لم يقتصر التعليم على ما كان عليه سابقاً بل هو يتطور بمرور الأيام، فمن زمن الكتَّاب إلى زمن المدارس الطينية وأخيراً المدارس النموذجية، وقد رافق هذه الانتقالات تطور ملحوظ في أساليب الدراسة ووسائل المساعدة، وهذه المرة تطورت وسائل المراقبة...

في سابقة مميزة في محافظة "الحسكة" تصدرت مدرسة "نسائم البر الخاصة" كل المدارس الأخرى، فهي المدرسة الأولى التي وضعت كاميرات لمراقبة الصفوف، موقع eHasakeh زار المدرسة والتقى مديرها الدكتور "ياسين محمد حسن" الذي قال: «يمكنني القول في البداية إن هذه الظاهرة هي قمة الحضارة، فنحن كمجلس إدارة درسنا هذه الفكرة على مدى سنوات قبل تنفيذها، وقد وجدنا أن ايجابيات هذه التقنية أكثر من سلبياتها، وبعد تركيب هذه المنظومة اتضحت لدينا عدة نتائج، الأمر الأول الذي لمسناه كان الانضباط التام في الصفوف، كما أصبحت كل معلمة تدرك أنها تحت مراقبة دقيقة».

أنا لا أشعر بأن هذه الكاميرا هي لمراقبتي ولكني أنظر إليها على أنها تصب في عداد الوسائل المساعدة في عملية التدريس، وأكثر الأمور التي وفرتها هذه التقنية هي المساعدة على ضبط الصفوف

يضيف "حسن": «لقد قصدنا من وراء هذه التقنية رفع سوية التعليم في هذه المؤسسة، وأن تكون مدرستنا مميزة بين المدارس الأخرى، كما نطمح أن يكون تلاميذنا من الأوائل وفي جميع المجالات، وأن يكونوا مميزين من حيث الفهم والعلم والسلوك».

الكاميرا تتوسط حائط الصف

السيدة "غازية عبد القادر الجلبي" مديرة مشرفة من قبل مديرية التربية "بالحسكة" تقول: «أكثر مشكلة كنا نواجهها سابقاً هي رغبة الأهالي في الدخول إلى صفوف التلاميذ، فهم حريصون على رؤية أطفالهم داخل الحصص الصفية، من حيث المستوى والمشاركة والتقدم بالنسبة للطفل، وهذه الأمور تنعكس سلباً على المدرس من خلال قطع سلسلة الأفكار وهدر الوقت، كما كانت رغبة المديرة في حضور أي درس تشكل عبأً على عملية التدريس».

تضيف "الجلبي": «لقد كانت تردنا بعض الشكاوى من الأهالي بخصوص أطفالهم، وهي أن أطفالهم لم يشاركوا طوال العام إلا مرة واحدة أو مرتين، وفي بعض الأحيان كان يسرد الطلاب أصحاب الخيال الخصب قصصاً غير موجودة، هذه الأمور وغيرها دفعتنا لمثل هذه التقنية، وليس كما يشاع عن تركيب هذه الكاميرات أنها لمراقبة المعلم فقط، فالمعلم هو جزء من هذه العملية، فاليوم وعند سؤال أي شخص عن ولده نقوم بكل بساطة بإعادة الشريط المخزن في الجهاز ليراه أهل الطفل على الواقع».

حتى في الباحة لا تغفل عين الرقيب

وتقول أيضاً: «بدأنا نلمس الجوانب الإيجابية للكاميرات فنحن اليوم نستطيع حضور أي درس وفي أي صف، بل نحن نستطيع حضور أكثر من درس وفي أكثر من صف بوقت واحد، وعليه أصبح بالإمكان مراقبة كيفية إعطاء المعلمة للدروس، ومشاهدة المعلمة وهي تستخدم وسائل المساعدة في الحصة، ونحن كإدارة نقوم بتوجيه المعلمة على الجوانب السلبية والإيجابية التي تغفل عنها المعلمة».

وتختم السيدة "غازية": «لم أجد لغاية اليوم أي سلبية لهذه التقنية بل على العكس تماماً، فكلنا يعلم أن ضمير كل معلم يختلف عن الآخر في العطاء، وقد رأيت أن المعلمات اللاتي كن يعلمن بشكل جيد هن الأكثر ارتياحاً لوجود الكاميرات في صفوفهن، من الممكن أن البداية كانت تحمل نوعاً من الرهبة، ولكن اليوم أصبح الوضع يسير من حسنٍ إلى أحسن».

السيد محمد جهاد الفرج

المهندسة "هيفاء عبد القدوس" المسؤولة عن أجهزة المراقبة تقول: «تم توزيع هذه الكاميرات في كل الأماكن، وتتميز هذه الكاميرات بتقنية التسجيل المستمر والتي تصل لمدة خمسة عشر يوماً، ويوجد عدة طرق لعرض الصور على أجهزة الحاسوب مثل، عرض آني لكل الكاميرات بكاميرا واحدة أو أربع كاميرات أو ست عشرة كاميرا».

تضيف "القدوس": «لقد أصبح الطلاب يشعرون بمراقبة الإدارة المتواصلة لهم، فعند إثارة أي من أنواع الشغب ما على المعلم سوى تذكيرهم بأن المديرة تشاهد ما يفعلون، وعلى الأرجح يعود الصف للانضباط تلقائياً، فهي بكل الأحوال خطوة جيدة وأتمنى أن تحذو كل المدراس والمؤسسات حذونا، فهذه المنظومة هي بمثابة منشط للضمير في كل المجالات وأيضاً الشعور بالمراقبة دائماً، هذه الأمور تصب في مصلحة العمل أياً كان نوعه».

الآنسة "فريدة خضر يوسف" تقول: «للكاميرا فوائد كثيرة فأنا كمدرسة أذكر الطلاب أن الإدارة تشاهدهم، كما أخبرهم أن أهلهم سوف يشاهدون الشريط المصور، ولهذه الطريقة أحصل على نتيجة جيدة إذا لم أقل ممتازة من حيث المشاركة والتفاعل، فقد أصبح مستوى العطاء أفضل من السابق، فأي خلل أو نسيان من قبل المعلمة حتى ولو كان غير مقصود، تقوم الإدارة بالتنبيه لكل المعلمين، وهذه المراقبة رفعت سوية التعليم».

تختم "يوسف" بالقول: «أنا لا أشعر بأن هذه الكاميرا هي لمراقبتي ولكني أنظر إليها على أنها تصب في عداد الوسائل المساعدة في عملية التدريس، وأكثر الأمور التي وفرتها هذه التقنية هي المساعدة على ضبط الصفوف».

السيد "محمد جهاد الفرج" اختصاصي في تركيب كاميرات المراقبة يقول: «بدأت هذه التقنية تنتشر في في كافة الميادين، وهذه الكاميرات وفرت على الكثير من أصحاب الفعاليات الوقت والجهد وحتى التفكير، وتوفرهذه التقنية مراقبة رائعة ومكثفة وخصوصاً للأطفال، وتتميز هذه الكاميرات بخاصيات عديدة مثل العمل عند الحركة فقط، وهذا لا يتطلب من الكاميرا أن تصور في كل الأوقات، ولها عدة درجات تصل إلى سبعين درجة وهذه السعة توفر مشاهدة كل مساحة الصف الدراسي».

يضيف "الفرج": «ينظم عمل الكاميرات أجهزة D.V.R بسعة تصل إلى 2 تيرا يعني /2048 غيغابايت، مما يمكن من تسجيل الأحداث التي تجري لمدة أربعين يوماً متتالية، كما تقوم أنظمة الجهاز بمسح البيانات المخزنة اعتباراً من الأقدم إلى الأحدث، وهذا يوفر إمكانية تدارك أي حدث فيما لو تم اكتشافه قبل أن يقوم الجهاز بمسح البيانات المخزنة في ذاكرته تلقائياً».