مازال يعتبر نفسه في فترة العطاء والنشاط الأدبي، فمن وجهة نظره أن الأديب مرهون لمجتمعه، وهذا الالتزام هو جوهر الإنتاج الأدبي والفكري، لأن المجتمع يمنحه الفكرة وهو يكرسها بكلمات تتماهى حروفها مع الوجدان وتدخل القلوب بلا استئذان.

مدونة وطن "eSyria" التقت الكاتب "إبراهيم عواد خلف" بتاريخ 19 آب 2014، وطافت معه في ملفات ذاكرته ليحدثنا عن بداياته في هذا المجال، فقال: «البدايات كانت -وستبقى- في "الحسكة"، فقد ولدت لأسرة فقيرة الحال، كان والدي آنذاك معلماً للقرآن الكريم في ما يشبه الكتاتيب، لهذا رضعت اللغة العربية الفصيحة بكل حركاتها وتصاريفها مع حليب أمي، وحملتها فيما بعد أمانةً في عنقي أذود عنها وأرتقي بها، عشقت الشعر طفلاً صغيراً والكلمة الأدبية الجميلة كانت رفيقتي في حلي وترحالي، وجدت نفسي في بيت طيني فيه من الكتب الصفراء، وحكايات ألف ليلة وليلة والسيَّر الشعبية، أكثر من "مونة البيت" من الطعام والشراب، وأنا وارث والدي الوحيد على سبع بنات في كتبه وكلماته، التي أعتبرها أفضل شيء يتركه الأب لأطفاله».

هو أحد الشباب الموهوبين بدليل أنه تحصَّل على أكثر من جائزة، وهو خلوق مهذب، محب لمن حوله، ومحبوب من أصدقائه ومعارفه، يتمتع بخيالٍ خصب وقدرة على إدارة الحدث، والتنويع في زوايا الالتقاط مع خواتيم مدهشة، كما أنه يكتب بتقنية عالية لأنه يجيد أنوع القصص من سردٍ إلى لعبة تعدد الضمائر، ويكتب القصة الحدث وقصة اللحظة، لكن عمله أعاقه، لذلك لم يكن اتحاد الكتاب في "الحسكة" يبخسه حقه، وقد تناولت أكثر من قصة له بالتحليل في موقع القصة العربية، وكانت قصصه موضع إعجاب القراء والمتابعين

يتابع: «في المرحلة الابتدائية كنت الرائد الأول في التعبير الأدبي، وكتبت قصة لم أعد أذكرها ولكن ما أذكره أن مدرسي في الابتدائية "سادا آدم"، علَّقها في لوحة المدرسة وطلب من الجميع قراءتها، فكانت وقود الإقلاع الحقيقي ومحركاً لعجلات الأدب التي لم تتوقف لهذا التاريخ، فوجدت هويتي في فن القصة، قرأت كثيراً وكتبت بجرأة وصراحة عن المجتمع الريفي في "الحسكة"؛ بكل زواياه وأمراضه الاجتماعية وبراءته وجماله، على الرغم من كل شيء، وكتبت عن المرأة وهي تبوح بلسان الأنثى وأدعي أني نجحت، وفي إحدى المسابقات الأدبية المغفلة من ذكر الاسم قال المحكِّم الكاتب "غسان ونوس"، هذه القصة استحقت المركز الأول لأن كاتبتها باحت بما لا تستطيع أنثى أخرى أن تبوح به، فقد ظن أن كاتبة القصة هي أنثى من قوة الحبكة والغوص في التفاصيل الدقيقة، والتمكّن من تصوير حال الأنثى بما لا يعرفه الرجل».

على المنبر القصصي

وعن الجهات التي قدمت له يد العون أو مكنته من الوصول إلى ما هو عليه، يضيف الكاتب: «كان لمسابقات الشبيبة والطلبة الدور الذي لا أنكره في صقل الموهبة وتصويبها، وكان للكتّاب: "محمد باقي محمد، ومحمد رويلي، وإبراهيم الخليل" الفضل الجلي في اكتشافي لذاتي، ولأني اكتشفت نفسي رحت أشارك في كل المسابقات والجوائز الأدبية في القصة القصيرة، فحصدت أكثر من 16 جائزة على مستوى القطر، والكثير الكثير من جوائز المحافظة، إلا أن عملي "كمحاسب إدارة"، في المال والأرقام جعل الكتابة عندي وقتاً للترفيه والمتعة، فكان نتاجي ثلاث مجموعات قصصية هي على التباع: "مطبَّاتٌ للذاكرة، وجاورس، والخارور*"، والأخيرة كان لها الوقع الأكبر في ذاتي، فسيمفونية "الخارور" المتقطِّر من سقف طيني على الطوس** المعدنية والأواني البلاستيكية، لم يحفر في الأرض أو في الجدران طريقه فحسب، بل حفرها في بادئ الأمر في ذاكرتي، فكتبتها ونشرتها وفزت فيها وبكيت عند قراءتها، جاء ذلك لأنني شعرت بأني أعرفها للمرة الأولى. ولي رواية قيد النشر بعنوان "حسكةٌ في الحلق"، وهي ما تزال شوكة في حلقي حتى تجرحني أو أبتلعها، فأنا ابن الغبار البار، ابن حقول الشعير والدور الواطئة، أنا الصوفي الذي يحاول تجاوز الحرف والحد إلى تفجير الكلمة والمعنى، ولست أخاف الصلب أو الحرق».

ويختم "خلف": «حملت محافظتي بين أضلعي فحاولت أن أمثلها خير تمثيل، ويراودني شعور دافئ مفاده أنني نجحت في أن أوفي جزءاً من الدين لمحبوبتي، فما كنت أخرج منها إلا وأعود حاملاً لها الجوائز، لكن لا يخلو الأمر من عتبي عليها إذ لم ألمس منها مبادلةً لودي، فلم تبادر إلى تعبيرها عما أقدِّم من أجلها -وهي ليست منة- إنما هو عتبٌ على قدر المحبة، وأذكر جانباً ما زلت أتجرع مرارته؛ ففي عام 2010 كانت الجوائز الثلاث ضمن مهرجان "الجولان" الذي أقيم في "القنيطرة" من نصيب محافظة "الحسكة"، فقد ضفرنا بهن "أنا، وداوود فريح، وعبد الغني المحمد"، ومن الجدير ذكره أن الخبر الذي نشر عن هذا الحدث الذي أعده مهماً، لم يتعد الخبر الخجول في الصحافة المحلية، ولم يتجاوز حجمه ما يُخصص للإعلان عن فقدان بطاقة جامعية، كما أننا لم نلقَ أكثر من هذا الاهتمام من مسؤولي المحافظة آنذاك».

من اليسار إبراهيم مكرماً

من جهته وصف الكاتب ورئيس اتحاد كتاب العرب السابق "محمد باقي محمد" الكاتب "إبراهيم" بكلماتٍ مفادها: «هو أحد الشباب الموهوبين بدليل أنه تحصَّل على أكثر من جائزة، وهو خلوق مهذب، محب لمن حوله، ومحبوب من أصدقائه ومعارفه، يتمتع بخيالٍ خصب وقدرة على إدارة الحدث، والتنويع في زوايا الالتقاط مع خواتيم مدهشة، كما أنه يكتب بتقنية عالية لأنه يجيد أنوع القصص من سردٍ إلى لعبة تعدد الضمائر، ويكتب القصة الحدث وقصة اللحظة، لكن عمله أعاقه، لذلك لم يكن اتحاد الكتاب في "الحسكة" يبخسه حقه، وقد تناولت أكثر من قصة له بالتحليل في موقع القصة العربية، وكانت قصصه موضع إعجاب القراء والمتابعين».

يذكر أن "إبراهيم عواد خلف" يحمل إجازةً في الحقوق من جامعة "حلب"، وهو عضو اتحاد الكتاب العرب في "الحسكة"، ومن الجوائز التي حصل عليها: "جائزة الدكتور جميل محفوظ، وعبد الباسط الصوفي (2 مرة)، ومهرجان المزرعة، وحلب عاصمة الثقافة الإسلامية، ووزارة الثقافة ومديرية ثقافة الطفل، ومهرجان العجيلي، والزباء، والجولان، واليرموك، وابن طفيل، والبتاني، وجامعة حلب، ومهرجان القامشلي، وأخيراً مهرجان الخابور".

يصافح مكرميه

الخارور*: هو ماء المطر المتقطّر من السقف الطيني الذي لم تجر عليه صيانة.

طوس**: جمع طاسة وهي الوعاء الذي يُشرب به الماء.