رغم برد الشتاء وحر الصيف، وقسوة الحياة والظروف الصعبة، أبى "مصطفى" إلا أن يكون مثابراً، يجتهد ليلاً ونهاراً، جاعلاً التفوق شاغله الوحيد، من أجل طموحه وهدفه الذي رسمه في مخيلته ليجاري زحمة الحياة، ويفتخر بأنه ابن مدينة "رأس العين"، ليكتب اسماً سيذكره أولاده من بعده، بأنه ذلك الطالب المجد الذي رفع اسم عائلته عالياً، وليثبت أن من جد وجد.

فقط ست درجات كانت الحكم والفاصل بينه وبين العلامة التامة ليكتفي بـ 234 درجة، من أصل 240 درجة ويكون الأول في مدينة "رأس العين". موقع eHasakeh التقى الطالب المتفوق "مصطفى زهير الكردي" المقيم في مدينة "رأس العين" وكان معه الحوار التالي:

شعور الأم لا يوصف بالكلام والزغاريد، لكني عبرت عن فرحتي لمصطفى بتفوقه بالدموع، وكنت واثقة من أنه سيحقق النجاح والتفوق ولن يخجلني، وهذا ما فعله فعلاً، وأتمنى أن تفرح كل الأمهات بتفوق أولادهن كما فرحت أنا

  • كيف كانت التحضيرات للشهادة الثانوية؟ ومتى بدأت فعليا؟
  • الاستاذ زهير الكردي والد المتفوق مصطفى

    ** التحضير للشهادة الثانوية بدأته عندما كنت في الأول الثانوي، عندما قمت باتباع دورة في مادة العلوم وكان ذلك في صيف 2008، وفي الصف الحادي عشر اتبعت دورات أخرى في المواد العلمية كالفيزياء والكيمياء، إلى جانب هذه الدورات في المعاهد العامة في المدينة كنت أعمل لجمع قيمة تلك الدورات، مع العلم أنه في ذلك الوقت دراستي لم تكن منتظمة، إنما التركيز في الدروس والالتزام بالبرنامج الدراسي الذي نظمه لي والدي كان قبل الامتحان النهائي بشهرين، حيث كنت أدرس لمدة ست ساعات أركز في كل حرف وكل مصطلح، وهذا التركيز منحني بأن تكون درجاتي كاملة باستثناء مادتي اللغة العربية والكيمياء.

  • هل من حوافز دفعتك للتفوق بين أقرانك؟
  • مصطفى بين أفراد عائلته

    ** نعم، والسبب الرئيسي عندما كنت في الصف السادس الابتدائي أحد زملائي قال لي بأنني طالب فاشل وهذا الكلام كان الشرارة بأن أصمم وأكون من المتفوقين وفعلاً في الصف التاسع كنت الثاني على مستوى مدينة "رأس العين" والآن الأول، إلى جانب هذه الشرارة الوضع المادي كان الحافز الثاني وذلك لأني كنت أرى كيف أن والدي كان يجاهد من أجل الحصول على لقمة عيشه، وصممت بأن أكون ذلك الإنسان الذي يساعد والده بنيله لشهادة جامعية تكون مميزة، يفتخر بها هو.

  • ماذا عن الأسئلة الامتحانية والمنهاج بشكل عام؟
  • ** الأسئلة كانت صعبة، ولكنها لم تكن مستحيلة الحل، وعلى الطالب أن يقرأ السؤال لأكثر من مرة ويفهم ما هو المطلوب منه في الإجابة، هنا يلعب التركيز الذي تكلمت عنه أثناء التحضير للامتحان دوراً كبيراً، فليس كل الأسئلة تحفظ عن ظهر قلب، إنما أغلب الأسئلة تكون عن طريق الفهم والتركيز.

  • المعاهد والدروس الخصوصية؟ هل تقدم فائدة للطالب برأيك؟
  • ** الدورات التي يتم التسجيل فيها في فصل الصيف، وأحياناً الدروس الخصوصية إذا كان ذوي الطالب قادرين على دفع تلك الفواتير، التي تصل إلى أرقام خيالية لكل مادة، هي بمجمل الأحوال سلاح ذو حدين، فهي مفيدة إذا خضع الطالب لأكثر من دورة لمادة واحدة فقط، وهي مضرة إذا لم يتابع الطالب دروسه مع مدرسيه، وكانت تلك الدورات بالنسبة له للتسلية فقط، وبشكل عام لابد من الاعتماد على الذات بالدرجة الأولى.

  • ما نصيحتك للطلاب من بعدك؟
  • ** أقول لهم أن يعتمدوا على أنفسهم بالدرجة الأولى، والابتعاد عن الذين يحبون الفوضى والتسلية، والطالب الذي صمم على إعادة الامتحان عليه الابتعاد عن الدورات لأنه سيخسر الكثير من وقته.

    الأستاذ "زهير الكردي" والد المتفوق "مصطفى" قال عن دور الأسرة في تفوق الابن: «كنت أتابع دروس "مصطفى" بشكل يومي، ففي فترة الامتحان يمر الطلبة بحالة نفسية، لا يتقبلون فيها الدراسة لمدة أيام، هنا يكون دور الأب كبيراً في المساعدة إعطاء ولده فترات استراحة يرفع تلك الضغوطات النفسية عن ولده، وهذا ما كنت أفعله مع "مصطفى"، حيث كنت أمنحه ساعات استراحة كي يرتاح فيها، وبعدها يراجع دروسه بتركيز جيد، وأتوجه بالشكر الجزيل إلى أساتذته "أحمد حسو" و"عمر الباشا" وحسين شيخو" لما بذلوه من جهود تجاه طلابهم في ثانوية "ابن خلدون"».

    عن شعوره بسماع تفوق ابنه يقول "زهير": «المشاعر في هذه الحالة لا توصف، وهي تخرج من القلب، وتكون في حالة لا إرادية من تصرفاتك، فعندما علمت أن "مصطفى" هو الأول بكيت خمس مرات، وقلت لو كان بيدي لفرشت الطرقات كلها بالورود له، ولاحتفلت به كالإمبراطور، وما زلت منتشيا بالسعادة منذ اللحظة الأولى، وهذه سادس مرة أبكي فيها فرحاً لتفوق ابني "مصطفى"».

    والدة "مصطفى" السيدة "جميلة نذير" ربة منزل أضافت: «شعور الأم لا يوصف بالكلام والزغاريد، لكني عبرت عن فرحتي لمصطفى بتفوقه بالدموع، وكنت واثقة من أنه سيحقق النجاح والتفوق ولن يخجلني، وهذا ما فعله فعلاً، وأتمنى أن تفرح كل الأمهات بتفوق أولادهن كما فرحت أنا».