لم يكن يعلم "أحمد شاكر" أنه سيكون مساهماً بجهده العضلي في بناء وإنشاء العديد من المؤسسات الرسمية في العاصمة "دمشق" ومثلها في مناطق مختلفة في محافظته "الحسكة"، تلك اللحظة وسعادتها باقية رغم مرور عشرات السنين عليها.

خرج من قريته الريفيّة الصغيرة وهو في عمر مبكر إلى العاصمة "دمشق" ليبدأ رحلة عمر وعمل جديدة، تعدّ أجمل وأهم لحظات ومحطات حياته حسب كلام "أحمد نايف شاكر" خلال حديثه مع مدوّنة وطن "eSyria".

من أجمل المنازل التي رأيتها على مستوى المنطقة، تصميم فني رائع، والأروع أنه من تصميمه وجهده، طبعاً يملك سيرة طيبة لما قام به من أعمال رائعة في مختلف المحافظات، فالحديث عنه وعن تاريخه فيه متعة وتشويق

فرض القدر عليه أن يكون مساعداً في إعالة أسرته، وهذا تطلبّ منه العمل والجهد الكبيرين وعمره لم يكن يتجاوز بعد 12 ربيعاً، اختار لنفسه أصعب مهنة، أحبها ولازمها طويلاً وحقق معها إنجازات كثيرة كما يؤكد، ويروي بعضاً من تفاصيل سيرته وعمله فيقول: «كنتُ صغيراً عندما دخلت القفص الذهبي إذ لم يكن عمري يزيد على 13 عاماً، في ذلك الوقت وقبلها بعام كنت أعمل كذلك على مساعدة أسرتي، ونظراً لأنني من منطقة ريفية لا تتوفر فيها مهنٌ وأعمالٌ كثيرة، فقد قررتُ العمل في مهنة البناء كبنّاء لـ(لبلوك) أو كما يسمى شعبياً "معمرجي" وقد بدأت فعلاً بذلك في مناطق مختلفة من العاصمة التي توجهت إليها بعد عام على زواجي، هناك عملت في أحياء متميزة مثل "مشروع دمر"، "قرى الأسد"، وأماكن أخرى في قلب العاصمة وريفها، ويوماً بعد يوم وجدتُ اهتماماً وإعجاباً من القائمين على عمليات البناء، يزداد استغرابهم عندما يعلمون بأنني من دون شهادة، فكل ما تعلمته كان عبارة عن خبرة ذاتية».

أحمد شاكر تحت ظل تعب السنين في منزله

مع مرور الزمن وتعدد جبهات العمل وتراكم الخبرة، وجد "أحمد شاكر" نفسه جزءاً ممن وضعوا بصمتهم أثناء عمليات بناء أعرق المؤسسات الرسمية في العاصمة، وهو تطور يعدّه الأهم في مسيرته وحياته العملية وحتّى الشخصية.

بدأ بالعمل في مشفى "الأسد" الجامعي، والعمل أيضاً في مشفى "تشرين" ومؤسسات أخرى قال عنها: «العمل في هذه المؤسسات وأماكن أخرى رسمية مثل قصر المؤتمرات، تطلب مني تجاوز الاختبارات والمقابلات أمام كفاءات وخبرات كبيرة، كان النجاح وتجاوز الاختبار يتطلب عدم الخطأ في ملم واحد، خاصة وأنني تعرضت لاختبارات عملية أيضاً، نجحتُ فيها جميعها، كنتً واحداً من بين آلاف الذين كانوا يعملون في تلك المؤسسات، كنتُ أقضي ساعات طويلة وأحياناً أياماً متواصلة بالعمل فيها، ورغم التعب وما يتطلبه العمل في تلك المؤسسات من دقة وإتقان، إلا أن السعادة الحقيقية بالنسبة لي كانت مع إنجاز العمل الموكل إلينا جميعاً، وخلال عملي في العاصمة "دمشق" عُرض عليّ أن أقدم طلباً من أجل التعيين بوظيفة في مؤسسة رسمية، أخبرتهم بأن لذتي في عملي الجهدي والعضلي في البناء والإعمار، فالسعادة الحقيقية عندما أكون بين الأشخاص الذين يبنون ويؤسسون مؤسسات قيمتها كبيرة لمواطني بلدي».

جهد كبير لإنجاز منزله وحديقته

منتصف الثمانينيات كانت له رحلة عمل أيضاً في "لبنان"، وخلالها أيضاً فرض نفسه وقدرته على تنفيذ أصعب المهام بتخصصه، كلما قابل لجنة كان النجاح نصيبه، الثقة بقدراته كبيرة كانت وباقية.

ثم كانت رحلة العودة إلى قريته، ليبدأ فيها بإنجاز كبير، لم يسبق لأحد أن تصدى له في المنطقة حسب كلامه، وعن ذلك قال : «كنتُ بحاجة لبناء منزل خاص لي، وقريتي جبلية والعمل فيها لصناعة منزل صعب ومتعب جداً، تصديتُ للمهمة لوحدي، حيث باشرتُ العمل بحفر الجبل لإنشاء المنزل، كان عملاً شاقاً، استغرق مني العمل أكثر من أربعة أشهر، أصبح عندي منزل من أجمل المنازل في المنطقة، لأن قريتي سياحية وتجذب الزوار، كان قراري أن يكون منزلاً مميزاً لأجذب الزوار وضيوف القرية، وهو ما حدث، فبعد أن صممت المنزل بشكل مميز، زرعت في حديقته مختلف النباتات والأشجار والورود، إلى جانب ذلك لديّ عمل في إنجاز وبناء منازل ومؤسسات عدة بمنطقتي، يكفيني أنني بعد كل السنين من العمل بنيتُ اسمهاً مهماً في ذاكرة الأهالي».

من بين الزوار الذين استهدفوا منزله في قريته "عز الدين خلف" من أهالي مدينة "القامشلي" الذي قال عن زيارته: «من أجمل المنازل التي رأيتها على مستوى المنطقة، تصميم فني رائع، والأروع أنه من تصميمه وجهده، طبعاً يملك سيرة طيبة لما قام به من أعمال رائعة في مختلف المحافظات، فالحديث عنه وعن تاريخه فيه متعة وتشويق».

"أحمد شاكر" من مواليد 1958 قرية "دير أيوب" التابعة لبلدة "الجوادية" 70 كم عن مدينة "القامشلي"، وأجري اللقاء بتاريخ 20 نيسان 2021.