تسلّح بالعزيمة، وعاهد نفسه أن يجني التفوق الدراسي، ليحقق طموح أسرة بأكملها، فنال المراد في جميع المراحل، وحصد إشادات كبيرة في تميزه الطبي والإنساني في العمل.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 كانون الأول 2017، التقت الطبيب "خير الدين حسين" ليحدثنا عن رحلته الطيبة والمثمرة في الحياة، والصعوبات التي واجهته لتحقيق الهدف وحلم الدراسة كثيرة، لكنها لم تنلْ من عزيمته، فقال: «وُلدت في أسرة فقيرة جداً، وجدت والداً فقط يعمل أعمالاً عادية وشاقة، انطلقت إلى المدرسة، متسلحاً بالتفوق مهما كانت العوائق، تحقق ذلك بالتتويج في المركز الأول في جميع سنوات الدراسة، كانت لدي مواهب أدبية ورياضية، شاركت في مسابقات الرواد على مستوى المدينة، وحققتُ مركزاً متقدماً بالخط العربي، إضافة إلى دعوتي للانضمام إلى منتخب المدرسة بكرة القدم، ومنه إلى منتخب المدينة، لكنني تخليت عن المواهب من أجل الدراسة. أمّا إشادات المدرسين في جميع المدارس، فكانت كبيرة، وتم إعلانها في الحي والشارع، أخبروا والدي عن اجتهادي وتفوقي، فازداد الحمل عليه، لأنه مثلي لم يكن لديه سوى التفكير بتفوق الابن الأكبر ليعينه ويساعده في المصروف لتحقيق حلمه، وعلى الرغم من انشغالي أحياناً بتلبية طلبات المنزل، إلا أنني نلت المركز الأول على مدرستي في الشهادة الثانوية، مصنفاً بين المتفوقين على مستوى المحافظة، ذلك التتويج عدّه الكثيرون في المنطقة إنجازاً رائعاً ونادراً».

تعاقد مع المستشفى الوطني عدة سنوات، في العام الثاني له، حصل قسم الهضمية على المركز الثاني على مستوى مستشفيات القطر في التميز، وأعلى نسبة للمراجعين، وذلك بجهوده الكبيرة. وفي عمله اليومي، هو قمة في الإخلاص والعطاء، فاستحق جهده ذلك التتويج

أثناء الدراسة الجامعيّة، انطلق نحو مساعدة أسرته، لأن صورة والده لم تكن تفارقه: «بعد نيل الشهادة الثانوية، طلبت من والدي التخصص بدراسة أقل صعوبة من كلية الطب؛ لسرعة التخرج، والمساعدة في مصاريف المنزل، فرفض بشدة، وطلب مني دراسة الطب البشري، نفذتُ أمره والتحقت بجامعة "دمشق"، مصروفي الشهري لم يكن يتجاوز الـ1000 ليرة سورية فقط، ليس هناك سبل أخرى، وعليّ التضحية، حرمت نفسي من شراء الملابس والترفيه والخروج مع الأصدقاء وغيرها الكثير، وضمن الكلية حافظت على التميز، وأثناء وجودي في "دمشق"، وجدتُ إقبالاً كبيراً من أهالي "الحسكة" للعلاج والتشخيص لأمراض تنظير الكولون، وتصوير الطرق الصفراوية، كانت هذه الظاهرة دافعاً للتخصص في شعبة الداخلية والهضمية، لكونه الطب الباطني و"أبو العلوم"، والتخصص نادر في المحافظة، التزمت به. الجانب العملي كان من أولوياتي الكبيرة في المستشفيات الحكومية والخاصة لزيادة الخبرة والاستفادة من الأساتذة الكبار، وحصلت على شهادة أمراض الداخلية من وزارة الصحة، هذه ميزة لطلاب الدراسات فقط، بدوره الأستاذ "علي سعدة" في مستشفى "المجتهد" أثناء الاختصاص الفرعي لأمراض جهاز الهضم، أشاد بالمستوى العلمي المتطور لدي، وطلب مني البقاء في العاصمة ومتابعة العمل بعد التخرج، كان جوابي: هناك أسرة وأبناء للمحافظة بانتظار تخرّجي».

العمل الجراحي النادر

يتابع الطبيب "خير الدين" حديثه عن مشواره: «عندما كنت طالب دراسات عليا، كنت أرسل المال إلى أسرتي؛ فمنحة الطالب في تلك الدراسة كانت شهرياً مبلغ 2950 ليرة سورية، تبقى لي 500 ليرة سورية، وأرسل الباقي إلى الأهل، خاصة أن المزايا المجانية كانت كثيرة، كالسكن، والطعام، والتدريب. مع بداية عام 2015، توجهت إلى مدينة "القامشلي"، وفتحت العيادة بإمكانيات مالية ضعيفة، ومع ذلك كانت المعاينات للفقراء والأيتام والجمعيات الخيرية مجانيّة، وإلى الآن هناك مرضى من جميع مناطق المحافظة، ومن دول "العراق"، وقبل الحرب مرضى من "تركيا". في عام 2010، تم اختيار 7 أشخاص من البلد ببعثة طبية إلى دولة "الهند"، كنت من بينهم باختيار من وزارة الصحة، وإلى "تركيا" ببعثة مشابهة ضمن ثلاثة أطباء تم اختيارهم من "الحسكة"».

"غالية محمد" من أهالي منطقته، قالت عن الطبيب "خير الدين": «مؤخراً قام بإنقاذ شاب يربطنا به صلة قرابة، من خلال عملية جراحية تنظيرية، تكللت بالنجاح، هي الأولى من نوعها على مستوى المحافظة، إضافة إلى الحالات الإنسانية الكثيرة التي تشهدها نقطته الطبية يومياً، والكفاءة الطبية العالية التي يتحلى بها، ووفر على المواطنين الجهد ومصاريف السفر من منطقتنا إلى "دمشق"، وهناك أساتذة في العاصمة يوجهون المرضى إلى زيارته».

الدكتور "عمر العاكوب" مدير المستشفى الوطني في "القامشلي"، قال: «تعاقد مع المستشفى الوطني عدة سنوات، في العام الثاني له، حصل قسم الهضمية على المركز الثاني على مستوى مستشفيات القطر في التميز، وأعلى نسبة للمراجعين، وذلك بجهوده الكبيرة. وفي عمله اليومي، هو قمة في الإخلاص والعطاء، فاستحق جهده ذلك التتويج».

يذكر أن الدكتور "خير الدين حسين" من مواليد قرية "السوكية" في "ريف القامشلي"، عام 1973.