة لغيره».

أما الكاتبة "نور كناكري"، فقالت: «يتفرّد "سلمان" بأبجدية خاصةً، لا تُشابه غيرها؛ إذ قرأتُه كاتباً مُرهفاً بين صفحات كتاب "لأنّه محمّد" الذي يعدّ كنزاً يروي سيرة أعظم الخلق، وعرفته عاشقاً ينفث نيران حبّه المضطّرم بين صفحات "عشّاق لم ينصفهم الحبّ"؛ ذاك الكتاب الذي ذاق فيه "سلمان" العشق، ورسم لنا صورة لحظات الوصال والاحتراق، وكان لي شرف المشاركة به. كما عرفته معلّماً لي أثناء عملنا معاً بالتدقيق اللغوي».

د. محمد الجاسم

وأضاف الدكتور في كلية الحقوق "محمد جاسم"، قائلاً: «لا أستطيع الفصل بين "سلمان" وكتاباته؛ لأنه يتمثّل جيداً في سطوره التي يكتبها حتى تغدو "سلمانَ" بذاتها، فأسلوبُه الأدبي يتّسم بعمق الفكرة التي يخلع عليها رداءً من البراعة اللغوية؛ وهذا ما يمنحه بصمة مميزة بين محيطه القريب من المعارف والأصدقاء، وكان سبباً في جذب اهتمام بعضهم نحو الأدب واللغة، كما أن قلمه ماهرٌ في اصطياد التفاصيل الصغيرة في حياتنا المعتادة».

الجدير بالذكر، أن "سلمان وزو" من مواليد "الحسكة"، عام 1984، يقيم حالياً في "دمشق".