سخّر الخدمات والمهن التي تعلمها باجتهاد شخصي لمنطقته "المالكية"، فترك بصماته في مجال الزراعة والصناعة، وأثره الإيجابي في الجانب الاجتماعي لمنطقته.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 24 أيار 2016، وقفت عند سيرة الراحل "يوسف إيليا" من أبناء قرية "الكاظمية" التابعة إلى منطقة "المالكية" التي وُلد فيها عام 1925، ليتصدى للحديث عن رحلته الشيقة في الحياة ابنه "سمير يوسف إيليا"، فبدأ الحديث بالقول: «منذ طفولة والدي كان يراه الجميع متميزاً بالمنطقة بنشاطه واهتمامه بالأشغال اليدوية، فكان يصنع بعض الألعاب البسيطة الخاصة بالأطفال من بقايا الطبيعة، وفي سن المراهقة كان يهوى الجلسات الاجتماعية وكثرة الزيارات لأهالي القرية ومساعدتهم في أغلب جوانب حياتهم العملية اليومية، حيث قام وهو لم يتجاوز 13 عاماً بصناعة حجر الرحى، ولحاجة الناس إليه في ذلك الوقت تنقل هذا الحجر من منزل إلى آخر، ومن قريتنا إلى القرى المجاورة.

يعد إدخاله للسينما إنجازاً فنياً واجتماعياً، وكان ذلك عام 1959، حيث ساهم ببناء علاقات اجتماعية كثيرة، ونشر ثقافة جديدة في منطقتنا، كما ساهم بحنكته بحل الخلافات بين أبناء المنطقة، فما كان يلبث أن يسمع بخلاف أو شجار في إحدى المناطق؛ حتى يذهب إلى تلك القرية لبتر الخلاف قبل أن يتسع. أمّا في الأرض فقد عاش فيها أغلب سنوات عمره، وحتّى قبيل رحيله عن الحياة بأيام قليلة كان يعمل فيها بيده، ويبقى له فضل كبير على أفراد أسرته أيضاً، فلديه عشرة أبناء، وجميعهم نالوا الشهادات العلمية، ولم يكن يرفض أي شخص يريد العمل لديه، فنجد في أرضه أكبر عدد من العمال

وعلى الصعيد العلمي درس والدي بمفرده عدّة لغات، منها: "العربية، الكردية، التركية، الإنكليزية"، حتّى إنه مارس مهنة الترجمة لعدد من الوفود الأجنبية التي زارت المنطقة في الماضي، علماً أنه لم يدرس في المدرسة سوى الصف الأوّل الابتدائي».

آلة السينما التي قام بتركيبها في المالكية

أمّا المجال الزراعي، فكان شغله الشاغل، واحتل جزءاً كبيراً من حياته اليومية، وعن ذلك يحدثنا ابنه بالقول: «قدم خدمة جليلة للمنطقة عندما صنع باجتهاده آلة خاصة بجني محصول "البيقية"، وهو من قام بزراعة ذلك المحصول في قريته كتجربة جديدة، حتّى الجرار الزراعي؛ اشترى جميع القطع من "حلب" وقام بتطبيقه بالكامل بعد عشرين يوماً من العمل المتواصل. وكانت له بصمات كثيرة في بعض الآلات الزراعية الأخرى، مسخراً خبرته التي اكتسبها لكل مزارعي وأبناء المنطقة، فكان يساعدهم بأعمال الميكانيك والآلات والصيانة من دون مقابل، وكان يعمل ضمن الأرض بساعات عديدة مع العمال، ويبدي اهتمامه بهم وحرصه على توفير سبل العمل والراحة لهم. كما اشتهر بمهارته بالصيد، وقد صُنّف كأمهر الصيادين على مستوى المحافظة، وكان يُعلّم من لديه الرغبة في الصيد من الشباب.

أمّا على الصعيد الاجتماعي، فإنجازه الأهم كان إنشاء سينما صيفية في "المالكية"، ولم تكن المنطقة تعرف حينها أي شيء عن دور السينما، وقام بنفسه برسم طريقة تركيب آلة العرض التي قام بشرائها، ومن خلال الورقة التي رسم عليها قام بتركيبها بعد أن أدهش الجميع، لأن الآلة كانت معقدة جداً».

سمير إيليا

"محمّد سليم محمّد" من أبناء منطقة "المالكية" وأحد المُقرّبين من الراحل، حدثنا عن الأثر الاجتماعي الذي تركه في منطقته قائلاً: «يعد إدخاله للسينما إنجازاً فنياً واجتماعياً، وكان ذلك عام 1959، حيث ساهم ببناء علاقات اجتماعية كثيرة، ونشر ثقافة جديدة في منطقتنا، كما ساهم بحنكته بحل الخلافات بين أبناء المنطقة، فما كان يلبث أن يسمع بخلاف أو شجار في إحدى المناطق؛ حتى يذهب إلى تلك القرية لبتر الخلاف قبل أن يتسع. أمّا في الأرض فقد عاش فيها أغلب سنوات عمره، وحتّى قبيل رحيله عن الحياة بأيام قليلة كان يعمل فيها بيده، ويبقى له فضل كبير على أفراد أسرته أيضاً، فلديه عشرة أبناء، وجميعهم نالوا الشهادات العلمية، ولم يكن يرفض أي شخص يريد العمل لديه، فنجد في أرضه أكبر عدد من العمال».

يذكر أن "يوسف إيليا" توفي عام 2005.