شعره يلامس شغاف القلب لأنه ينبع من عاطفة نقية سامية، وقد استطاع من خلال ما يمتلكه من ملكات الحضور الجميل والإلقاء السليم والفصاحة العربية إيصال رسالته الشعرية وجذب واستحسان الجمهور، وحجز مكانة مميزة في الساحة الأدبية والشعرية في "الحسكة".

مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 13 حزيران 2018، تواصلت مع الشاعر "أحمد عبد الرؤوف" ليحدثنا عن مسيرته الأدبية، حيث يقول: «ولدت في قرية "سكر الأحيمر"، وهي ذات طبيعة غناء، منحتني الكثير من الحروف الصادقة والقوافي الشاهقة، درست فيها المرحلة الابتدائية، ثم أكملت المرحلة الإعدادية في بلدة "تل تمر"، حيث قضيت أيام الصبا، ثم الثانوية حيث الرعشة الأولى للشباب.

لسنا هنا لنشترط على مبدع شكل إبداعه أو جنسه، فقط نحن نسجل تحفظنا حين ينتج مبدع نتاجه بنمط تقليدي، ونخشى أن يقوده هذا النمط إلى رؤية تقليدية للحياة وللفن، عدا ذلك فليعطنا أي شاعر شعراً، وليكن هذا الشعر بأي نوع من أنواع القصيدة العربية. أيضاً نحن سنزعم لو أن "أحمد" شرع صدره للرياح لتهب عليه، لاغتنى عالمه لغة وتقانة، إلا أن هذا يجب ألا ينسينا أننا إزاء شاعر مجيد، قيض له الوزن على تمكن، وأسلست القوافي قيادها إليه، فغنى وأشجى وأطرب

فثمة أشياء أبعد من اللعب والقراءة والدروس والمنافسة بين الرفاق، وأبعاد أخرى للكون والحياة تتبدى أحياناً في عيون الصبايا حين يكللُ الحياءُ العذري وجوههنَّ، وهي تنضحُ بالرغبةِ بالحياة، فكانت السطور الأولى من دورق الشّعر محاولات خجولة اقتصر سماعها على الرفاق والمعلمين حين وجدتُ ضالَّتي في تلك الأبيات التي بدأت أنظمها تارةً عفوَ الخاطر، وأحياناً بتكلُّف الفضولي.

مع ديوانه الشعري

أخذتني قصائد "نزار قباني" بعيداً ودرت في فلكها أشواطاً، وفي المرحلة الجامعية غرقت بـ"السياب"، وما يتركه حرفه في أعماق الروح، ولم تسلم روحي من أسلافهم، حيث أسرتني القصيدة العمودية في معظم ما قرأت لتكون حاضرة في جل ما كتبت، حين وقفت طويلاً على روائع "أبي فراس الحمداني" وسواه، وحصلت بختام كل ذلك على إجازة في اللغة العربية، بدأت حكايتي مع الشعر».

أما عن نشاطاته ومشاركاته الأدبية، فيقول: «بدأت خلال المرحلة الثانوية على مستوى منظمة "شبيبة الثورة"، حيث كنت رائداً على مستوى "سورية"، وحصلت على المراكز الأولى في عدة مناسبات على عدة مسارح لتتجلى الحكاية

أكثر في المرحلة الجامعية، وبعدها حين مثلت محافظة "الحسكة" في مسابقة "شعراء الشام"، وتم تكريمنا من قبل وزير الثقافة كأفضل أربعين شاعراً على مستوى "سورية" عام 2016، وفي ذات العام احتفلت بي محافظة "الحسكة" كشاعرها الأول بمسابقة أخرى حصلت على جائزتها، وفي عام 2017 حصلت على جائزة الشعر للشباب في "الحسكة"، ولقب شاعر المحافظة، وفي ذات العام أيضاً نظمت "UNDP" منتدى أدبياً لرعاية المواهب الأدبية حصلت بختامه على هديتي الأثمن، وإن لم تكن بمستوى الطموح الأكبر، حيث قدمت للمتميزين دواوينهم الأولى، وطبعت لي ديواني الأول بعنوان: "ليس لي"، وهو يتألف من أربعٍ وثلاثين قصيدةً يتكلم عن الحب. كما نشرت لي عدة مجلات وصحف عربية عدة قصائد، ويحضّر الآن عمل غنائي من كلماتي خارج "سورية" على مستوى "أوروبا" كلها، سيعرض في مسرح "أثينا" القومي بعرض مباشر مع فرقة أوركسترا، وأيضا من ضمن اللقاءات الإذاعية بـ"الحسكة" لي سجلت فيها عدداً كبيراً من قصائدي وظلت تتردد في الصباح، وذلك لأن صوتي كما عبروا مميز جداً، كذلك أجرت معي إذاعات عربية لقاءات عبر شبكة الإنترنت، وهي موجودة على اليوتيوب، كان آخرها مع إذاعة تونسية ببث مباشر، ألقيت فيه عدداً كبيراً من القصائد خلال حوار شيق، وأختار لكم بعض الأبيات من هذه المشاركة:

"بنيتُ قصراً من الأوهامِ والصّورِ... يجاورُ النّجـمَ بينَ الشّمسِ والقمرِ

أسكـنتُ كـــلَّ سنيني في ترنّحـِـهِ... حتّى غــــدوتُ بلا سـمعٍ ولا نظرِ

جفَّ السّريرُ وماءُ الرّوحِ ناضبةٌ... وما كتبتُ أســيرُ الحـــظ والقــدرِ

نسجتُ أشرعةً ضلّتْ وما وصلتْ... شطَّ الأماني ولا مالتْ إلى جزرِ

كيفَ الخلاصُ وأحلامي بها غرقتْ... بينَ الأحبّةِ تبكي طفلةَ الزّهــرِ

فتّقْتُ كلَّ حروفِ الشّعر ِفي ورقي... وما رشـفتِ حروقَ الشّعرِ بالمطرِ

عـامانِ أبحــرُ في عينيكِ غـاليتي... وما بلغـــــتُ أخـيراً غــايةَ السّـفرِ

عامانِ منذ ُزرعتِ القلبَ في جسدي... وعشتِ بينَ ضياءِ العينِ والبصرِ"».

الأديب والقاصّ "محمد باقي" عنه يقول: «عرف "أحمد عبد الرؤوف" بقصيدة العمود الرصينة؛ وهو ما يشي بتجاوز لغته لوظيفة التواصل، لتندرج في نسيج فني شعري، يقوم على الصورة والتخييل، لغة رصينة وجميلة، تنهض الصورة بدور مركزي فيها، في المضامين توزعت مواده بين الوطني والاجتماعي والغزل؛ ففي الوطني حضر الألم على ما آل إليه حال البلد، من غير أن تختفي نبرة الفخر بمرحلة أو خلق. وفي الاجتماعي حضر الفقر والزيف والازدواجية ناهيك عن الجهل والتخلف، فيما تبدى الغزل عن تصبي حالة حب، أو التغنّي بالمرأة كأحد أمثلة الجمال، إن لم تكن أبرزه.

مؤكداً أن الحصول على شخصية خاصة في البدء ليس بالأمر المتيسر، غير أن ما يؤخذ عليه هو ترسمه لدرب الأقدمين، ما وجب عنه اشتغالاً مطلوباً على المختلف على مفهومي الجدة والفرادة كرائزين، ناهيك عن أن الحراثة في أرض محروثة لن يكون بالأمر الهين، فلقد سبقه إليها آلاف الشعراء، وما عاد الإتيان بالجديد في مقام السهولة واليسر.

وكان عليه كشاب ينتمي إلى القرن الواحد والعشرين أن ينفتح على الأنواع الشعرية، لكنه لم يفعل إلا بحدود، إذ أنتج نصوصاً قليلة في التفعيلة، بما لا يؤسس لتيار في نتاجه».

ويتابع: «لسنا هنا لنشترط على مبدع شكل إبداعه أو جنسه، فقط نحن نسجل تحفظنا حين ينتج مبدع نتاجه بنمط تقليدي، ونخشى أن يقوده هذا النمط إلى رؤية تقليدية للحياة وللفن، عدا ذلك فليعطنا أي شاعر شعراً، وليكن هذا الشعر بأي نوع من أنواع القصيدة العربية. أيضاً نحن سنزعم لو أن "أحمد" شرع صدره للرياح لتهب عليه، لاغتنى عالمه لغة وتقانة، إلا أن هذا يجب ألا ينسينا أننا إزاء شاعر مجيد، قيض له الوزن على تمكن، وأسلست القوافي قيادها إليه، فغنى وأشجى وأطرب».

مما يذكر، أن الشاعر "أحمد عبد الرؤوف" من مواليد "الحسكة"، عام 1991.