التفوق مرتبة رفيعة لا يصلها إلا من يستحقها، ووسام لا يتقلّده إلا صاحبه، و"دلال عبّاس" حطّمت كلّ قيود الرهبة والخشية من معانقة العلم والعلوم، فهي فاقدة لضوء البصر، لكنها تزيّنت بأنوار النجاح، وتقلّدت أضواء التفوق باقتدار، صنعت ما لم يُصنع من قبل في وطننا، بأن نالت الشهادة الثانوية العلمية، وبعلامة تخلّد اسمها في الصفحات المشرقة البيضاء، ولتثبت بأنه لا مستحيل مع الإرادة والتصميم.

موقع eHasakeh زارها في منزلها وتحدّثت قائلة: «تقدمت إلى الشهادة الثانوية العلمية دورة 2009 وأنا الوحيدة حتّى الآن وعلى مستوى الجمهورية من تنال تلك الشهادة، فالمعاق وخاصة في البصر يصعب عليه وبشكل كبير تقديم المواد العلمية، فهو يحتاج لأن يرسم ويخطط ويستخدم بعض الأدوات التي تحتاجها تلك المواد، أمّا العلامة فقد كانت كفيلة بأن كُرمت ومن كافة الجهات على مستوى المحافظة والعاصمة، فقد نلت علامة 227 من 240 علماً أنه في بعض المواد لحقني بعض الإجحاف فقد كان قدّم عني المدرس غير المختص مادة الرياضيات، ولم يكن يعرف الرموز والأرقام التي كنت أقدمها له، وبذلك هي رسالة للمعني بأن يكون المختص هو من يكتب للضرير في القادمات ولمثيلاتي إن شاء الله».

مع العمل الإداري كنت مدرسا لمادة اللغة العربية "لدلال" فكانت تثبت على الدوام بأنها حرية بالعلامة التامة، وكانت تثير الإعجاب لمن يدرسها، فلديها طاقات وإمكانات تكون كفيلة لها بمتابعة تحصيلها العلمي وبأي فرع كان، ومن خلالها عرفت بأن الإنسان يتجاوز مرحلة الإنجاز إلى مرحلة الإعجاز

وعن عناصر التفوق تابعت "دلال" قائلة: «رغم صعوبة الدراسة للعلمية للشخص السليم، فكيف لمن هو ضرير، إلا أنني أبحرت في تلك الصعوبة من خلال العزيمة والإصرار، ورغبة مني في كسر حاجز الخوف للمعاقات، وتجربتي أثبتت بأن الدراسة والتكيف مع المنهاج أيّاً كان نوعه يمكن تجاوزه، علماً عانيت كثيراً في المواد العلمية وخاصة الرسم والخطوط البيانية ورسم الجداول، فكان المدرّس يمسك بيدي وأنا أتخيلها وأدونها بذاكرتي، ولم يكن هناك ضمن برنامج عدد الساعات المكثفة، بل حسب استعداداتي الفكرية، والمواد النظرية اعتمدت على الاستماع من خلال السمّاعات والتلقين الشفهي، ونلت بذلك أعلى الدرجات من خلال المكرمات التي حصلت عليها من سيد الوطن، والسيدة الأولى، والسيد محافظ "الحسكة"».

والدا دلال

وكان لوالد "دلال" السيد "عبد الحميد عبّاس" كلمة حيث قال: «لم يبق باب إلا وطرقناه من أجل معالجتها، ولم تفلح جميع المحاولات، ولكنها نجحت هي بأن زرعت لأهلها ولمدينتها ولمثيلاتها اسماً لا يندثر بسهولة، فهي متفوقة منذ المراحل الدراسية الأولى فقد حصلت على مجموع 278 من 290 في الشهادة الإعداديّة، وساعدها على ذلك حبها للعلم وتجاوبها السريع مع المدرسين، فكانت تستوعب الفكرة من قراءة أولية فقط، ووجدت في نفسها القدرة على نيل الشهادة العلمية فساعدناها على اتخاذ مثل هذا القرار، فتفوقت ونالت الكثير من العطايا من قائد الوطن فخيروها بتحديد الدراسة الجامعية التي تريد، فكان قرارها إدارة الأعمال وهي تبحث عن أعلى الشهادات في ذلك القسم، ومؤمن لها شقة سكنية مفروشة بأحدث التجهيزات، وسيارة خاصة، وراتب شهري».

أمّا والدتها السيدة "شيخة العالي" فقد تحدّثت قائلة: «تم تهيئة الأجواء المثالية لها، وكنّا نعتبرها طالبة وتحتاج لذلك فقط، دون أن يكون لإعاقتها أي سبب في مضاعفة الترتيبات، والمعاناة الوحيدة بعض الشيء في المرحلة الابتدائية، فكنت معها لحظة بلحظة لمساعدتها، والمراحل الأخرى كان اعتمادها على ذاتها وعلى المدرسين في بعض الأمور الضرورية، وبعد أن أنهت المرحلة الثانوية جاءتها عدّة عروض من دول عربية وأجنبية لمعالجتها وإكمال دراستها عبر الفاكسات والإيملات، وهي مازالت موجودة، ولكنها رفضت جميعها، وفضلت هدايا ومنح وطنها على جميع الإغراءات».

دلال مكرمة من السيدة الأولى

وكان لمدير مدرستها في المرحلة الثانوية السيد "حمود عليوي" كلمة حيث قال: «مع العمل الإداري كنت مدرسا لمادة اللغة العربية "لدلال" فكانت تثبت على الدوام بأنها حرية بالعلامة التامة، وكانت تثير الإعجاب لمن يدرسها، فلديها طاقات وإمكانات تكون كفيلة لها بمتابعة تحصيلها العلمي وبأي فرع كان، ومن خلالها عرفت بأن الإنسان يتجاوز مرحلة الإنجاز إلى مرحلة الإعجاز».