تميّز بهوايته الفريدة في الجزيرة السورية، جامعاً مئات القطع التراثية والأثرية، ليبحث عنها بعديد القرى والبلدات والمحافظات، واختار لها معرضاً تراثياً ضمن منزله لا مثيل له.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 أيلول 2015، زارت المعرض التراثي النادر والاستثنائي على مستوى منطقة الجزيرة السورية، الذي يضم مئات القطع والأدوات القديمة، التي تتجاوز أعمار بعضها مئات السنين، وقد قام بجمعها وشرائها والحفاظ عليها السيد "أندراوس ملكي شابو"، وليسرد لنا عن قصته مع هذه الهواية المميزة، بدأ من بداياتها: «حب التراث وجمع أدوات وقطع الماضي البعيد وجدتها عند والدي المرحوم "يوسف ملكي شابو"، وأكثر من خمسين عاماً وهو يلملم ويجمع القطع التي يحصل عليها، والتي يجدها أثرية وتاريخيّة، وبعد فراقه للحياة قبل 15 عاماً، حافظت على الأمانة، وتابعت أيضاً عملية الجمع والتقصي عن أي معلومة تصلني إلى قطعة أثرية مهما كانت في منطقة بعيدة، ومن أجل تلك الهواية والحفاظ على تراث الماضي قطعت مرات عديدة السير إلى قرى وبلدات ومناطق، ولا مانع لدي من تقديم أي مبلغ مالي في سبيل الحصول على قطعة ما هي غائبة عن المحتويات والأدوات الموجودة لدينا، فباتت المعلومة لدى جميع أبناء المنطقة بأنني هاوٍ لهذه المهنة، والكثيرون منهم كانوا يأتون إلى منزلي وهم يحملون معهم قطعة أو أداة لم تعد صالحة للعمل، وهي من عمر الماضي البعيد».

أنا من أبناء الريف وعشت فيها سنوات طويلة، وكنت أجهل الكثير عن أدوات وتراث الريف، فكانت فرصتي أن أتعرف إليها ضمن هذا المعرض الجميل، فوجدتُ أكثر مما توقعت، وكانت المتعة الحقيقية والأهم أن الزوار كثر، وحتّى من أبناء الريف؛ وهو ما يعني أن ماضينا حاضر بهذا المعرض

ويضيف عن مشواره مع هذا المهنة قائلاً: «حصلت على قطع من باقي المحافظات أيضاً، فقد قمت بشراء "الجاروشة" من منطقة "عفرين"، ودلّة للقهوة من "حماة"، بعض القطع التي اشتريتها أو حصلت عليها كلفتني جهداً كبيراً ورقماً مالياً عالياً، لكن الأهم النجاح في شراء ما أسعى إليه، وليس لي همّ أو تفكير في الحياة إلا هذا الموضوع، بل لا تهمني ملذات الحياة وشراء الملابس الخاصة بي بقدر تفكيري في كسب أداة من أدوات الماضي التراثيّة، وعندما وصلت إليّ قطع تتجاوز الـ300 قطعة جعلتها في منزلي الخاص، وافتتحت منها معرضاً تراثياً جميلاً، وبدأ الأهالي ومن كل الأنحاء والمناطق زيارته، حتّى تلاميذ المدارس وأطفال الروضات والزيارات العائلية تفضل أن تقضي زياراتها وبرنامجها الترفيهي ضمن معرضنا، ويومياً هناك زيارة من مجموعة معيّنة أو منظمة ومؤسسة لدارنا لمشاهدة تراث ماضينا، وبذلك أشعر بأنني حققت شيئاً مهماً، وعندما تقام معارض في مدينة "القامشلي" فإنهم يستعينون ببعض المواد من عندي، ولا أتردد في تقديم أي عمل يساهم بعرض تراث الماضي للأجيال الحاضرة واللاحقة التي لم تجد تلك المواد سابقاً، وضمن المعرض أدوات عمر بعضها تتجاوز الـ100 عام، ومن الأدوات الموجودة: "المحراث القديم، الجاروشة، الملاعق الخشبية، سراج الخيل، السرير الخشبي، الفوانيس"، وغيرها الكثير وخاصة ما يتعلق بالرعي والزراعة وصناعة القهوة العربيّة».

ضمن معرضه

ويختتم السيد "أندراوس شابو" حديثه عن تجربته المهمة في منطقته عندما قال: «منذ مدة وأنا أجلس أمام المنزل لساعات طويلة، ربما للحصول على قطعة تلزمنا من أحد الباعة المتجولين، وهو ما تحقق لي عدة مرات، فالحفاظ على حيوية المعرض بات من أولويات الحياة عندي، وقد عرضت علي مبالغ كبيرة من أجل بيع قطع منها لكنني رفضت، وازداد تعلقي واهتمامي بالمعرض بعد عدة زيارات من قبل "مدوّنة وطن" والتدوين عن المعرض وأدواته بطرائق وأشكال مختلفة، ومن خلال زياراتها تواصل معي العشرات من أبنائنا في الغربة والدول الأوروبية يقدمون الشكر والعرفان لعملنا».

وكان لـ"خليل صالح المحمود" من أبناء منطقة "الرميلان" حديث عن زيارته للمعرض، فقال: «أنا من أبناء الريف وعشت فيها سنوات طويلة، وكنت أجهل الكثير عن أدوات وتراث الريف، فكانت فرصتي أن أتعرف إليها ضمن هذا المعرض الجميل، فوجدتُ أكثر مما توقعت، وكانت المتعة الحقيقية والأهم أن الزوار كثر، وحتّى من أبناء الريف؛ وهو ما يعني أن ماضينا حاضر بهذا المعرض».

بعض المواد في معرضه