كواكب المتفوقين تأبى أن تغادر البال، فهم دائماً نجوم متلألئة تتعالى في سماء الوطن، تظلله بالخير والعطاء، فيسكننا شعور لا يوصف كلما زاد عدد المتفوقين في حضن الوطن. جملة من المسببات تكمن وراء التفوق، إن كان لإمكانات الطالب الذاتية شيء منها، فلا شك أن للأسرة والمدرسة أشياء، فالنجاح والتفوق يعزز الأمل ويزيد من مساحة الضوء في ملامح الغد المشرق.

الطالبة "هيلين صاروخان إبراهيم" ابنة مدينة "المالكية" الحاصلة على المرتبة الأولى فيها بالشهادة الثانوية العامة الفرع العلمي بمجوع قدره 282 علامة. التقاها موقع eHasakeh في منزلها لتحدثنا عن قصة تفوقها في الحوار التالي:

منذ البداية كنت من المشجعين لأولادي على تحصيلهم العلمي، وعلمتهم منذ صغرهم أن يسألوا ويستفسروا عن شيء لم يفهموه وألا يخجلوا من توجيه الأسئلة التي تزيد من ذخيرتهم العلمية والمعرفية لما للسؤال من أهمية، حيث قيل لحكيم كيف وصلت إلى هذه الدرجة من العلم فرد قائلاً "بقلب عقول ولسان سؤول"، كما كنت أوجه "هيلين" دائماً بالالتزام والمواظبة على الدوام في المدرسة

  • كيف كان استعدادك للشهادة الثانوية العامة منذ بداية السنة؟
  • ** في بداية السنة الدراسية، أدركت بشكل جيد بأنني دخلت في مرحلة جديدة وحساسة في حياتي، مرحلة تحتاج إلى الكثير من التنظيم للوقت والسهر والتركيز وعدم التشتت، وأنه عليّ مضاعفة جهودي أكثر مما اعتدت عليه من قبل، كنت أواظب على حضور جميع حصصي المدرسية، وأصغي بشكل جيد إلى المدرس عند شرحه للمادة، وأكتب جميع توجيهاته وملاحظاته على دفتر خاص بالمادة، وأنا بطبيعتي الشخصية أستفسر كثيراً عن كل شيء لم أستوعبه، وعند عودتي من المدرسة إلى المنزل كنت أقوم بمراجعة وحفظ الدروس التي تلقيتها في نفس اليوم، أي إنني لم أكن أؤجلها إلى يوم آخر تحقيقاً للحكمة التي تقول لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، فللغد عمل آخر، وهذا بطبيعة الحال سهل عليّ المنهاج كثيراً ومنع عني تراكم الدروس، ولكي أوضح لك أكثر، بالصيف الماضي قمت بالالتحاق ببعض دورات التقوية لبعض المواد، وكان ذلك رصيداً ممتازاً بالنسبة لي، وأيضاً كنت من المتابعين لقناة التربوية السورية وهذا أيضاً أفادني كثيراً، وأعتقد أنها تغني عن الدورات والدروس الخصوصية.

  • ما دافعك لتكوني من الأوائل؟
  • ** كل إنسان لديه دوافع بحياته، وأنا منذ صغري كان لدي دوافع كثيرة مرتبطة بدراستي، وهي أن أحقق أملي وطموحي، وطموحات أهلي وأكون عند حسن ظنهم بي، بالإضافة إلى الرغبة في تحدي الذات، لتجاوز مرحلة الدراسة هذه بأفضل النتائج، والرغبة الكامنة في التميز التي ولدت المنافسة مع بقية الأقران، والتي كان لها أثر ايجابي كبير في إحراز هذه المرتبة المتقدمة، لما لها من تحفيز وتحرير للطاقات الكامنة.

    ومن المهم القول أيضاً إن تفوقي هذا، كان نتيجة لاجتهادي في السنوات والمراحل الدراسية السابقة، التي هي جزء لا يتجزأ من التفوق العام والنهائي، والذي يعتبر أساساً لأي تفوق لاحق، كما أن تفوق والدي انعكس علي أيضاً لكونه طبيباً.

  • تأثير الجو الأسري على دراستك، كيف كان؟
  • ** لقد كان الجو مهيأ ومناسباً وبفضل تشجيع والدي ووالدتي اللذين وقفا إلى جانبي حيث قاما بتوفير المناخ المناسب للدراسة، بالإضافة إلى مساهمة بقية أفراد الأسرة على الرغم من كون بقية إخوتي وأخواتي طلاباً أيضاً، فهذا لم يمنع من توفير الجو المناسب نتيجة مساعدة بعضنا لبعض، كما كنت أقوم بتنظيم وقتي بشكل جيد معتمدة على برنامج خاص وضعته بمساعدة والدي ووالدتي، حددت فيه أوقات الراحة والدراسة.

    الدكتور "صاروخان إبراهيم" المختص بالأمراض الداخلية والقلبية بمدينة "المالكية"، والد الطالبة "هيلين" قال: «منذ البداية كنت من المشجعين لأولادي على تحصيلهم العلمي، وعلمتهم منذ صغرهم أن يسألوا ويستفسروا عن شيء لم يفهموه وألا يخجلوا من توجيه الأسئلة التي تزيد من ذخيرتهم العلمية والمعرفية لما للسؤال من أهمية، حيث قيل لحكيم كيف وصلت إلى هذه الدرجة من العلم فرد قائلاً "بقلب عقول ولسان سؤول"، كما كنت أوجه "هيلين" دائماً بالالتزام والمواظبة على الدوام في المدرسة».

    ويضيف د."صاروخان": «كنت كثيراً ما ألغي مواعيدي للتفرغ لهيلين ولإخوتها فكانت الأولوية دائماً لهم، حتى عند زيارة الأهل والأصدقاء لنا كنت أنصحهم بعدم تضييع الوقت معهم لأن دراستهم هي الأهم، وهي التي ستحدد مستقبلهم وليتعاونوا معاً في توفير المناخ الدراسي لبعضهم بعضاً، مع العلم أن أختا "هيلين"، وهما "هلبست" و"هيفي" هما أيضاً من المتفوقات في مدرستهن، والتنافس لأجل التفوق بين الأخوات في المنزل كان عاملاً لتفوق "هيلين" في الثانوية».

    السيدة "نجاة محمود أحمد" خريجة "معهد الكهرباء" والدة "هيلين" تقول: «"هيلين" إنسانة محبة وعلاقاتها كانت مع صديقاتها وأسرتها تقوم دائما على أساس من الحب والاحترام المتبادل والصراحة، وكانت تنظم أوقاتها بشكل جيد، وبحكم طبيعة دور الوالد وعمله خارج المنزل، فإن الدور الأكبر يقع على عاتق الأم، فكنت أسعى لتوفير المناخ المناسب لها، وأحرص على توفير ما تحتاجه، وأقدم لها النصح دائماً بأن تنتبه لدراستها، واذكرها بشكل مستمر بأهمية العلم في حياة الإنسان، وكنت دائماً أتضرع إلى الله أن يوفقها هي وإخوتها، وكل من تعب واجتهد، وأتمنى أن تحقق أمنياتها وأحلامها في الدراسة والحياة، والإنسان بطبيعته لا يستطيع وصف شعوره لكن تفوقها أشعرني بالفخر والاعتزاز بها، ولا أحد يريد أن يكون هناك أحسن منه سوى أولاده».

    في ختام حديثها توجهت "هيلين" بنصيحة لكل الطلاب المقبلين على الشهادة الثانوية بالجد والاجتهاد، والمثابرة حتى في سنواتهم الدراسية التي تسبق الثانوية العامة، لأنها تعتبر أساساً علمياً ومعرفياً للسنوات اللاحقة.

    ومن الجدير بالذكر أن المتفوقة "هيلين" ترغب في التسجيل بكلية الطب البشري.