لا تفارق الإبتسامة اللطيفة وجهها المُشرق الذي يخبّئ ورائه ذكاءً ساعدها في التفوق والتميز؛ تحاورك بكل هدوء وكأنها تبحث في ذاكرتها عن عباراتٍ تناسب ما هو مطروحٌ أمامها.

الطالبة "مايا جوزيف عيسى" من ثانوية "العروبة" في "القامشلي" نالت العلامة /267/ 285/ في الفرع العلمي وحققت أمنيتها بالتفوق فكانت من العشرة الأوائل على مستوى محافظة "الحسكة" التقيناها في منزلها لتبدأ بالحديث عن تجربتها قائلةً: «كان لدي حافزٌ للاجتهاد والتفوق منذ المرحلة الابتدائية؛ وازداد هذا الدافع في المرحلة الإعدادية ثم الثانوية؛ وبالتأكيد هذا الأمر نابعٌ من إيماني وإعجابي بمكانة والدي ووالدتي العلمية؛ وبما أنهما مَثَلي الأعلى في الحياة حاولتُ قدر المستطاع أن أحقق شيئاً من ثقتهما المطلقة بإمكانياتي. عملتُ على إتباع برنامج دراسي طوال السنة واستطعتُ توزيع وقتي ما بين الدراسة والراحة من جهة ودوام المدرسة من جهة ثانية؛ إذ خصّصتُ نحو /5/ ساعات يومياً للدراسة في بداية العام أما خلال الأشهر الأخيرة فارتفع عدد ساعات التحضير إلى /10/ ساعات تقريباً، ولا أنكر أنني حرمتُ نفسي من هواياتٍ كنت أعشقها مثل السباحة والرسم وحققتُ فيهما مراكز متقدمة عل مستوى المحافظة والقطر؛ ومع ذلك تغلبت على نفسي وبدأت أفكر بمستقبلي القادم المرسوم في الأفق واقتنعتُ بأن الاستغناء عن تلك الهوايات لمدة قصيرة لن تخلق لي مشكلة إذا ما حققتُ الهدف الأسمى وهو التفوق». وتضيف: «ما كنت أعانيه طوال العام الدراسي هو الضغط الكبير نتيجة الدوام المدرسي ثم دوام آخر في معاهد الدورات وأخيراً التحضير والدراسة في المنزل؛ لكن تلك الصعوبات كانت تتنحى جانباً وتختفي أمام تفهم أسرتي لوضعي وخلقهم جو مناسب من أجل راحتي النفسية وهذا أهم شيء بالنسبة للطالب، ما أريد قوله هو أنني خطوْتُ الخطوة الأولى نحو النجاح وبانتظاري الكثير في المرحلة القادمة حتى أكون طبيبة ناجحة في المستقبل من أجل أن يفتخر بي أفراد عائلتي (والدي؛ والدتي وأخوتي) الذين لهم فضلٌ كبير على ما أنا فيه الآن».

"مايا" من الطالبات اللاتي نفتخر بمستواهنّ العلمي؛ فهي مواظبة على دوامها المدرسي ومتابعة دروسها بشكلٍ مستمر وتتميز عن زميلاتها بالهدوء وحب الغير، فنحن في الثانوية أسرة واحدة من أصغر طالب وحتى أعلى منصب إداري لذلك يكون هناك تنسيق دائم بين الأهل والإدارة وهذا سبب كافٍ لتميّز الطلبة

والد "مايا" الدكتور "جوزيف عيسى" رأى بأنه لا شيء يضاهي فرحة الأب بنجاح أبنائه؛ حيث قال: «لا يمكن وصف ما يشعر به الأب عندما يلامس حصاد السنين الذي زرعه في أبنائه؛ وخاصةً إذا كان الأمر متعلقاً بتفوقٍ علمي. حاولتُ منح أبنائي حب العلم منذ فترة الطفولة وقدّمت ُ لهم التسهيلات التي تُمكّنهم من متابعة دراستهم دون أية منغصات؛ ورغم انشغالي بعملي في العيادة والمستشفيات لم أكن قط بمنأى عن واجبي تجاه عائلتي؛ وفي هذا الصدد لا أنسى فضل زوجتي أيضاً التي سهرت على راحتي وراحة أبناءها. واليوم "مايا" حققت نجاحاً كبيراً لنفسها ولنا جميعاً لأنني كنت على ثقة تامة بإمكانياتها العلمية وقدرتها على المنافسة على مستوى المحافظة على أقل تقدير وبالفعل كانت ساعة صدور النتائج أجمل لحظات حياتي».

الطالبة "مايا" برفقة والدها ووالدتها

السيدة "منى عيسى" والدة "مايا" مدرسة لغة إنكليزية؛ تقول: «لا بد أن تكون علاقة الوالدين بالأبناء مبنيةً على الحب والصداقة والصراحة وخاصةً في سن الثامنة عشرة وما دون، لهذا حاولتُ تطبيق ما أؤمن به من أفكار وكنت بالفعل صديقةً لـ"مايا" قبل أن أكون والدتها وعملتُ على تأمين كل سبل الراحة النفسية لها داخل المنزل وابتعدتُ أيما ابتعاد عن الضغط أو إجبارها على الدراسة؛ على العكس تماماً فقد منحتها الحرية المطلقة لتنظيم وقتها لكنني لم أكن أغفل عنها، وحتى فترة الامتحانات واظبتُ في الإشراف على تقييم موادها التي تنتهي من تقديمها. كل ما أريد قوله هو أنني سعيدة جداً وفخورةٌ بها لأنها لم تخذلنا ولم تجعلنا نندم على الأوقات التي سهرنا على راحتها».

الأستاذ "حنا ملكي" مدير ثانوية "العروبة" يقول: « "مايا" من الطالبات اللاتي نفتخر بمستواهنّ العلمي؛ فهي مواظبة على دوامها المدرسي ومتابعة دروسها بشكلٍ مستمر وتتميز عن زميلاتها بالهدوء وحب الغير، فنحن في الثانوية أسرة واحدة من أصغر طالب وحتى أعلى منصب إداري لذلك يكون هناك تنسيق دائم بين الأهل والإدارة وهذا سبب كافٍ لتميّز الطلبة».