لم تمنعه ظروفه الصحيّة وبتر قدمه من متابعة ناديه بشكل يومي، مواظبٌ على التواصل معه خلال تمارينه ومبارياته منذ سنين طويلة، متحدٍّ لكل الظروف الجوية ومصاعب الحياة، فكان عشقه للنادي استثنائياً.

مدوّنةُ وطن "eSyria" رصدت مراراً "محمد يوسف" وهو أحد أبرز وأهم مشجعي نادي "الجهاد" الرياضي في ملاعبه بمدينة "القامشلي" تحت المطر وأيام البرد، وخلال ذروة فصل الصيف وحرارته المرتفعة، له تفاصيل كثيرة مع ناديه، قال عنها: «ولد الحب والعشق لنادي مدينتي "القامشلي" "الجهاد" باكراً، فانتسبتُ في فترة مبكرة من عمري إلى صفوف الفئات العمرية، ولعبت في المدرسة الكروية وفئتي الأشبال والناشئين، وبعد سنين طويلة من اللعب معه، أعلنت له الحب والوفاء من المدرجات، ولا يجوز أن يمر يوم أو أن تقام مباراة وأنا بعيد عنهم».

يتواجد قبلي وقبل اللاعبين في الملعب لحضور التمرين والمباريات، وجوده عامل إيجابي كبير لصغاري ولي، يحاول ورغم وضعه الجسدي أن يساعدنا في التمرين بأي شكل من أشكال المساعدة، إذ إنّه يملك روحاً طيبة، وهو عاشق ومحب كبير لنادينا

يتابع حديثه عن مشواره مع النادي: «بعد فترة اللعب وارتداء قميصه، أصبحتُ بشكل يومي في الملاعب أحضر التمارين والمباريات الودية والرسمية، وحتى الاجتماعات مع الجمهور، كل وقتي في الملعب، أحضر قبل التمرين بساعة وأغادر آخر شخص، مهما كانت ظروف الطقس، كنت وما أزال بملعب "الجهاد"، مع كل الفئات، أرافق اللاعب المصاب إلى المشفى، أزوره في منزله للاطمئنان عليه، لا أنام في منزلي، إذا كان هناك حدثٌ سلبيٌّ يتعلق بنادي "الجهاد"، وربما يستدعي الأمر أن أكون في الملعب قبل بزوغ الفجر، وأحياناً يتطلب أن أكون حتى منتصف الليل.

مع الكابتن حمد العبد

كنتُ حريصاً ومهتماً بزوار النادي، أقدم لهم كل ما هو جميل ومميز، لأعطي انطباعاً إيجابياً عن ناديي ومدينتي، هذه التفاصيل عشتها لسنوات كثيرة، وهي باقية عندي حتى اللحظة».

"محمد" أو "أبو سمير" تحفظ ذاكرته قصصاً كثيرة مع ناديه : «سعادتي وحزني مع "الجهاد"، رافقته من محافظة لأخرى، ومن ملعب لآخر، أجوع وأعطش وأتعب، ومن نشوة الفرح قفزت أكثر من مرة من المدرجات لداخل الملعب، أحضن لاعباً أحرز هدفاً، ولم تبق محافظة إلا وذهبتُ إليها، ليس للعمل والسياحة بل لحضور مباراة لفريقي، سافرت مرة إلى "تركيا"، حينها كان لنادينا معسكر هناك، طبعاً في "القامشلي" خلال مواسم معينة كانت الفئات جميعها تلعب بيوم واحد، كنت أذهب من الصباح الباكر حتى المساء نهاية مباراة الرجال، أبقى طوال تلك الساعات، ومعي أكلي وشربي، عندما يكون الفوز نصيبي، أبقى في الملعب أحياناً كثيرة وحيداً حتى تغيب الشمس وأكثر، لأبقى في نشوة فرح الفوز».

لا يفارق نادي الجهاد

عاشق نادي "الجهاد" ولمرض أصابه اضطر الأطباء أن يبتروا له قدماً كاملة، مع ذلك لم يترك الملاعب والتمارين والمباريات، وعن ذلك أضاف: «قبل عدة سنوات أجمع الأطباء على بتر رجلي، وبعد أيام قليلة على البتر، عدتُ إلى المكان الذي أحبني وأحببته، طبعاً أكون موجوداً في أي حصة تدريبية ومباراة لأي فئة كانت، حتى أكسب محبة الجميع، ولست ملتزماً بفئة الرجال فقط كما يتعامل غالبية الجمهور، يكفي أن وجود نادي "الجهاد" أنساني وجعي ببتر قدمي».

الكابتن "حمد العبد" مدرب أشبال نادي "الجهاد" قال عن "محمد": «يتواجد قبلي وقبل اللاعبين في الملعب لحضور التمرين والمباريات، وجوده عامل إيجابي كبير لصغاري ولي، يحاول ورغم وضعه الجسدي أن يساعدنا في التمرين بأي شكل من أشكال المساعدة، إذ إنّه يملك روحاً طيبة، وهو عاشق ومحب كبير لنادينا».

من جانبه الدكتور "ريبر مسوّر" رئيس نادي "الجهاد" يضيف عن أحد أبرز مشجعي النادي: «حالة اجتماعية ورياضية جميلة في نادينا، هذه الظاهرة نقلها إلى كل ملاعب القطر، وهو يتابع ويشجع ويرافق ناديه بصورة حضارية، يحب ناديه ويشجعه بصورة مثالية وراقية، كسب محبة جمهورنا ولاعبينا، بالإضافة إلى محبة واحترام جماهير الأندية الأخرى».

يذكر أنّ "محمد يوسف" من مواليد "القامشلي" عام 1967.