تحملُ مسيرتُه الكثيرَ من الصفحاتِ البيضاء في ميادين الرياضة والتعليم والمجتمع، أسس لعبةً رياضيةً وجمعيةً خيريّة، وله مواقف إنسانية عديدة، يستمر في العطاء ونشر لغة المحبّة السلام.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 3 آب 2019 التقت "زهير خضر الهاجري" في مقرّ عمله الخيري بمدينة "القامشلي" ليسرد عن محطاته العديدة في مجالات كثيرة، وبدأ بالحديث عن الجانب الرياضي: «منذ صغري وأثناء دراستي الابتدائية، كانت لي مشاركاتٌ دائمةٌ بجميع الأنشطة الفنية والرياضية والأدبية، كنتُ ضمن فريق المدرسة الكروي وعشقُ الرياضة وملاعبها استقر بداخلي، وزاد الشغف به مع مرور الوقت، ومع بداية السبعينيات اتجهت للإعلان عن لعبة الملاكمة متأثراً بالملاكم العالمي "محمد علي كلاي"، ولم تكن اللعبة موجودة في المدينة أبداً، باشرت بممارستها بشكل شخصي، وانضم إلي عدد من الشباب، بعد تأسيس مركز صغير خاص بتلك اللعبة، كنت أعتمد على الكتب والصحف للتعرف على قوانين اللعبة، أنجزت عدداً من المباريات على مستوى المدينة، توقفتُ عن اللعبة فترة زمنية فتوقفت اللعبة أيضاً، حتى عام 1983 عندما عدتُ إليها من بوابة نادي "الجهاد" فقد افتتحت مركزاً خاصاً باللعبة في النادي، عززت مكانة اللعبة بالمدينة والنادي بناء على أفكار ومعلومات عنها حصلتُ عليها خلال وجودي مع نادي "المجد" بمدينة "دمشق" أثناء دراستي بالمعهد الرياضي، ففي تلك المرحلة شاركتُ ونافست بلعبة الملاكمة على مستوى أندية العاصمة وتفوقتُ على بطلها».

اليوم نحن في الجامعات ندرس الطلاب، لكننا لا ننسى فضل المعلم والمربي "زهير" كان صديقاً وأخاً، ناصحاً ومرشداً بلغة الأبوة والغيرة، كان يرغب بأن يكون جميع الطلاب في صف المتفوقين، كان يبني بيننا علاقات اجتماعية قائمة حتى يومنا هذا، وهو في ذاكرتنا حتى اللحظة

يتابع عن مشواره الرياضي: «عام 1975 أنجزت للمرة الأولى بطولة للدراجات على مستوى المدينة، حققتُ المركز الأول، والعام الذي بعده حققت البطولة والمركزذاتهما، ومع بداية 1977 توجهتُ إلى التدريب في نادي "الجهاد" فكنت مدرباً لألعاب القوى ولاحقاً مدرب كرة القدم، ثمّ للعمل الإداري حتى عام 2004، بعد أن رسمنا بصمة طيبة، والكثير من الإشراقات على مستوى رياضة المدينة والنادي، تركتُها واتجهت للأعمال الخيرية تطوّعاً».

تنسيق يومي لعمل الخير

أربعون عاماً في مدارس التربية، والكثير من الأسماء التي تخرجت على يديه، يتحدث عن مرحلته بالتربية فيقول: «شاركت بعدد من المعسكرات الخاصة بالإعداد النضالي، وأنجزت لوحتين على مستوى القطر، الأولى عام 1986 لوحة رياضية في عيد الشبيبة، بمشاركة 1192 طالباً وطالبة، والثانية عام 1999 دورة الوفاء في "الحسكة"، تحملت فيها جهداً كبيراً استغرق مني عاماً كاملاً من العمل الذهني والجسدي، فقد كان لي العمل في أكثر من جانب، وخلال مسيرتي بالمدارس التي استمرت 40 عاماً، لم أتقدم خلالها سوى بسبعة أيام إجازات إدارية، وشملت المرحلة حلّ مشاكل الطلاب داخل المدرسة وفي منازلهم، وتأسيس لوحات اجتماعية، منها أنني دونت سجلاً خاصاً بجميع الاختصاصات الطبية لأولياء أمور الطلاب، وأي طالب يمرض أو يحتاج للأدوية والتحاليل، يرافقه ابن المختص لعيادة والده، دون أن يشعروا بأي حرج، فقد كانت الحالة الاجتماعية وروح الزمالة التي صنعتها سبباً في إنجاز حالات من تلك المبادرات، ومن جهة أخرى كانت هناك طالبات يملكن ملابس غالية الثمن لأنهن من أسر غنية، عند نهاية الدوام الدراسي، أطلب منهن بلغة الأخوة والأبوة والتطوّع بجلب تلك الملابس بأبهى صورها، لتمنح إلى الطالبات غير المقتدرات على الشراء، دون أن يعرف أي طرف بالموضوع، والمحبّة والحرص على بعضهن كان النتيجة النهائية».

طوال مسيرته التربوية كان ضمن أفضل ثلاثة مدربين على مستوى المحافظة، وفي الجانب الخيري والإنساني له قصص جميلة وكثيرة يتحدث عنها: «الجانب الخيري والإنساني، وجد بداخل جدي، وسمعتُ عنه مواقف كثيرة ورائعة دونتها في ذاكرتي، وعاهدتُ نفسي بالسير على نهجه، كثيراً ما بكيتُ وأنا صغير خاصة أيام الأعياد على حال الفقراء، الذين لا يملكون نقودَ شراء الملابس والحلوى، وقبل تأسيس الجمعيات الخيرية في منطقتنا كانت لدي تجارب خيرية شبيهة بعمل تلك الجمعيات، ومنذ التسعينيات أسستُ مع عدد من الشباب -وصل عددهم لـ60 شخصاً- صندوقاً خيرياً لتوزيع مضمونه على المحتاجين، كنت المحرض والمبادر بالبحث عن جميع المتبرعين مع بداية كل شهر، بالتزامن قررنا تأسيس خيمة خيرية مع كل مستلزماتها ووضعها في مقبرة المدينة، بعد الحصول على الموافقات الرسمية، في ذلك الوقت أيضاً كانت هناك سلل غذائية توزع من قبلنا على الأسر المحتاجة، وأول جمعية خيرية تأسست بالمدينة قررنا منحها تلك الخيمة، ليستفيد منها أكبر قدر من المواطنين، أمّا عام 2015 فقد ساهمت مع عدد من المحبين في تأسيس جمعية خيرية، تكون طريقنا للوصول إلى الناس وتقدّم كل أشكال العون والمساعدة».

"رضوان علي" تحدث عن معلمه أيام الدراسة "زهير الهاجري" فقال: «اليوم نحن في الجامعات ندرس الطلاب، لكننا لا ننسى فضل المعلم والمربي "زهير" كان صديقاً وأخاً، ناصحاً ومرشداً بلغة الأبوة والغيرة، كان يرغب بأن يكون جميع الطلاب في صف المتفوقين، كان يبني بيننا علاقات اجتماعية قائمة حتى يومنا هذا، وهو في ذاكرتنا حتى اللحظة».

أمّا "فؤاد القس" رئيس نادي "الجهاد" السابق، وأحد زملاء "الهاجري" يبين بعض مزاياه: «بذرة الخير لا تفارقه، يحبّ الخير وتقديم المساعدة بشكل يومي، هو صديق الطفولة والدراسة والعمل، نموذج رائع من التنظيم في كل تفاصيل حياته العملية والتعليمية وحتى مع الأصدقاء، درجة حبّه للناس تكمن في مساعدة ضرير أو صغير لقطع الطريق، وأكثر من ذلك يبعد الأذى عن الطريق، لكي لا يتأذى المارة، يسير في طريق المحبة والسلام، بالنسبة لنادي "الجهاد" له فضل كبير عليه، وقدم خدمات كثيرة إدارياً وفنياً واجتماعياً، ولا ننسى أنّه مؤسس لعبة الملاكمة».

يذكر أن "زهير هاجري" كُرِم ثلاث مراتٍ من قبل قطعته العسكرية تكريماً للوحات الرياضية المميزة التي أنجزها، وكذلك من قبل فرع الاتحاد الرياضي "بالحسكة" ومن نادي "الجهاد"، وهو من مواليد "القامشلي" عام 1956.